مظاهرات لنصرة غزة ومسؤولية قادة الرأي

08:2712/08/2025, الثلاثاء
تحديث: 12/08/2025, الثلاثاء
إحسان أكتاش

في يوم الجمعة الماضي، خلال مشاركتنا في برنامج على قناة TV Net، وجه لي حسن أردوغان سؤالًا مهمًا: "في كل دول العالم، تُقام التظاهرات بغرض دفع السلطات الرسمية إلى اتخاذ موقف. وفي تركيا، فإن موقف الدولة واضح وقوي بالفعل، حيث يشارك رئيس الجمهورية وجميع مؤسسات الدولة بكل ثقلها في هذا المسار.فهل يعود ضعف المظاهرات في تركيا إلى هذا الحضور القوي للدولة؟" كان جوابي كالتالي: بالتأكيد، في الدول التي ضعفت استقلاليتها السياسية تحت قبضة الصهيونية، مثل بريطانيا وألمانيا وهولندا والولايات المتحدة والدول الإسكندنافية،

في يوم الجمعة الماضي، خلال مشاركتنا في برنامج على قناة TV Net، وجه لي حسن أردوغان سؤالًا مهمًا: "في كل دول العالم، تُقام التظاهرات بغرض دفع السلطات الرسمية إلى اتخاذ موقف. وفي تركيا، فإن موقف الدولة واضح وقوي بالفعل، حيث يشارك رئيس الجمهورية وجميع مؤسسات الدولة بكل ثقلها في هذا المسار.فهل يعود ضعف المظاهرات في تركيا إلى هذا الحضور القوي للدولة؟"

كان جوابي كالتالي: بالتأكيد، في الدول التي ضعفت استقلاليتها السياسية تحت قبضة الصهيونية، مثل بريطانيا وألمانيا وهولندا والولايات المتحدة والدول الإسكندنافية، يسعى الشعوب لإقناع حكوماتهم باتخاذ موقف ضد الإبادة الجماعية. وإذا كان السياسيون في فرنسا أو بريطانيا أو كندا أو أستراليا اليوم يدلون اليوم بتصريحات تدعو لوقف الإبادة، فاعلموا أن ذلك نتيجة الضغط الشعبي الهائل الناتج عن المظاهرات الحاشدة في الشوارع.

ولا تقتصر أهداف المظاهرات المناهضة للإبادة على إقناع الدولة فحسب، فالاحتجاجات التي تُنظم في جميع أنحاء العالم تمثل حركة ضمير عالمية، تستمدّ قوتها من بعضها البعض. فمثلاً، عندما تنتشر أخبار احتجاج في إحدى الجامعات الأمريكية بين ملايين المؤيدين لفلسطين، أومسيراتٌ لنساء في الدول الإسكندنافية يحملن أطفالًا ملفوفين بأقمشة ملطخة بالدماء، فإنها توقظ الضمير الإنساني في مختلف أنحاء العالم.

مثال حي من تركيا: عندما اتخذ قرار تنظيم مسيرة في "إمينونو"، سررت كثيراً. فموقعُ المظاهرة يعزز قوة الرسالة. والمسيرات وسط لندن، أو على جسر سيدني، أو في طوكيو، تترك أثراً بالغا في الذاكرة العالمية. وبمجرد انطلاق المسيرة في إسطنبول، تحولت معالم "إمينونو" و"سركجي" وقصر "توب كابي" إلى رمز بصري للتضامن مع فلسطين في وسائل الإعلام العالمية. كما حدث عندما رُفع العلم فوق "برج غالاطا" الذي يحتفظ نصف العالم بصورته في ذاكرتهم.

وحتى لو كان شخص واحد فقط يحتج أو يطالب بمقاطعة إسرائيل في أي مكان بالعالم، فإن ذلك يرفع معنويات المظلومين في غزة، كما يستمد الأشخاص المدافعون عن العدالة والضمير قوتهم من التحركات في المناطق الأخرى.

لقد تحدثنا منذ البداية عن ضعف في الاحتجاجات الشعبية في تركيا. ولسد هذه الفجوة، أطلقنا مبادرة صغيرة بعنوان "المبادرة المسجلة". حيث نظمنا سلسلة فعاليات متواصلة لمدة شهر في مكتبة رامي، وعرضنا الفيلم الوثائقي الذي أنتجته قناة الجزيرة عن مستشفى الشفاء. وحتى هذه الأنشطة المتواضعة لاقت صدىً واسعاً على مستوى البلاد.

إن هذه الأمة هي إرث الدولة العثمانية. لقد شارك في الحروب التي دارت في أمريكا الوسطى تاريخيًا مناضلون من اليسار التركي. كما كان لليساريين الأتراك حضور بارز في ساحات القتال دفاعًا عن القضية الفلسطينية. لقد أسس العثمانيون عبر ستة قرون حضارة تميزت بالعدل والرحمة والحكمة والضمير الحي. واليوم، فإن موقف الأمة التركي المتسم بالوجدان الإنساني أصبح حقيقةً يجب الاعتراف بها على الصعيد العالمي.

فلماذا إذن يقلّ النشاط في مجتمع بهذا القدر من الحساسية؟ أعتقد أن السبب الرئيسي يعود إلى عدم تنظيم قادة الرأي بشكل كاف. إن تشكيل لجنة لإبقاء قضية الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة على جدول الأعمال يعد تطوراً إيجابياً للغاية. وأنا على يقين بأنه إذا اتخذ قادة الرأي خطوات منظمة ومستمرة، فإن هذه الأمة سوف تقف خلفهم بقوة وثبات.

ختامًا، تقع المسؤولية الأساسية في قضية غزة وغيرها من القضايا الإنسانية على عاتق منظمات المجتمع المدني وقادة الرأي. فكلما أبدعت هذه المنظمات وأظهرت قيادتها وعبرت عن آرائها بقوة، سارت هذه الأمة في الوقوف معها بحزم. خلفها بعزيمة لا تلين. إن عواصم الغرب اليوم أكثر نشاطًا منا، ولكن يجب علينا نحن المسلمين أن نظهر المسلمون اهتمامًا بقضايانا لا يقل عن اهتمام الغرب بقضيتنا الإنسانية التي نؤمن بها. هذا الوعي والاهتمام سيعزز من مسؤوليتنا الوجدانية.

ملاحظة: سأواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي اقتراح تنظيم فعالية يشارك فيها رجال الدين من جميع أنحاء العالم، ولنرَ ما سيقدره المولى.



#مظاهرات
#غزة
#تركيا
#الغرب
#مسيرة
#احتجاجات