
- وزير الزراعة اللبناني نزار هاني: خسرنا 50 ألف شجرة زيتون جراء العدوان الإسرائيلي - المزارع محمد القادري: هذه أول مرة أصل فيها أرضي منذ سنتين ووجدنا الأشجار محروقة - رئيس اتحاد بلديات قاسم القادري: المزارعون خسروا موسمي زيتون بسبب الحرب - مسؤول محلي وسام يحيى: العديد من الحقول خصوصا المحاذية للحدود تعرضت لتجريف كامل - المختار حسن علي زهرا: بعد عامين من الغياب، شعور لا يوصف أن ترى أرضك مجددًا
بعد انقطاع دام أكثر من عامين، استعاد مزارعو القرى الحدودية جنوب لبنان جزءًا من حياتهم الطبيعية، مع عودتهم إلى أراضي الزيتون التي حُرموا من الوصول إليها بسبب الاعتداءات الإسرائيلية.
ورغم الدمار الذي طال الحقول والمنازل جراء الحرب، عاد الأهالي في بلدات شبعا، كفرشوبا، ومزرعة بسطرا، إلى أراضيهم بمرافقة قوات "اليونيفيل" الدولية والجيش اللبناني، في مشهد وصفه المواطنون بـ"عودة الروح".
وتُعد زراعة الزيتون مصدر دخل أساسي لعشرات العائلات في مناطق جنوب لبنان.
ويوجد في لبنان نحو 13.5 مليون شجرة تشكل حوالي 5.4 بالمئة من مساحة البلاد البالغة 10452 كلم مربعا، وتنتج هذه الأشجار سنويا بين 100 و200 ألف طن من الزيتون.
ويضم جنوب لبنان 39 بالمئة من بساتين الزيتون، أما شمال البلاد فيضم 40 بالمئة منها، و10 بالمئة في جبل لبنان (وسط) و6 بالمئة في البقاع (شرق).
** خسارة 50 ألف شجرة
وفي حديث للأناضول قال وزير الزراعة نزار هاني، إن لبنان خسر 50 ألف شجرة جراء العدوان الإسرائيلي بحسب تقرير أعدته الوزارة مع منظمة الأغذية والزراعة الأممية "الفاو" والبنك الدولي والمجلس الوطني للبحوث العلمية.
وأضاف: "على إثر ذلك أطلقت وزارة الزراعة حملة إعادة زرع 50 ألف شجرة زيتون في مايو/ أيار الماضي، وجرى زراعة 2000 منها حتى الآن وستستكمل زراعة ما تبقى بدءا من الشهر المقبل".
** قيود أمنية وتحديات على الأرض
الحقول الواقعة ضمن نطاق 5 كيلومترات من الحدود الإسرائيلية كانت مغلقة أو مقيدة الوصول بفعل الاعتبارات الأمنية.
لكن ابتداءً من 18 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، سمحت السلطات بفتح نافذة دخول مؤقتة لثلاثة أيام، على أن يتم تمديدها عند الحاجة.
رغم هذه الخطوة، لا تزال المخاطر الأمنية حاضرة، إذ تقع الأراضي على مقربة من مواقع عسكرية إسرائيلية، وسط تحركات ميدانية متواصلة وطائرات مراقبة.
** عدنا إلى رماد الأرض
محمد القادري، مزارع من بلدة كفرشوبا قال للأناضول: "هذه أول مرة أصل فيها أرضي منذ سنتين، وجدنا الأشجار محروقة، والأرض مجرّفة بالكامل".
وأضاف: "وصلنا بصعوبة، فالطريق دمرت أثناء الحرب، ولكننا أصررنا على العودة".
وأوضح أن التنسيق جرى بين البلدية والجيش اللبناني وقوات اليونيفيل، وتم تحديد أوقات دخول من التاسعة صباحًا حتى بعد الظهر.
** موسم خفيف ولقمة العيش مهددة
رئيس اتحاد بلديات العرقوب قاسم القادري، أفاد بأن المزارعين خسروا موسمين متتاليين بسبب الحرب، معبّرًا عن أمله في أن يحمل هذا الموسم بارقة أمل، رغم قلة إنتاج الزيتون هذا العام..
