فيدان: تركيا مستعدة لأن تكون ضامنا فعليا لحل الدولتين

09:2119/10/2025, الأحد
تحديث: 19/10/2025, الأحد
الأناضول
فيدان: مستعدون لتحمل مسؤولية الضامن الفعلي إذا تحقق حل الدولتين
فيدان: مستعدون لتحمل مسؤولية الضامن الفعلي إذا تحقق حل الدولتين

في مقابلة تلفزيونية لوزير الخارجية التركي هاكان فيدان مع قناة "أولكه" التركية


أعرب وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، عن استعداد أنقرة لـ"تحمل مسؤولية الضامن الفعلي في حال تحقيق حل الدولتين" بالأراضي الفلسطينية.


جاء ذلك في مقابلة تلفزيونية مع قناة "أولكه" التركية، السبت.


وأوضح فيدان، أن دور تركيا في فلسطين هو "الوساطة"، وأن بلاده مستعدة أيضا للقيام بما يترتب عليها في حال التوصل إلى اتفاق يوافق عليه الفلسطينيون.


وقال: "هذا أمر هام جدًا. لا يمكن لأي دولة أن تتحمل هذا الالتزام. يكفي أن يُمنح الفلسطينيون دولة على حدود 1967".


وأشار فيدان، إلى أنه ليس من الصواب الثقة بإسرائيل 100 بالمئة.


واستدرك بأن المهم أن يتمخض عن المُجتمع الدولي آلية ضغط فعّالة تجاه إسرائيل، وأن تتحوّل هذه الآليات إلى إجراءات ملموسة على الأرض.


وخلال المقابلة، أعرب فيدان، عن رغبته في توضيح دور "الضمانة" لتركيا للرأي العام، قائلا: "الدور الذي لعبته تركيا حتى الآن هو دور الوساطة. وكان من أجل وقف الحرب".


ولفت إلى أنّ تركيا قريبة وتدعم القضية الفلسطينية وتؤمن بها، وأنها لجأت إلى هذه العلاقة من أجل إيجاد حل.


وأضاف أن "الأمريكيين تربطهم علاقة من هذا النوع مع الإسرائيليين".


وأوضح وزير الخارجية التركي، أن "قوة المهام المبكرة" شكلت من أجل معالجة الأمور العملياتية خلال عملية وقف إطلاق النار في غزة، بما في ذلك المشاكل المتعلقة بتبادل الرهائن والجثث.


ونفى وجود قوة هيكلية تم إقرارها تتبع مهام وقواعد اشتباك محددة.


وبيّن فيدان، أنّ خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام، تتضمن ثلاثة مفاهيم لآليات مؤسساتية وهي: قوة مهام، ومجلس السلام، وقوة استقرار.


وأشار إلى أن النقاشات المبكرة بشأن طبيعة هذه الآليات وتعريف مهامها وتشكيلها ما زالت جارية.


وبشأن إعادة إعمار غزة، قال فيدان: "لكي تُدخِلوا هذا العدد الكبير من العمال والآليات إلى الميدان، يجب أولا أن يستمر وقف إطلاق النار".


وأضاف: "يجب أن تُطرح مسألة التعويضات على جدول الأعمال، وينبغي أن تتم بالفعل، غير أن مسألة التعويض قد تستغرق وقتًا".


وأشار فيدان إلى أن الأمر لم ينته بعد، مشددا أن أولوياتهم الاستراتيجية تتضمن وقف الإبادة المستمرة، وإنهاء اليأس الذي يواجهه نحو مليوني إنسان في أسرع وقت ممكن، ومنع ترحيل الشعب الفلسطيني عن أراضيه وتكرار تجربة التهجير.


وشدد على أهمية حل الدولتين لإنهاء الحرب وضمان عدم تجددها بعد عدة سنوات، مؤكدا أنه طالما استمر الاحتلال والظلم فستكون هناك دائما مواجهة ومقاومة.


وأشار فيدان إلى أن الهجمات على غزة لم تقتصر على المنطقة فحسب بل أثّرت سلبا على شعوب دول أخرى وسياساتها، وأن الضمير الإنساني لم يعد قادرا على تحمل ذلك.


ولفت إلى أن الوهم الذي بنته إسرائيل على مدى سنوات قد تكشَّف وانفضح، مؤكدا أن وقف الإبادة ممكن بإزالة هذا الوهم.


وأضاف: "هدفنا بعد الآن أن تستمر المساعدات الإنسانية، وأن تتسلم هيئة فلسطينية إدارة غزة، وأن يتم التوجه نحو حل الدولتين".


