لدى دخوله السجن في 1 ديسمبر/كانون الأول المقبل، سيكون أيهم السلايمة (14 عاما)، أصغر أسير فلسطيني في سجون إسرائيل.
وقد أمضى السلايمة عام ونصف العام بالسجن المنزلي في بيت عائلته في حي رأس العامود في القدس الشرقية، لكنّ هذا العقاب لم يكن كافيا للسلطات الإسرائيلية التي قضت، أمس الثلاثاء، بإدخاله إلى السجن الفعلي لمدة عام إضافي، وذلك عشية اليوم العالمي للطفل.
ومنذ عام 1990 يحتفي العالم بيوم الطفل في 20 نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام، بوصفه الذكرى السنوية لتاريخ اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة لإعلان حقوق الطفل (1959) واتفاقية حقوق الطفل (1989).
الشرطة الإسرائيلية كانت اعتقلت أيهم وشقيقه الأكبر أحمد وابنَي عمهما محمد ومعتز، بتهمة رشق الحجارة على مستوطنين استولوا على منازل فلسطينية في الحي الفلسطيني ذاته.
وقضت المحكمة بسجن أحمد ومحمد ومعتز، ولكن بسبب صغر سن أيهم حينها، فقد أبقته قيد المحاكمة وهو بالحبس المنزلي.
وقال والده نواف السلايمة، للأناضول: "اعتقل أيهم في 15 مايو/أيار 2023 مع شقيقه الأكبر أحمد وابني عمهما محمد ومعتز من البيت في ساعات الليل، واتهموه بإلقاء الحجارة على المستوطنين، وتم الإفراج عنهم بشرط الحبس المنزلي مع استمرار المحاكمة".
وأضاف: "قضى القاضي لاحقا باعتقال 3 لأنهم فوق السن الذي يسمح بموجب القانون الإسرائيلي بالاعتقال وهو 14 عاما وليس 16 عاما كما ينص القانون العالمي".
وفي 7 نوفمبر الجاري، صادق الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي بشكل نهائي، على قانون يسمح بفرض عقوبة السجن على أطفال فلسطينيين لم يبلغوا 14 عاما.
وتابع الوالد: "كان أيهم دون سن 14 عاما ففرضوا عليه السجن المنزلي، وطلبت النيابة الإسرائيلية سجنه 3 سنوات، لكن المحامي اعترض، وبعد 20 جلسة أصدرت قاضية المحكمة المركزية في القدس (أمس الثلاثاء) حكمها ضد ابني بالسجن الفعلي مدة عام".
وأردف: "استأنفنا أمام المحكمة العليا الإسرائيلية للاكتفاء بفترة الحبس المنزلي، لكن المحكمة العليا رفضت الالتماس وأصدرت قرارا يجبرنا على تسليم ابني للمعتقل في 1 ديسمبر/كانون الأول المقبل".
أما أيهم، فيتساءل عن سبب اعتقاله رغم صغر سنّه، وقال للأناضول: "لا أستوعب حتى الآن كيف سأسجن رغم أنني طفل".
وأضاف: "أقراني يلعبون كرة القدم أو مسجلون في نادي كرة قدم ويذهبون إلى المدارس ويلعبون مع أصدقائهم وعائلاتهم، ولكن نحن أطفال فلسطين محرومون من هذه الأمور".
وتابع الطفل الفلسطيني: "سأفتقد أمي وأبي وإخوتي وجدتي وأهلي وأصحابي ومدرستي وطعام أمي".
* مخاوف مما وراء القضبان..
بالنسبة للوالد أيهم، فإن قرار السجن لم يكن مفاجئا ولكنه يخشى عليه مما قد يواجهه في المعتقل.
وقال: "لم نفاجأ بالقرار لأننا تحت احتلال منذ العام 1948، لقد كنت طفلا حينما اعتقلت لأول مرة ومعظم أفراد العائلة تم اعتقالهم بحجج واهية".
