
مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في السكن اللائق بالاكريشنان راجاغوبال: - إسرائيل تهدم المنازل في غزة وتبرر ذلك بأعذار واهية - إبقاء الفلسطينيين في حالة نزوح دائم جزء من استراتيجية عدم استقرار تنتهجها إسرائيل - أوضاع النازحين بغزة "كارثية" وأكثر من 288 ألف أسرة دون مأوى مناسب
واصفا الممارسات الإسرائيلية بـ"مجزرة مساكن" في قطاع غزة، قال مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في السكن اللائق، بالاكريشنان راجاغوبال، إن استمرار تل أبيب بهدم المنازل في القطاع "بأعذار واهية، يشكل جزءًا من جريمة الإبادة الجماعية".
وقبل وقف إطلاق نار سرى منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ارتكبت إسرائيل إبادة جماعية بدأتها في 8 أكتوبر 2023 واستمرت عامين، وخلفت أكثر من 69 ألف قتيل فلسطيني، وما يزيد عن 170 ألف جريح، ودمارا هائلا طال 90 بالمئة من البنية التحتية المدنية في القطاع.
وفي مقابلة مع الأناضول عن الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة رغم سريان وقف النار بغزة، ذكر راجاغوبال أن السلطات الإسرئيلية "تواصل هذه الأفعال حتى خلال فترة الهدنة التي باتت مجرد حبر على ورق".
وأوضح أن إسرائيل "لا تزال تواصل القتل، وهدم المنازل، ومنع وصول المساعدات الإنسانية بالقدر الكافي ولم تُنفَّذ أيًا من بنود الهدنة بشكل فعلي".
وأضاف: "كان ينبغي إنشاء جهة تراقب انتهاكات الهدنة وتحمّل الأطراف المسؤولية في حال خرقها، والوضع الحالي لا يختلف كثيرًا عما كان عليه قبل توقيع الهدنة".
وزاد: "الفرق الوحيد هو توقف الغارات الجوية واسعة النطاق، بينما يستمر القتل والهدم وعرقلة وصول المساعدات.. المنطقة لا تزال ترزح تحت الاحتلال".
وفي 24 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، قال مدير المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة إسماعيل الثوابتة، في تصريح للأناضول، إن حجم المساعدات التي تسمح إسرائيل بدخولها لا يتجاوز 200 شاحنة باليوم من أصل 600 متفق عليها، معتبرا ذلك "دليل واضح على استمرار سياسة التجويع المتعمّد".
وأشار المقرر الأممي إلى أن إسرائيل تبرر عمليات هدم المنازل في غزة بزعم أنها "أهداف عسكرية، لكنها في معظم الحالات تفشل في تقديم أي دليل على ذلك".
وأضاف أن عمليات الهدم "تتم بشكل واسع وعشوائي دون تمييز".
ووصف راجاغوبال ذلك بأنه "انتهاك جسيم لقوانين الحرب وجريمة ضد الإنسانية".
وتابع: "إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة، واستمرار تدمير المساكن جزء من هذا الفعل الإجرامي. لقد قلتُ ذلك مرارًا، وخاصة عبر مؤسستكم (وكالة الأناضول). إنه وضع مأساوي للغاية".
وأوضح راجاغوبال أن معظم عمليات هدم المنازل لا تقع أثناء اشتباكات فعلية، بل بعد أن تفرض القوات الإسرائيلية سيطرتها الكاملة على المناطق المستهدفة.
وأضاف: "القوات الإسرائيلية تدخل المناطق، وتزرع المتفجرات، ثم تدمّر المنازل. هذه ليست أفعالًا مرتبطة بالمعارك، بل أعمال انتقامية غير مشروعة. إنها خرق كامل للقانون الدولي".
وتابع: "قلت مرارا إن إسرائيل تمارس هذه الأفعال قبل الهدنة وخلالها، ولا غرابة في ذلك. ما يجري هو ما أصفه بمجزرة المساكن، أي التدمير الواسع للمنازل أثناء النزاعات المسلحة. يجب أن نعتبرها جريمة حرب، وجريمة ضد الإنسانية، وفعلًا من أفعال الإبادة الجماعية".
وأكد راجاغوبال أن أوضاع النازحين في غزة "كارثية للغاية"، مشيرًا إلى أن أكثر من 288 ألف أسرة فلسطينية تفتقر اليوم إلى المأوى المناسب.
وعلاوة على الهدم الإسرائيلي المستمر للمنازل، قال المقرر الأممي إن خيام النازحين في غزة "قديمة تمامًا وغير صالحة للسكن، والكثير منها غارق تحت المياه بعمق يتراوح بين 30 و60 سنتيمترًا".
وأوضح أن المناطق التي تؤوي النازحين غمرتها المياه مع قدوم الشتاء وانخفاض درجات الحرارة، ما يشكّل خطرا كبيرا على الأطفال والنساء وكبار السن، لافتًا إلى أن الأمراض، بما فيها تلك المنتقلة عبر المياه، تتفشى بسرعة كبيرة.
وأكد راجاغوبال أن إسرائيل لم تسمح بإدخال العدد الكافي من الخيام والمساكن المتنقلة التي التزمت بها ضمن اتفاق وقف إطلاق النار، رغم وجود شاحنات مساعدات كافية تنتظر على المعابر.
وختم المقرر الأممي بالقول: "إبقاء الناس في حالة نزوح دائم هو جزء من استراتيجية عدم الاستقرار التي تنتهجها إسرائيل. هذه هي الطريقة الوحيدة لترسيخ السيطرة الإسرائيلية على غزة، وجعلها أكثر خضوعًا. إنها جزء من استراتيجية الضم، والسماح باستمرارها أمر مؤسف للغاية".