وأضاف القادري: "أهل الجنوب لا يسعون إلا للعيش بكرامة في أرضهم. يريدون فقط العودة إلى رزقهم، لا للتصعيد أو الاستفزاز، بل للسلام".
ولفت إلى أن "الجيش واليونيفيل هما المكلفين بحفظ الأمن والسلام ومكلفين بحامية المواطنين ومواكبتهم ورعايتهم لذلك طلبنا منهما أن يكونوا إلى جانبنا خلال قطف الزيتون"، وفق تعبيره.
** أراضٍ مجرّفة ومنازل مدمرة
وسام يحيى، رئيس التعاونية الزراعية في كفرشوبا، أوضح أن العديد من الحقول - خصوصا المحاذية للحدود - تعرضت لتجريف كامل خلال الحرب، تشمل أراضي زيتون وسنديان تتجاوز مساحتها 10 هكتارات.
وأشار إلى أن بعض المواقع الإسرائيلية تبعد عن الأهالي عشرات الأمتار فقط، كـ"رمثا" و"السماقة" و"رويسات العلم"، ما يجعل الوضع الأمني شديد الحساسية.
وأضاف "أتينا لقطاف موسم الزيتون، ومعظم هذه الأراضي تقع على الحدود مباشرة مع إسرائيل والتي كانت ممنوع على أصحابها زيارتها رغم توقف الحرب".
وأشار الى أن إسرائيل سمحت بوصول المواطنين إلى أرضهم لمدة ثلاثة أيام ابتداء من 18 الشهر الحالي.
** دموع على الزيتون
في مشهد إنساني مؤلم، وقفت المزارعة أم خضر زهرا، من بلدة مزرعة بسطرا تبكي أمام أشجارها قائلة: "400 شجرة لم تحمل ثمرة واحدة... رزقنا ذهب هدرًا بعد تعب سنوات".
أما قاسم علي زهرا صاحب مواشٍ في ذات البلدة، فقال: "نزحنا إلى هنا منذ عام 1967، وبنينا حياتنا على هذه الأرض. اليوم كل شيء دُمر... بيوت، مزارع، وأشجار. خسائري تقارب 500 ألف دولار".
وأضاف وهو يبكي بحسرة على رزقه "لم يبقوا أي شيء، لا سنديان ولا زيتون ولا حجر دمروا أرضي كلها وتعب خمسون عاما قضوا عليه".
** الجيش واليونيفيل إلى جانب الأهالي
مختار بلدة كفرشوبا حسن علي زهرا عبّر عن امتنانه لمرافقة الجيش وقوات اليونيفيل للمزارعين، قائلاً: "بعد عامين من الغياب، شعور لا يوصف أن ترى أرضك مجددًا ونأمل أن يستمر الأمن لنعود ونعيد الحياة إلى أرضنا".
وأشار إلى أن محصول الزيتون تراجع كثيرًا هذا العام نتيجة الإهمال، مبينا أن بعض أصحاب حقول الزيتون كانوا يحصدون من 20 إلى 25 عبوة (العبوة الواحدة 20 ليترا) من زيت زيتون ويعتاشون من بيعها.
وتابع: "على مدة سنتين شاهدنا شجر الزيتون لم يحمل أي ثمار، لأنه منذ سنيتن لا يوجد أي اعتناء به بسبب الاعتداءات الإسرائيلية، إضافة إلى الحقول المحروقة جراء القصف".
وتأتي هذه التطورات، بينما يواصل الطيران الإسرائيلي شن غارات على منطقة مفتوحة بجنوب لبنان، تزامنا مع موسم حصاد الزيتون، حيث يتوجه السكان إلى أراضيهم لجني المحصول.
وفي نوفمبر 2024 توصلت إسرائيل و"حزب الله" إلى اتفاق لوقف النار، عقب عدوان على لبنان في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تحول في سبتمبر/ أيلول 2024 إلى حرب شاملة.
ورغم الاتفاق، لا تزال إسرائيل تواصل خرقه بأكثر من 4 آلاف و500 مرة، أسفرت عن مئات القتلى والجرحى، واحتلال 5 تلال لبنانية سيطرت عليها خلال الحرب.