
في مقابلة لوزير الخارجية التركي هاكان فيدان مع قناة "إم بي سي مصر" تطرق خلالها إلى التطورات الحالية في الشرق الأوسط
دعا وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، الدول الإقليمية والمجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات مشتركة ضد سياسة التوسع التي تنتهجها إسرائيل في المنطقة.
جاء ذلك في مقابلة أجرته معه قناة "إم بي سي مصر" الخميس، تطرق خلالها الوزير إلى التطورات الحالية في الشرق الأوسط.
وردا على سؤال حول القمة العربية الإسلامية التي انعقدت في قطر، قال فيدان: "أعتقد أن اجتماع الدوحة عُقد خصيصا لمعالجة الاعتداء الإسرائيلي على دولة عربية أخرى، غير فلسطين"، في إشارة إلى الهجوم الإسرائيلي على قطر.
وأضاف أن "الاجتماع سلّط الضوء على توسّع إسرائيل في المنطقة، ووثق ذلك في اجتماع دولي، ودعا دول المنطقة والمجتمع الدولي لاتخاذ موقف ضد ذلك، وهذه، في رأيي أهم نتائجه".
وأردف: "أعتقد أن القضايا التي اجتمع الزعماء لمناقشتها واتفقوا عليها فيما يتعلق بهذا التطور الجديد أكثر أهمية بكثير مما ينعكس في النص".
وأضاف: "هذا أمرٌ أساسي للسلم الإقليمي، لكن من ناحية أخرى، علينا كدول المنطقة والمجتمع الدولي، مناقشة سياسة التوسع الإسرائيلي في المنطقة واتخاذ إجراءات ضدها، هذا أمرٌ بالغ الأهمية".
- "سنعمل من أجل قيام دولة فلسطين"
وردا على سؤال بشأن أن الحديث لم يعد عن غزة أو القضية الفلسطينية فقط بل عن تهديدات إسرائيل للمنطقة، قال فيدان: "سنواصل الوقوف ضد المجازر المستمرة في غزة وضد محاولات ضم الضفة الغربية، وسنعمل من أجل قيام دولة فلسطين، فهذا شرط لا غنى عنه لتحقيق السلام الإقليمي".
واستدرك قائلا: "لكن في المقابل لا بدّ لنا - دول المنطقة والمجتمع الدولي - أن نطرح على الطاولة ونتخذ إجراءات ضد تحويل إسرائيل توسعها في المنطقة إلى سياسة ثابتة، هذا أمر بالغ الأهمية".
وأوضح فيدان أن إسرائيل تستمد قوتها "من الضعف السياسي والاقتصادي والتأخر التكنولوجي لدى الدول المجاورة لها"، وأن تل أبيب ترى في أي رؤية إقليمية قائمة على الازدهار والقوة والتنمية المتوازنة خطرا عليها.
ولفت فيدان إلى أن الدول الغربية والولايات المتحدة تشارك أحيانا في هذه السياسة، مشددا على ضرورة تغيير هذه المعادلة في المنطقة.
وتابع: "حين تفشل إسرائيل في خلق حالة من عدم الاستقرار بطرق غير مباشرة، فإنها تتدخل عسكريا في المنطقة".
وأردف: "بالطبع فإن إسرائيل الآن كشفت عن نواياها بوضوح، حسبت إسرائيل كل المخاطر وحولت التوسع الإقليمي إلى سياسة تتجاوز القضية الفلسطينية".
وحذر من أن هذه السياسة "يرفضها العقلاء من الإسرائيليين، ففي وقت يمكن فيه أن تعيش جميع الأطراف بسلام، فإن تبني سياسة توسعية كاستراتيجية أمنية أمر خطير على الجميع".
وفي رده على سؤال بشأن إمكانية استخدام علاقات تركيا مع الولايات المتحدة بشأن غزة، قال فيدان إن الرئيس رجب طيب أردوغان، يكرس جزءا كبيرا من وقته في الدبلوماسية الدولية من أجل وقف المجازر في غزة.
وأضاف: "في السياسة الداخلية الأمريكية هناك واقع ترسخ منذ عقود، وهو واقع: من يسيطر على من؟ ومن يدير من؟ وقد أظهرت الأحداث الأخيرة أن الولايات المتحدة ليس لها في الحقيقة ذلك التأثير الذي يُعتقد في رسم سياسات إسرائيل. وربما العكس هو الصحيح".
وفي رده على سؤال حول طبيعة علاقات تركيا مع مصر والسعودية، أكد فيدان أن تركيا حسنت علاقاتها التجارية والسياسية مع البلدين.
وتابع: "في هذه المرحلة، ثمة حقيقة وهي أن التهديدات في المنطقة تدفعنا الآن إلى مزيد من الحديث عن الأمن والتعاون في هذا الشأن، علينا أن نتعاون خاصة في الصناعات الدفاعية، كما نحتاج إلى مزيد من الحديث عن قضايا الأمن المشتركة".
