ستتنافس 11 شركة عالمية للشحن وإدارة الموانئ وتخليص الحاويات، على الفوز بعطاء إدارة وتشغيل ميناء الفاو الكبير الواقع في مدينة البصرة جنوب العراق.
شركات من الصين وفرنسا وتايوان والهند والإمارات، وغيرها من الدول ستقدم عطاءاتها على أن يتم اختيار الشركة بحلول يناير/كانون ثاني المقبل، بحسب ما أعلنته الحكومة العراقية مؤخرا.
ويعوّل العراق على الميناء - تربطه طريق برية تمتد إلى تركيا - في تدشين طريق ملاحة عالمية جديدة لنقل السلع بين الشرق وأوروبا عبر العراق وتركيا معاً، بعيدا عن قناة السويس.
وتتوقع السلطات العراقية أن يقدم الميناء الذي سيربط عبر تركيا الخليج بالبحر المتوسط وأوروبا والقوقاز، مساهمة اقتصادية لجميع المشاركين والدول غير المشاركة في المنطقة.
ويقع الميناء الذي أنشأته شركة "دايو" الكورية الجنوبية باتفاقية تبلغ قيمتها نحو 5 مليارات دولار، عند مصب شط العرب، حيث يلتقي نهرا الفرات ودجلة قبل أن يصبا في البحر، ومن المتوقع أن يكون الميناء الأكبر في الشرق الأوسط عند اكتمال جميع مراحله.
وشُيّد الميناء على مساحة 54 كيلومترا مربعا وتبلغ طاقته الاستيعابية 90 مرسى، فيما دخل حاجز الأمواج البالغ طوله حوالي 14 ألفا و523 مترا، موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأطول حاجز أمواج في العالم.
وأقام العراق منطقتين صناعيتين ومشاريع سكنية ومناطق للسفر والسياحة حول الميناء، فيما جرى إنشاؤه على خمس مراحل، انتهت المرحلة الأولى منه هذا العام وسيتم تشغيله مطلع 2026.
وشاركت العديد من الشركات التركية في بناء الميناء الذي سيكون لاعبا حاسما في الجغرافية السياسية للطاقة والتجارة في المنطقة.
ووفق تصريحات سابقة لمدير عام الشركة العامة لموانئ العراق فرحان الفرطوسي، فإن الميناء عند اكتمال بنائه سيكون قادرا على معالجة أكثر من 3.5 ملايين حاوية سنويا.
طريق تجارة عالمية
ولإعطاء مزيد من الحيوية للميناء، دشن العراق وتركيا مشروع "طريق التنمية" الذي يربط الميناء بتركيا عبر بوابة حدودية جديدة في منطقة أوفا كوي (تبعد 15-20 كيلومترا غرب معبر خابور) لنقل البضائع برا ومنها لأسواق تركيا وأوروبا، وحتى إفريقيا عبر البحر المتوسط.
وسيمتد الخط إلى الولايات التركية شانلي أورفا وغازي عنتاب وقرامان وأسكي شهير وإسطنبول وصولاً إلى بوابة كابي كوله مع بلغاريا.
وفي 22 أبريل/نيسان الماضي وقعت تركيا والعراق وقطر والإمارات في بغداد مذكرة تفاهم رباعية للتعاون حول مشروع "طريق التنمية" برعاية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني.
ومشروع "طريق التنمية" عبارة عن طريق برية وسكة حديد تمتد من العراق إلى تركيا وموانئها، يبلغ طوله 1200 كيلومتر داخل العراق، ويهدف إلى نقل البضائع بين أوروبا ودول الخليج.
وأنهى العراق في سبتمبر/أيلول الماضي التصاميم الفنية لمشروع السكك الحديدية في الجانب العراقي، فيما قالت الحكومة إن المشروع سيحتاج 5 سنوات للإنجاز الكامل.
وفي نفس الشهر، صرح وزير النقل والبنية التحتية التركي عبد القادر أورال أوغلو، أن خطط مشروع "طريق التنمية" أوشكت على الانتهاء، وأنه من المتوقع البدء بتنفيذ المشروع عام 2025.
ويعني تدشين الميناء، أن طريقا تجارية جديدة ستدخل إلى الخدمة في وقت تعاني طرق ملاحية من أزمات، إما مرتبطة بالجفاف، مثل قناة بنما بين الأمريكتين، أو مضيق باب المندب بسبب توترات البحر الأحمر، أو مضيق تايوان، بسبب التوترات الجيوسياسية مع الصين، أو مضيق هرمز الذي ظل نقطة ضعف للتجارة العالمية خاصة النفطية منذ عقود.
تنويع الدخل
ويبحث العراق منذ أزمة هبوط أسعار النفط عام 2015، عن تنويع مصادر الدخل بعيدا عن النفط الخام، الذي يشكل قرابة 85 بالمئة من مجمل الإيرادات المالية العامة.
ورغم إعلان رزمة مشاريع زراعية وصناعية، إلا أن تراجع الأوضاع الاقتصادية وضعف المالية العامة لتمويل المشاريع، أبقى على إيرادات صادرات النفط الخام، مصدر الدخل الأبرز للبلاد.
وبحسب وزارة النفط العراقية، بلغت الإيرادات السنوية المتحققة من مبيعات النفط الخام 87.6 مليار دولار، منخفضا بنسبة 31.8 بالمئة عن إيرادات العام السابق له، بسبب هبوط أسعار النفط.
وسيكون الميناء عند تشغيله خيارا لسفن الحاويات المتجهة من آسيا إلى أوروبا إلى جانب خيار البحر الأحمر وقناة السويس المصرية، وبالتالي مصدر دخل إضافي للبلاد.
ويطمح العراق إلى تحويل الأراضي المحيطة بميناء الفاو، إلى مناطق صناعية ولوجستية، بحسب ما أعلنته، الشهر الماضي، الشركة العامة لموانئ العراق (حكومية).