وذكر فيدان أن أكثر من 150 دولة تعترف بدولة فلسطين، مؤكدا على ضرورة العمل من أجل تحويل هذا الاعتراف إلى واقع.


وتطرق فيدان إلى الأرقام المتداولة بشأن الضحايا جراء الإبادة التي ارتكبتها إسرائيل على غزة، معربا عن اعتقاده بأن عدد القتلى قد يزيد على 70 ألفا.


وتابع: "أنا أؤمن بذلك بصراحة. قد يكون من الصعب إعطاء رقم دقيق بسبب طبيعة الدمار، لكني بما أعرفه عن ديناميكية الحرب أظن أن هناك كثيرا من المجازر وعمليات الإعدام التي جرى إخفاؤها عن عدسات الكاميرات".


وأشار إلى أن القضية الفلسطينية كانت دائما تُعترف بها كمشكلة دولية لكن الجهود الدولية المشتركة لم تكن على المستوى المطلوب.


وأردف: "عندما بدأت الحرب هذه المرة، اقترحنا على منظمة التعاون الإسلامي تكوين مجموعة تمثل كل الدول المسلمة جغرافيا وديموغرافيا، لنظهر أمام الرأي العام العالمي بهذا الشكل. نحن كمسلمين، الذين يشكلون نحو ثلث سكان العالم، نقول إنه لا يمكننا أن نبقى متفرجين".


ولفت إلى أن لقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رفقة 7 قادة آخرين مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في نيويورك، عزز روح التضامن بين الدول الإسلامية.


** تركيا مستعدة لأن تكون ضامنا


وذكر فيدان أن اعتراف دول مثل بريطانيا وكندا وأستراليا وفرنسا والبرتغال بدولة فلسطين "خطوة مهمة"، وأضاف أن تركيا جاهزة لتكون ضامنا إذا أفضى المسار إلى حل الدولتين.


وحول رد فعل أنقرة إذا ما انهار وقف إطلاق النار في غزة، قال فيدان: "انهيار وقف إطلاق النار يعني أن إسرائيل ستستخدم تفوقها الساحق في القوة لتقتل الفلسطينيين العُزل".


وأوضح ان حرب إسرائيل على غزة كانت ربما حربا تقليدية في الأشهر الأولى عندما كانت حماس تطلق الصواريخ، لكنها تحولت إلى إبادة جماعية مع قصف المدن وتدميرها.


واستطرد: "لذلك نقول دائما: ما سيبدأ ليس حربا بل إبادة متجددة. لذا يتعين على المجتمع الدولي أن يتصرف واعيا لذلك."


ونبّه فيدان إلى استغلال إسرائيل لقضية الرهائن، وقال إن ذريعة الرهائن غير قائمة الآن، وأنه لا مبرر لاستمرار إسرائيل في تجويع وقتل الشعب الفلسطيني.


ولفت فيدان إلى الانقسام الحاصل في الدول الغربية بشأن القضية الفلسطينية.


وأضاف: "كانوا يقولون طوال الوقت إن الغرب يمتلك تفوقا، ليس فقط تكنولوجيا وسياسيا واقتصاديا، بل تفوقا أخلاقيا، لكننا لاحقا رأينا أنهم يغضون النظر عن الوحشية".


وأكد أن تركيا تقف ضد من يرتكب الإبادة كائنا من كان، إلا أن الوضع مختلف لدى الدول الغربية.


ونوه بالقول إن الدور الأهم حاليا هو رسم منظور استراتيجي وتنظيم الأمور ودفع الجميع نحو التحرك.


وأشار فيدان إلى الفعاليات التضامنية مع فلسطين حول العالم، مؤكدا أن هذا "السيل" سيُحدث سياسيا أشياء كثيرة.


** حاجة لتوزيع الأدوار وتقاسم التكاليف


وفيما يتعلق بإعادة إعمار غزة قال فيدان إن تركيا لديها خبرة كبيرة في هذا المجال لا سيما ما قدمته بعد زلزال 6 فبراير 2023 الذي ضرب وسط تركيا، "ولا مانع من تكرار نفس هذه الخدمة في غزة".


وتابع: "لكن هناك حاجة لتوزيع الأدوار وتقاسم التكاليف بين الدول الراغبة في المشاركة، والمناقشات جارية حول ذلك".


وأعرب عن توقعاته أن يؤدي مؤتمر المانحين إلى الخروج بصيغة لعملية إعادة الإعمار في حال استمر وقف إطلاق النار، مشيرا إلى أن هناك دراسات تكاليف أجرتها مؤسسات مثل البنك الدولي وغيرها.