وأضاف: "بالتالي فإن قرارات السجن ليست مفاجئة بالنسبة لنا، وإنما الصدمة الأكبر هي أحوال السجون".
وكان السلايمة يشير بذلك إلى تشديد سلطات السجون من أوضاع الأسرى الفلسطينيين بناء على تعليمات وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير.
وقال: "اليوم أوضاع السجون تغيرت، فلا تعرف عن المعتقل أي شيء، لا أين يعتقل ولا أي تفاصيل أخرى، ولن أتمكن من تقديم الملابس أو النقود له أو التواصل معه".
وأضاف في إشارة إلى أيهم: "على مدى سنة كاملة سأفتقده بالكامل وستبقى فقط الذكريات، وهذا يشكل مصدر خوف وقلق بالنسبة لي لأن ابني طفل وحتى حجمه أصغر من عمره ولا أعرف كيف سيكون وضعه في السجن".
وتابع: "نشاهد أسرى يدخلون ووزنهم 80 كيلوغراما ويخرجون بوزن 50 إلى 60 كيلوغراما بعد شهرين أو 3 أشهر بالسجن، ابني أيهم وزنه 30 كيلوغراما فكم سيكون وزنه بعد سنة من السجن هل سيخرج أم لا؟".
وكان شقيق أيهم أمضى في السجن 4 أشهر قبل إطلاقه بصفقة تبادل الأسرى بين "حماس" وإسرائيل التي نفذت في الأسبوع الأخير من نوفمبر 2023.
وقال السلايمة: "اعتقل أحمد لمدة 4 اشهر وأفرج عنه في صفقة التبادل في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي".
وأضاف: "ابني أيهم سيكون أصغر أسير داخل السجن وابني أحمد كان أصغر أسير، وأنا قبل 30 سنة كنت أصغر أسير داخل السجن".
* أين العالم عمّا يجري لأطفال فلسطين!
لا يعوّل السلايمة على المؤسسات المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، وقال: "فقدنا الأمل في المؤسسات الحقوقية، غزة تباد عن بكرة أبيها فأين مؤسسات حقوق الإنسان؟".
وتساءل: "هناك 350 إلى 400 طفل داخل السجون من كل فلسطين، فأين مؤسسات حقوق الإنسان؟ أين العالم عمّا يجري في فلسطين، في جنين ونابلس وطولكرم؟ هذا احتلال متجبّر ومجتمع صامت ومؤسسات حقوق إنسان غير فاعلة".
وفي وقت سابق الأربعاء، قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية (حكومية)، إن إسرائيل تواصل اعتقال 270 طفلا فلسطينيا بظروف قاسية وعمليات تنكيل يومية.
وقالت الهيئة في بيان بمناسبة يوم الطفل العالمي: "الاحتلال يواصل اعتقال ما لا يقل عن 270 طفلا، يقبعون بشكل أساس في سجني عوفر ومجدو، إلى جانب معسكرات استحدثها جيش الاحتلال بعد الحرب" منذ عام.
ولا يتوانى الجيش الإسرائيلي والشرطة عن تنفيذ عمليات اعتقال شبه يومية للأطفال في كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة، موجهين لهم تهما مختلفة.
ومنذ أن بدأت العملية البرية بقطاع غزة في 27 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 اعتقل الجيش الإسرائيلي آلاف الفلسطينيين بينهم نساء وأطفال وعاملون بطواقم صحية والدفاع المدني، وأفرج لاحقا عن عدد ضئيل منهم، وظل مصير الآخرين مجهولا.
ووفق هيئة الأسرى فإن "عدد حالات الاعتقال منذ بدء حرب الإبادة المستمرة والعدوان الشامل على أبناء شعبنا، بلغ أكثر من 11 ألف و700 مواطن من الضّفة بما فيها القدس (...) دون غزة، والتي تقدر أعدادهم بالآلاف".