اقتراح بهجلي لـ "تحالف تركيا وروسيا والصين".. خطوة تكتيكية أم استراتيجية؟

08:2221/09/2025, Pazar
تحديث: 21/09/2025, Pazar
نيدرت إيرسانال

صرح رئيس حزب الحركة القومية التركية، دولت بهجلي، قائلا: أمام تحالف الشر الأمريكي الإسرائيلي الذي يتحدى العالم، فإن الخيار الأنسب من حيث العقل والدبلوماسية وروح السياسة والظروف الجغرافية والبيئة الاستراتيجية للقرن الجديد هو بناء وإحياء تحالف تركيا وروسيا والصين (TRÇ). إننا نرغب ونقترح أن يضم هذا التحالف تركيا وروسيا والصين». هذه التصريحات التي أدلى بها دولت بهجلي، لا تحمل رسائل عابرة أو عادية. إنها موجهة بشكل واضح وصريح إلى الولايات المتحدة وإسرائيل، وبشكل خاص إلى الولايات المتحدة، ويمكن اعتبارها

صرح رئيس حزب الحركة القومية التركية، دولت بهجلي، قائلا: أمام تحالف الشر الأمريكي الإسرائيلي الذي يتحدى العالم، فإن الخيار الأنسب من حيث العقل والدبلوماسية وروح السياسة والظروف الجغرافية والبيئة الاستراتيجية للقرن الجديد هو بناء وإحياء تحالف تركيا وروسيا والصين (TRÇ). إننا نرغب ونقترح أن يضم هذا التحالف تركيا وروسيا والصين».

هذه التصريحات التي أدلى بها دولت بهجلي، لا تحمل رسائل عابرة أو عادية.

إنها موجهة بشكل واضح وصريح إلى الولايات المتحدة وإسرائيل، وبشكل خاص إلى الولايات المتحدة، ويمكن اعتبارها بمثابة تحذير بأن "صبرنا قد نفد، وقد تخسرون تركيا".

وتأتي هذه التصريحات في سياق تصاعد العدوان الإسرائيلي الدموي الذي يطال تركيا وجميع دول المنطقة، بما يشمل سوريا، ويؤدي إلى تقسيمها، ويمتد لدعم تنظيم "قوات/بي كي كي" الإرهابي لتعزيز بقائه.

إن إظهار "بطاقة الصين وروسيا" للولايات المتحدة يحمل دلالات استراتيجية: ففي عالم متعدد الأقطاب يشهد صراعات دولية، قد يفسر هذا التحرك على أن تركيا قد تكون طرفاً في مواجهة عداء الغرب الموجه ضد روسيا أولا، وبشكل رئيسي ضد الصين. كما يُلمح هذا الطرح ضمنياً إلى منظمات قطبية عالمية مثل بريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون.

وما لفت انتباهي في تصريحات بهجلي هو استخدامه اختصار TRÇ، ثم قوله: "ونرغب ونقترح أن يتكون هذا التحالف من تركيا وروسيا والصين"

أي أنه يتحدث عن مثلث محدد ومحدود الزوايا، ويقصي تحالف تركيا وروسيا والصين أي مكونات سياسية ودولية أخرى يمكن أن ترتبط به. فهو لا يضم إيران، ولا كوريا الشمالية، ولا بيلاروسيا. ما يجعل هذا التحالف استراتيجيًا لكنه ليس جغرافيًا بالكامل، ويضعه مباشرة في مواجهة الولايات المتحدة وإسرائيل.

إن المنطقة التي تقع داخل هذا المثلث تدخل أيضًا في نطاق اهتمامه، فهو يشخّص مشكلة تفرد الولايات المتحدة، وبالتالي إسرائيل، بالسيطرة على الشرق الأوسط، ويلمّح إلى أنه يمكن أن يدعو القوتين العظميين الأخريين إلى هذه المنطقة، وأن يمهد لهما الطريق بفتح الباب أمامهما.

وعند النظر إلى هذا المقترح في ضوء التطورات الأخرى الحالية، فإنه يبدو واعدًا.

على سبيل المثال، الاتفاقية الموقعة بين المملكة العربية السعودية وباكستان. وقد حظيت باهتمام كبير في دول المنطقة والغرب؛ حيث كانت العناوين دائمًا تتحدث عن "السعودية وباكستان النووية". وقد صرح وزير الدفاع الباكستاني أمس قائلاً: "الاتفاقية تتضمن قدرة نووية وردًا مشتركًا على أي هجوم".

كما أُدلي بتعليقات تقول إنها "ستخلق واقعًا جيوسياسيًا جديدًا في جنوب آسيا". وهذا صحيح. وبالطبع سيكون لها تداعيات على الهند وأفغانستان وإيران، ولكنها قد لا تكون سلبية كما قد يُظن للوهلة الأولى.