وأشار وزير الخارجية إلى أن تركيا لديها تعاون مستمر مع السعودية في مجال الصناعات الدفاعية، وإلى أن أنقرة تواصل المحادثات مع مصر أيضا بهذه المسألة.
وأردف: "تركيا بحاجة إلى مناقشة قضية الأمن المشترك مع دول المنطقة، وفي مقدمتها مصر والسعودية، بقدر حاجتها لمناقشة قضايا الاقتصاد والتجارة والتكنولوجيا".
وبشأن سوريا، شدد الوزير التركي على أن "أكبر تهديد لاستقرار سوريا حاليا هو عملية عسكرية إسرائيلية محتملة. وإسرائيل كشفت مسبقا عن نواياها في هذا الشأن".
وحذر من أن "السياسات التوسعية الإسرائيلية قد تفتح باب الاضطرابات في سوريا".
وشدد فيدان على أن دول المنطقة، والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، ودول آسيوية، وروسيا، والصين، شكلت تحالفا لمنح الإدارة السورية الجديدة فرصةً والسعي نحو الاستقرار.
وأضاف: "يبدو أن إسرائيل ترى في الموقف الموحد للمجتمع الدولي من هذه القضية تهديدا، على الأقل من حكومة نتنياهو".
وأردف: "آمل ألا تحدث تطورات سلبية في هذا الشأن، ولو حدث ذلك، أعتقد أن له عواقب إقليمية وخيمة للغاية".
** "تعاون وليس هيمنة"
وحول إمكانية إنشاء كيان مشترك يوحد الدول العربية والإسلامية على أساس التنسيق الأمني، قال: "أعتقد أن ذلك ممكن، لأننا عندما ننظر إلى أمثلة أخرى في العالم نجد أن المسألة تتعلق بنظام سياسي وبالوصول إلى هدف سامٍ مشترك".
وأضاف: "أعتقد أن العديد من البلدان الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، وكذلك العديد من البلدان الأعضاء في جامعة الدول العربية، أصبحت لها هياكل دولة وطنية راسخة ومستقرة. ومن هنا يمكن الانتقال إلى نظام سياسي متكامل".
وأكد فيدان أنه إذا قررت القيادات السياسية في هذه الدول المضي نحو هذا الاتجاه، فمن الممكن الوصول إلى مثل هذه الرؤية ضمن إطار منظم، مشدداً على ضرورة البدء من نقطة ما.
وذكر أن دول المنطقة التي تقع فيها تركيا أيضا، يجب أن تتعهد باحترام أمن بعضها البعض، ووحدة أراضيها الإقليمية، وسيادتها.
وأردف: "يجب أن تشعر جميع الدول بالثقة تجاه بعضها، وأن تكون هناك منصة تجعل هذا الأمر ممكنا، وبعد ذلك يمكن بناء الكثير من القضايا الاقتصادية والأمنية على هذا الأساس".
ولفت فيدان إلى أن الصراعات والخلافات بين دول المنطقة على النفوذ سادت فترة طويلة في الماضي، موضحاً أن بعض الدول العربية كانت تقول إن "الأتراك يعودون من جديد، وينتهجون سياسة عثمانية جديدة".
وذكر أن المنطقة شهدت أقاويل عن هيمنة تركية أو عربية أو فارسية، وأنه كانت هناك دوما فكرة هيمنة مفادها "من سيمسك بزمام المنطقة ويفرض نفوذه عليها؟".
وتابع: "أعتقد أن هذا نهج بدائي جداً، وبدلاً من ذلك علينا تعزيز التعاون. لا هيمنة بل تعاون، فحدود الجميع معروفة، والدول محددة، ونحن نحترم بعضنا البعض".
وأكد أن الجيل الحالي قادر على تحقيق ذلك، مضيفاً: "إذا كان الآخرون يفعلون ذلك، فنحن أيضاً نستطيع. وهذا أمر يمكن لجيلنا أن ينجزه".
وقال فيدان: "عندما أتحدث مع قادة المنطقة، أرى بسعادة كبيرة أن الجميع يؤمن بهذه الرؤية".
وأضاف: "حتما ستكون هناك صعوبات ومخاطر في طريق تحقيق هذه الرؤية، ويجب القبول بهذا الأمر مسبقاً".
وأردف: "وقد تكون هذه المخاطر من خارج المنطقة، لكن إذا كانت منطقتنا ستنتج مزيداً من الاستقرار والازدهار للعالم، فإن الطريق إلى ذلك هو تنفيذ هذه الرؤية الذي تحدثتم عنها".
وأعرب فيدان عن إيمانه بإمكانية تحقيق هذه الرؤية، مؤكدا أن الرئيس أردوغان يؤمن جدا بها ويدعمها سياسيا بشكل كبير.
وتابع: "آمل أن نرى ذلك يتحقق ونحن على قيد الحياة، وكل جهودي تصب في هذا الاتجاه".