وأكد فيدان أن موضوع التعويضات عن الأضرار التي لحقت بغزة يجب أن يُعالَج قانونيا وقد يستغرق وقتا.


وأردف: "من الضروري أن يبدأ بناء البنية التحتية لغزة في أسرع وقت. لقد أعلن رئيس جمهوريتنا عدة مرات أن تركيا جاهزة بأجهزة دولتها وشركاتها وهيئاتها المالية للدخول إلى الميدان عندما تتوفر الظروف المناسبة. ليس فقط تركيا، بل المجتمع الدولي مستعد للتحرك. الأمر يحتاج إلى تنظيم".


وأوضح أن إدخال الآليات والعمال إلى الميدان يتطلب استمرار وقف إطلاق النار ووجود ضمانات بعدم انهياره.


وتطرق فيدان إلى اتهامات تصدر عن بعض المعلقين في إسرائيل تجاه تركيا، واعتبرها "شكلا من أشكال العمى الاستراتيجي أو الجهل"، وقال إنها تُطلق لإثارة الجماهير هناك.


وبالحديث عن اتهامات "العثمانية الجديدة" التي تُوجَّه للسياسة الخارجية التركية قال فيدان: "هذا المصطلح اُستخدم كثيرا في الخليج. ولكن الحمد لله لم يعد ذلك موجودا الآن".


واستطرد: "قضية العثمانية الجديدة تتمثل في النقل غير الصحيح لبعض المفاهيم والأحداث التاريخية إلى يومنا هذا واستخدامها كعناصر في برنامج من أجل منع التضامن بين تركيا وأعضاء آخرين في العالم الإسلامي في الخليج".


وتابع: "جربوا هذا في سوريا. قالوا: ’هذا انتصار لتركيا في سوريا، ستأتي تركيا وتهيمن هنا، وتفعل كل شيء. قلنا لا، هذه القضية قضيتنا جميعا. كلنا أشقاء، هؤلاء الناس جميعا أشقاؤنا. علينا جميعا أن نتكاتف ونساعد هؤلاء الناس. هذه المنطقة ملك لنا جميعا. فلنبدأ بسوريا ونتبنى القضايا الإقليمية معا".


وأشار إلى أن الرئيس التركي أدخل مفهوما جديدا يتمثل في التعاون لا في التنافس، مؤكدا أنه إذا كان لا بد من التنافس فليكن تنافسا محمودا.


وأكد فيدان أن تركيا دولة قوية وتتمتع بقيادة قوية، وأنها تستثمر ثقة العالم بها للتعاون لا للهيمنة.


** توسّع إسرائيل بسوريا الخطر الأكبر


وبخصوص لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع نظيره السوري أحمد الشرع قال فيدان: "الحوار مطلوب. الحوار دائما مفيد. أقدّر هذا النضج، فمثل هذا السلوك نراه عند رجال الدولة الحقيقيين. لقد مررنا بذلك مرارا، تشاجرنا ثم جلسنا وتحدثنا. حتى ونحن متخاصمون كنا نجلس ونتحدث".


وأشار فيدان إلى أنهم على تواصل مكثف مع إدارة دمشق، لافتا إلى الزيارات رفيعة المستوى بين البلدين.


وذكر أن تركيا تتعامل مع الملف السوري بجدية بالغة، مؤكدا على ضرورة معالجة القضايا المتعلقة بسوريا، مثل اللاجئين والطاقة والتجارة والمعابر الجمركية، في أسرع وقت ممكن.


ولفت فيدان إلى أن مؤسسات الدولة وقدراتها المؤسسية في سوريا حديثة العهد وتحتاج إلى بناء.


وأوضح أن العلاقات التركية السورية وعلاقات تركيا مع الدول الأخرى بشأن القضايا المتعلقة بسوريا، تسير بشكل منظم للغاية.


وعندما سُئل عن المرحلة التي وصلت إليها الإدارة المركزية في بسط سلطتها في سوريا، قال فيدان: "هذا موضوع نتابعه عن كثب. أول مشروع رئيسي هو توحيد جميع الجماعات المسلحة في البلاد تحت هيكل عسكري واحد".


وأشار فيدان إلى وجود تفاصيل تحتاج إلى معالجة، مشددا على أهمية تحقيق توافق عام.


وشدد فيدان، على ضرورة إدارة مناطق الأزمات بشكل جيد، مشيرا إلى إحراز تقدم ملحوظ في هذا الصدد.


وفي السياق، بيّن أن الخطر الأكبر هو توسّع إسرائيل في الأراضي السورية.