والعلاقات بين باكستان وإيران في الفترة الأخيرة ليست سيئة، حيث تتم زيارات رسمية وتوقيع اتفاقيات. والولايات المتحدة تدرك التوازن الحرج في المنطقة، لذلك صرّح الرئيس ترامب خلال زيارته لبريطانيا برغبتهم في العودة إلى أفغانستان واستعادة قاعدة باغرام الجوية الشهيرة، معللًا ذلك بأنها تبعد ساعة واحدة فقط عن المنشآت النووية الصينية.

هذا هو الوضع الحالي، ونادرًا ما يتوافق مع مجرى الحياة الطبيعي. وقبل التوتر بين الهند وباكستان، يجب النظر إلى المستجدات في العلاقات الصينية الهندية، وما إذا كانت ستنجح أم لا.

وكذلك الحال بالنسبة للعلاقات بين الصين وروسيا، والصين وباكستان، وعلاقة كل هذه الدول مع إيران أيضًا. وباكستان تعني أيضًا جزءًا من تركيا. في الواقع، تعني الكثير بالنسبة لتركيا. وعندما تذكر أنقرة وإسلام آباد، تتجه الأنظار إلى باكو أيضا.

بالطبع هناك العديد من المتغيرات في المشهد، وحالة عدم اليقين التي تكتنف النظام العالمي الجديد تشكل تحديًا للجميع. ولكن عند الحديث عن الصين وروسيا وتركيا، فإن هذا يشمل الجميع، سواء أعجبنا ذلك أم لا.

من جهة أخرى، تُعد التدريبات البحرية المشتركة بين مصر وتركيا حدثًا استراتيجيًا لافتا، خاصة بعد انقطاع دام 13 عامًا، بمشاركة إيطاليا أيضًا. ويأتي هذا التطور في سياق العلاقات الثنائية بين القاهرة وأنقرة، ويُنظر إليه بإيجابية. وتجدر الإشارة إلى أن كل هذه التطورات تبدو وكأنها تأتي خلف كواليس اجتماعات منظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية بشأن فلسطين، عقب الهجوم الإسرائيلي على قطر.

والسياق الاستراتيجي في غاية الوضوح أيضًا؛ حيث تنشر أقوى دولتين عسكريتين في المنطقة أسطولهما في شرق البحر المتوسط مع السيطرة من جهة على قناة السويس ومن جهة أخرى على المضائق - وهو أحد عناصر الحرب الأوكرانية - بالإضافة إلى ما ذُكر في "غرفة العقل" الأولى، من أنه يُتيح الفرصة لمرور آمن لأسطول الصمود.

ويجدر بنا أن نشير إلى الرسائل المتبادلة بين الهند واليونان بعد يومٍ واحدٍ فقط، نظرًا لأهمية الأمر.

قال مودي: "لقد استمتعت كثيرًا بلقائي مع ميتسوتاكيس اليوم. إن الشراكة الاستراتيجية بين البلدين تستمر في النمو في مجالات التجارة والدفاع والأمن".

وبالعودة إلى تصريحات السيد بهجلي، فإن اقتراحه بتشكيل تحالف "TRÇ"، سواء كان تكتيكيًا، أو استراتيجيًا، أو جيوسياسيًا، يقدم إجابة للأطروحة التي ندافع عنها منذ البداية كردّ على سؤال: "كيف يمكن إيقاف إسرائيل؟"

إن هذا الاقتراح يهدد "النموذج الأمريكي"، الذي يُعد خطة لإدارة منطقة الشرق الأوسط الكبير في ظل صراعات النظام متعدد الأقطاب.

إذ يلوّح الخطاب القائم على المقولة المبسّطة: "إسرائيل لا يوقفها سوى أمريكا"، بإمكانية الإضرار بالولايات المتحدة، وهذا هو المعنى الحقيقي لإشراك الصين وروسيا. إنها عقلية تهدف إلى إدخال بكين وموسكو في الشرق الأوسط.

لقد ناقشنا مرارا خرائط "النموذج الأمريكي"، الذي رسمه السفير باراك، مسمّيًا دولًا بعينها. واليوم، نرى ذات الدول تعود إلى الواجهة، ولكن هذه المرة من زاوية معاكسة تمامًا، عبر مقترح تحالف تركيا وروسيا والصين.

وطبعًا هناك أيضًا مخاطبو هذا التحالف.

ولا شك أن أنظار الولايات المتحدة والصين وروسيا قد اتجهت على الفور نحو أنقرة. ويستحيل أن يتجاهلوا الأمر، بل سيقومون بتقييم دلالاته، وما إذا كان تكتيكيًا أم استراتيجيًا.

ويحتمل أن تتوصل بكين وموسكو إلى قراءة مفادها أنّ: تركيا تلوّح بورقة بالغة الأهمية والحساسية، وهذه الورقة قد تُفعَّل تبعًا لمواقف الولايات المتحدة وإسرائيل. غير أنّ أنقرة لم تُلقِ بها بعد على الطاولة لتكون متاحة للجميع.

#باهجلي
#تحالف
#تركيا
#روسيا
#الصين
#أمريكا