هل تملك حماس أسلحة حتى تُنزع منها؟

08:0319/10/2025, الأحد
تحديث: 19/10/2025, الأحد
ياسين اكتاي

كان واضحًا أن "إسرائيل" مرتكبة الإبادة الجماعية، وهي توقع على اتفاق "خطة ترامب" كانت في الوقت ذاته تُعدّ العدة لانتهاكه. فإسرائيل لا تملك في تاريخها أيّ التزام باتفاق أو احترام لمعاهدة. وحتى عندما تجلس على طاولة المفاوضات مرغمةً، بفعل ضغوط داخلية أو خارجية، فإنها لا تشعر بأي التزام تجاه الوعود التي تقطعها. إنها شخصية مرعبة، تجعلها حين تمتلك القوة، خطرًا داهمًا على الإنسانية جمعاء. وهذه السمة التي ذكرها القرآن الكريم في حقهم، نشهدها اليوم مراراً وتكراراً. ولا يمكن القول إن تصرفاتهم تنبع من تأثرهم

كان واضحًا أن "إسرائيل" مرتكبة الإبادة الجماعية، وهي توقع على اتفاق "خطة ترامب" كانت في الوقت ذاته تُعدّ العدة لانتهاكه. فإسرائيل لا تملك في تاريخها أيّ التزام باتفاق أو احترام لمعاهدة. وحتى عندما تجلس على طاولة المفاوضات مرغمةً، بفعل ضغوط داخلية أو خارجية، فإنها لا تشعر بأي التزام تجاه الوعود التي تقطعها. إنها شخصية مرعبة، تجعلها حين تمتلك القوة، خطرًا داهمًا على الإنسانية جمعاء. وهذه السمة التي ذكرها القرآن الكريم في حقهم، نشهدها اليوم مراراً وتكراراً. ولا يمكن القول إن تصرفاتهم تنبع من تأثرهم بما ورد في القرآن، بناء على القول بأن التوصيفات قد تؤثر على سلوك المرء، فهم لا يقرؤونه ولا يؤمنون به. إن كلام الله في القرآن هو الحق، وها نحن نشهد اليوم صدقه مرة أخرى.


إنقاذ الأسرى أمر بالغ الأهمية لإسرائيل

في الواقع، لم يكن الأمر يهمّ نتنياهو كثيرًا، إذ كان ماضياً في وحشيته الإبادية في جميع الأحوال. فوجود الأسرى بيد حماس لم يكن ليمنعه من مواصلة عدوانه الوحشي على غزة. غير أن الأطراف التي كانت تمارس الضغط عليه، ولا سيما ترامب، كانت تولي قضية الرهائن أهمية مفرطة تصل إلى حدّ الهوس. أما بالنسبة إلى حماس، فقد تبيّن أن احتفاظها بالأسرى لم يحقق لها أي مكسب، ولم يردع العدو عن عدوانه. لذلك، عندما قررت تسليم الأسرى، لم تخسر ورقة ضغط كما يظن البعض؛ بل على العكس، أتاح لها ذلك فرصة لإثبات حسن نيتها في وقف الحرب، وتمكنت عبر اتفاق التبادل من إطلاق سراح نحو ألفي أسير فلسطيني من سجون الاحتلال.

منذ اللحظة الأولى لوقف الحرب وحتى اليوم، انتهكت إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار مرارًا وتكرارًا. فقد قتلت أكثر من 20 فلسطينيًا، وشنّت هجمات على لبنان دون مبرّر. ورغم ذلك، لم يصدر عن الولايات المتحدة، الضامن الرئيس للاتفاق، أيّ تصريح يُدين هذه الانتهاكات. بل رأينا ترامب نفسه يلوّح بعقوبات ضد حماس لمجرد احتمال ارتكابها خرقًا كعنصر تهديد. ويبدو أن العقوبات أيضاً تقتصر على جانب واحد. فإسرائيل، حتى لو انتهكت القواعد مراراً وتكراراً، لا يُوجَّه إليها مجرد تحذير، بينما تُتهم حماس مسبقاً بالدمار، حتى قبل أن تنتهك الاتفاق، وحتى لو كانت سترد على انتهاكات إسرائيل.

وفي الوقت الذي لم تفِ فيه إسرائيل حتى بشروط المرحلة الأولى، يُطلب من حماس أن تنفذ متطلبات المرحلتين الثانية والثالثة على الفور. لقد تحول خطاب تسليم حماس لأسلحتها إلى رواية مختلفة تماماً على لسان ترامب وإسرائيل. لقد أصبحت ذريعة جاهزة يستخدمونها متى شاؤوا، ومبررًا لاستكمال الأجزاء المتبقية من الإبادة الجماعية في غزة.


