
في كلمة بجلسة افتتاح الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة..
أكد ملك الأردن عبد الله الثاني، الثلاثاء، أن إسرائيل تهدم أسس السلام، وحكومتها الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو لا ترغب فيه.
جاء ذلك في كلمة خلال جلسة افتتاح الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة في مدينة نيويورك الأمريكية.
وقال الملك عبد الله: "عام آخر ومرة أخرى تنعقد فيها اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومحفل آخر أقف فيه أمامكم لأتحدث عن القضية ذاتها: الصراع في الشرق الأوسط".
وتابع: "هذه ليست المرة الأولى التي تدفعني فيها التطورات على الأرض إلى التساؤل عن قدرة الكلمات على التأثير والتعبير بشكل واف عن حجم هذه الأزمة".
واستدرك "ومع ذلك، فإن الصمت قد يعني قبول الوضع الحالي والتخلي عن إنسانيتنا، وهو أمر لا يمكنني القيام به".
الملك عبد الله أكد أن "أفعال إسرائيل على أرض الواقع تهدم الأسس التي يمكن أن يرتكز عليها السلام".
ودعا المجتمع الدولي إلى أن التوقف عن "التمسك بالاعتقاد الواهم بأن هذه الحكومة الإسرائيلية (برئاسة بنيامين نتنياهو) شريك راغب في السلام".
ولفت إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة تأسست قبل 80 عاما، وتعهدت بالتعلم من دروس التاريخ، وأقسم العالم أجمع بعدم تكرار أخطاء الماضي.
"ولكن على الرغم من ذلك، يعيش الفلسطينيون منذ ذلك الوقت في دوامة قاسية جراء تكرار تلك الأخطاء"، كما استدرك.
وتساءل: "متى سنجد حلا للصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟ حل يحمي حقوق جميع الأطراف، ويوفر حياة طبيعية للأسر التي تعيش في قلب هذا الصراع".
وتابع: "متى سأتحدث أمامكم عن الفرص والازدهار والإمكانات في منطقتي، لا عن المعاناة والدمار؟".
ومضى قائلا: "يستمر القصف العشوائي الذي يستهدف الفلسطينيين مرارا وتكرارا، يستشهد الفلسطينيون ويصابون وتشوه أجسادهم مرارا وتكرارا".
واستطرد: "يشردون ويجردون من كل شيء مرارا وتكرارا، يحرمون من حقوقهم الأساسية وكرامتهم الإنسانية، مرارا وتكرارا، وهنا يجب أن أسأل: إلى متى؟".
الملك عبد الله أكد أن ذلك "انتهاك صارخ لقرارات الأمم المتحدة المتكررة والقانون الدولي واتفاقيات حقوق الإنسان".
وأردف: "وهذا إخفاق كان ينبغي أن يثير الغضب ويحفز على اتخاذ إجراءات صارمة، خاصة من كبرى الدول الديمقراطية، إلا أنه قوبل بعقود من التغاضي والخذلان".
واستطرد: "للأسف، هذا ليس الصراع الوحيد في عالمنا، وقد يقول البعض إن هناك حروبا مدمرة أخرى".
وتابع: "لكن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يبقى مختلفا: فهو أقدم صراع مستمر في العالم، وهو احتلال غير قانوني لشعب مسلوب الإرادة، من قبل دولة تدعي الديمقراطية".
ومنذ عقود تحتل إسرائيل فلسطين وأراضي في سوريا ولبنان، وترفض الانسحاب منها وقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود ما قبل حرب 1967.
ووصف الملك عبد الله الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بأنها "واحدة من أحلك الأحداث في تاريخ هذه المنظمة (الأمم المتحدة)".
وزاد: "رغم أننا نعيش هذا الرعب في عصرنا هذا، إلا أن الظلم يمتد لعقود عديدة، إذ إن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ما زال مدرجا على جدول أعمال الأمم المتحدة على امتداد ثمانية عقود".
وتساؤل: "إلى متى سنكتفي بإصدار الإدانة تلو الأخرى دون أن يتبعها قرار ملموس؟".
ومشيرا إلى سياسات نتنياهو، أضاف "ولا يسعني إلا أن أتساءل: هل كان العالم سيستجيب بمثل هذه اللامبالاة لو أن زعيما عربيا أطلق دعوة مشابهة؟".
وأكد أن "الدعوات الاستفزازية للحكومة الإسرائيلية الحالية التي تنادي بما يسمى بإسرائيل الكبرى لا يمكن أن تتحقق إلا بالانتهاك الصارخ لسيادة وسلامة أراضي البلدان المجاورة لها، وهذا أمر لا يمكن القبول به".
وتابع: "قد بينت بشكل واضح أنها (إسرائيل) لا تلقي بالا لسيادة الدول الأخرى، كما شهدنا في لبنان وإيران وسوريا وتونس والآن أيضا في قطر".
واستطرد: "كما أن خطاباتها العدائية التي تنادي باستهداف المسجد الأقصى قد تشعل حربا دينية تتجاوز حدود المنطقة، وتؤدي إلى صراع شامل لن تسلم أية دولة منه".
ودعا المجتمع الدولي إلى "أن يتوقف عن التمسك بالاعتقاد الواهم بأن هذه الحكومة الإسرائيلية شريك راغب في السلام".
"بل على العكس تماما فأفعالها على أرض الواقع تهدم الأسس التي يمكن أن يرتكز إليها السلام، وتدفن بشكل متعمد فكرة قيام الدولة الفلسطينية"، كما أردف الملك عبد الله.
وأضاف: "متى سندرك أن قيام الدولة الفلسطينية ليس أمرا على الفلسطينيين إثبات حقهم في نيله؟ إنها ليست مكافأة، بل هي حق لا جدال فيه".
وتابع: "متى سنطبق المعايير ذاتها على جميع الدول؟ متى سنعترف بالفلسطينيين كشعب لديه نفس الطموحات التي نطمح إليها ونتصرف على هذا الأساس؟"
وقال إن "الأردن يمثل المركز الرئيسي للاستجابة الإنسانية الدولية في غزة، ويعمل بكل الوسائل الممكنة لتوفير الإمدادات الحيوية من المساعدات والمواد الغذائية، ونقدر شركاءنا الإقليميين والدوليين".
وأضاف أنه "وسط هذا الظلام الحالك، هناك بصيص أمل، فنحن نشهد المزيد من الدول التي تعلي صوتها بتأييد وقف دائم لإطلاق النار في غزة، بما يضمن إطلاق سراح جميع الرهائن، وإيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق، ودعم الشعب الفلسطيني في إعادة الإعمار".
وأكد ضرورة تنفيذ "حل الدولتين، وفق القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، الذي يدعو لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة وعاصمتها القدس الشرقية، إلى جانب دولة إسرائيلية آمنة تعيش بسلام مع جيرانها".
وشدد على أنه "لن يتحقق الأمن إلا عندما تبدأ فلسطين وإسرائيل في العيش جنبا إلى جنب".
واستطرد: "على مدى العامين الماضيين، رأينا أخيرا ضمير العالم يتحرك، وشهدنا شعوبا من كل ركن في العالم يؤكدون بشجاعة وبصوت واحد بأن الوقت قد حان".
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، خلّفت 65 ألفا و382 قتيلا و166 ألفا و985 مصابا، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أزهقت أرواح 442 فلسطينيا بينهم 147 طفلا.