وأضاف: "هذه هي القضية التي ناقشناها باستمرار، وتشاورنا حولها، وناقشناها مع الأمريكيين. على إسرائيل أن تتخلى عن هذا. علينا أن نشرح لهم ذلك".


وأوضح أن خلق الأمن بإبقاء الدول المجاورة ضعيفة ومنقسمة، تمثل استراتيجية محفوفة بالمخاطر، مشيرا إلى أن إسرائيل تواصل هذه السياسة.


وأكد فيدان أن القضية السورية قضية أمن قومي رئيسية بالنسبة لتركيا.


وتابع: "رسالتنا هنا واضحة جدا، لا ينبغي أن تُشكل سوريا تهديدا لأحد، بما في ذلك إسرائيل، ولكن لا ينبغي لأحد أن يُشكل تهديدا لسوريا أيضا".


وأضاف: "إذا كنت تطور سياسة أمنية على مبدأ ’هؤلاء مسلمون عرب سنة، ونحن نفهم نواياهم. إذا عززوا قواهم بعد 50 عاما، فسوف يفعلون بي كذا وكذا، لذلك سأقسمهم الآن وأمزقهم وأبتلعهم وأتركهم في حالة من الفوضى، وأخلق المشاكل‘ فهذه تعتبر سياسة خطيرة للغاية".


وأوضح فيدان أن هذه السياسة لا تؤثر على سوريا فحسب، بل تؤثر أيضا على الدول المحيطة بها، لافتا إلى أن ظهور جماعات إجرامية تستخدم عناصر دينية تحت ستار "داعش" يتطلب مزيدا من التحقيق.


وقال وزير الخارجية التركي: "نخطط لعقد اجتماع ثلاثي قريبًا بين تركيا والولايات المتحدة وسوريا".


وردا على سؤال حول عدد اللاجئين العائدين إلى سوريا من تركيا، قال فيدان: "عاد ما يقرب من 500 ألف لاجئ. نحصي عدد من عبروا الحدود، لكن العودة إلى سوريا لا تقتصر على تركيا فحسب، بل هناك أيضا العائدين من دول أخرى".


وأشار فيدان إلى أنه طالما استمر الاستقرار والأمن في سوريا، سيستمر عدد السكان هناك في النمو، وبالتالي عودة عجلة الاقتصاد للدوران.


وبخصوص اتفاق 10 مارس/ آذار، أكد فيدان أن الانسحاب الفوري لتنظيم "واي بي جي" من المناطق ذات الأغلبية العربية يعتبر أولوية قصوى، ويجب أن يكون الخطوة الأولى، مشيرا إلى أن هذا الأمر لم يُنفذ بعد.


وتابع: "الجميع ينتظر حلّ هذه المسألة، وإذا لم يُحلّ، فمن الممكن توقع اشتباكات خطيرة للغاية".


وأضاف: "تنظيم (بي كي كي/ واي بي جي) يتبنّى موقفًا متطرفا، ويجب أن يزول سلوكه الاحتلالي والاستعماري في أسرع وقت ممكن".


وردا على سؤال حول الموقف المحتمل لتركيا في حال فشل الاتفاق، ذكّر فيدان بأن تركيا في خضم تعاون مع سوريا في هذا الشأن.


وأردف: "(واي بي جي) لم يُصدر حتى الآن أي إعلان ولم يقم بأي خطوة تدل على تخليه عن العناصر التي تشكّل تهديدًا للأمن القومي التركي".


وأكد فيدان أنه لم تُطرح أي خارطة طريق للتخلص من مسلحي "بي كي كي" من أصول عراقية وإيرانية، كما لم يتم تناول إزالة الأنفاق أو أنظمة الصواريخ أو أي عناصر أخرى تستهدف تركيا.


** قبرص


وتطرق فيدان خلال المقابلة إلى العلاقات مع اليونان والوضع في جزيرة قبرص.


وأشار فيدان، إلى أنّ اليونانيين والقبارصة والجميع، يعرفون أن "الشخص الوحيد الذي يمتلك الشرعية السياسية لحل مشكلات تركيا - اليونان، وتركيا - قبرص، هو الرئيس رجب طيب أردوغان".


وفي هذا الصدد، قال: "يمكن تحقيق سلام دائم بين تركيا واليونان في بحر إيجة، دعونا نجعل ذلك ممكنًا، ويمكن تحقيقه في البحر الأبيض المتوسط أيضًا، فلنجعله ممكنًا".


ولفت فيدان، إلى أن إمكانية عيش الأتراك والروم في جزيرة قبرص ممكنة على أساس المساواة والسيادة.

#تركيا
#حل الدولتين
#فيدان
#لمسؤولية الضامن الفعلي