سلاح حماس الحقيقي هو الإيمان، فهل أنتم قادرون على أخذه؟

حماس نفسها ليست قلقة بشأن مسألة تسليم الأسلحة؛ فهي منذ البداية تؤكد أنها لن تسلّم سلاحها لأي قوة خارجية غير فلسطينية. وتثق أن أي إدارة فلسطينية محتملة في هذا الوقت لا يمكنها التحرك خارج المهمة التي تمثلها حماس. والحقائق واضحة وضوح الشمس. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ الحماس لا تملك أصلاً أسلحة ثقيلة لتسلمها. فأعظم سلاح لديها هو الياسين 105، وحتى كمية ما تبقى منه غير معلومة. وما يجعل هذا السلاح قويًا ليس خصائصه التقنية. بل شيء آخر، فما هو؟

كما تعلمون، أصبح صاروخ الياسين 105، الذي استخدم بكثرة في عمليات طوفان الأقصى منذ 7 أكتوبر، أسطورة من أساطير العملية. لقد أصبح هذا السلاح رمزاً لعملية طوفان الأقصى، لدرجة أنه صُنعت منه مجسمات مصغرة. وعندما أهداني صديق من غزة هذا النموذج، وقال لي إن هذا السلاح موجه، رأى دهشتي من قدرتهم على صنع سلاح تكنولوجي في تلك الظروف، فابتسم عندما رأى أن المزحة قد انطلت علي، حينها أدركتُ أنه يمزح، لكن شرحه كان أكثر عمقاً، ويوضح بدقة ما هو سلاح حماس الحقيقي:

نعم، هذا الصاروخ مُوجَّه، لكن التوجيه ليس داخل السلاح نفسه، بل في قلب المجاهد الذي يستخدمه. وإلا لو وُجد هذا السلاح في أياد أخرى لَما استُخدم بنفس الفعالية. في الواقع، أولئك الذين لم يفهموا أن أسلحة حماس الحقيقية ليست في الأدوات التي بحوزتهم، بل في الإيمان المتأصل في قلوبهم، هم من يتحدثون عن نزع سلاح حماس. لكن حماس تكتفي بالضحك على ذلك. فصمتهم حتى الآن هو في الواقع ضحك مكتوم على المفارقة التي يشهدونها. حتى لو سلّمت حماس كل أسلحتها، فطالما لا يستطع أحد نزع ذلك الإيمان من قلوب مقاتليها، فإن عودتها للتنظيم والحشد والنزول إلى الميدان هي مسألة وقت فقط.


الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية

في غضون ذلك، تُقدم مشاهد تبادل الأسرى مقارنةً صارخة بين معاملة كلا الجانبين للأسرى، تُبرز سلوكا إنسانيا لحركة حماس ترفع له القبعة، مقابل النهج الوحشي وغير الإنساني لإسرائيل، بما يفضح ممارساتها أمام الرأي العام العالمي. فلم يشتكِ أي من الأسرى الإسرائيليين العشرين الذين سلمتهم حماس أحياء من سوء المعاملة. أما الأسرى الإسرائيليون الذين لقوا حتفهم فقد قضوا نتيجة القصف الوحشي الإسرائيلي نفسه. والقتلى الذين لم يُسلَّموا لم يكن بالإمكان الوصول إليهم بسبب بقائهم تحت الأنقاض جراء القصف الإسرائيلي. ورغم هذه الظروف التقنية القاهرة، فقد سارعت إسرائيل والرئيس الأميركي ترامب إلى استغلالها واعتبارها خرقًا للاتفاق. في المقابل، أظهرت التحقيقات أنّ كل أسير فلسطيني أفرجت عنه إسرائيل كان يحمل على جسده آثارًا مروعة للتعذيب وسوء المعاملة القاسية. وقد أعلنت وزارة الصحة في غزة أنها رصدت على الجثامين آثار ضرب وتعذيب لفترات طويلة.

أولئك الذين يصورون الأسرى في أيدي حماس كـ "أكبر مأساة في العالم"، لا يبدون أدنى قدر من التعاطف تجاه أكثر من 10 آلاف أسير محتجز في سجون إسرائيل منذ سنوات. فإسرائيل تحتجز آلاف الفلسطينيين الذين تختطفهم وتعتقلهم بشكل عشوائي في ظروف قاسية وتحت التعذيب الشديد. ولم يُنقذ منهم سوى 2000 أسير، وهم يقدمون شهادة كافية ووافية حول مصير الـ 9000 أسير الذين لا يزالون محتجزين.

ومقابل قتلاها سلمت إسرائيل حماس جثامين 120 فلسطينياً في غضون ثلاثة أيام. وقد تبيّن أن جميعهم قُتلوا تحت التعذيب. ولا مجال للمقارنة بين حالتهم وحال الأسرى الإسرائيليين الذين لقوا حتفهم جراء الهجمات الإسرائيلية. أي أن إسرائيل هي من قتلت الطرفين.

إن هذه القضية بالغة الأهمية وينبغي لحركات التضامن مع غزة أن تركز عليها بشكل خاص في المرحلة القادمة. فـ 9000 أسير يُحتجزون جميعاً في ظروف مميتة تحت وطأة التعذيب. إن ما رواه الأسرى الفلسطينيون المُفرج عنهم لا يقل وحشية على الإطلاق عن الممارسات اللاإنسانية في سجون صيدنايا وتدمر في عهد الأسد، التي أرعبت العالم. وهل كنتم تظنون أن الأسد كان يمارس تلك الجرائم طوال هذه السنوات، بعيداً عن بإسرائيل؟


#حماس
#الاحتلال الإسرائيلي
#تسليم السلاح
#الأسرى
#سجون الاحتلال الإسرائيلي
#خطة ترامب
#وقف إطلاق النار
#غزة
#فلسطين