
رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية برهان الدين دوران في ندوة حول الأوضاع في السودان: - العالم ربما لا يراقب جيدا ما يدور في السودان، لكن تقع هناك مأساة إنسانية كبيرة - ما يشهده السودان من مجازر واغتصاب وهجمات وأوبئة يستوجب تحركًا عاجلًا - اهتمام تركيا بالسودان يرتبط بالأساس بالأخوة والروابط التاريخية، فضلاً عن السياسة التي تنتهجها أنقرة تجاه إفريقيا - العلاقات التركية الإفريقية اكتسبت زخمًا كبيرًا خلال الأعوام العشرين الماضية - نهج تركيا يتمثل في ضمان أن تكون القارة أكثر ازدهارًا وتطورًا وحرية بناءً على مبدأ الحلول الإفريقية للمشاكل الإفريقية
قال رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية برهان الدين دوران إن ما يشهده السودان من مجازر واغتصاب وهجمات وأوبئة يستوجب تحركًا عاجلًا.
جاء ذلك في كلمة خلال ندوة نظمتها دائرة الاتصال في العاصمة أنقرة، الخميس، تحت عنوان "الصراع المستمر في قلب أفريقيا. السعي لتحقيق السلام في السودان".
وأوضح دوران أن المعاناة التي تحدث كل يوم في مختلف أنحاء العالم تدعو إلى مسؤولية عالمية تجمع الجميع في ضمير مشترك.
وأكد ضرورة المسؤولية الإنسانية تجاه الصراعات في العالم، وقال إن الندوة ستركز على كيفية حل الأزمة في السودان التي أصبحت مشكلة عالمية كبرى تحتاج إلى حل عاجل.
كما أشار دوران إلى أن اهتمام تركيا بالسودان يرتبط بالأساس بالأخوة والروابط التاريخية، فضلاً عن السياسة التي تنتهجها أنقرة تجاه إفريقيا.
وشدد دوران على أن العلاقات التركية الإفريقية اكتسبت زخمًا كبيرًا خلال الأعوام العشرين الماضية، مبينًا أن تركيا تسعى جاهدة إلى تطوير العلاقات والتعاون مع دول القارة من خلال "سياسة الانفتاح والشراكة مع إفريقيا".
وذكر أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أجرى أكثر من 50 زيارة شملت 31 دولة إفريقية، بما في ذلك خلال فترة توليه منصب رئيس الوزراء، لافتًا إلى أن تركيا لديها 44 سفارة في القارة الإفريقية، وأنها تهدف إلى زيادة هذا العدد إلى 50 سفارة.
وبيّن دوران أن نهج تركيا يتمثل في ضمان أن تكون القارة أكثر ازدهارًا وتطورًا وحرية بناءً على مبدأ الحلول الإفريقية للمشاكل الإفريقية، مؤكدًا أن لدى الوكالة التركية للتعاون والتنسيق 22 مكتبًا في القارة.
وأوضح أن تيكا نفذت ما يقرب من 7000 مشروع بين عامي 1992 و2023 في إفريقيا، مشيرًا إلى أن مساعدات تركيا في إفريقيا بين عامي 2008 و2022 تجاوزت 2.5 مليار دولار.
كما لفت إلى أن أكثر من 15 ألف طالب إفريقي قد استفادوا من الفرص التعليمية التي تقدمها تركيا.
وأضاف: "في الوقت الحالي، يتابع أكثر من 65 ألف طالب إفريقي تعليمهم العالي في تركيا، ونعلم أن وقف معارف التركي يقدم التعليم لقرابة 25 ألف طالب في مدارسه بـ27 دولة إفريقية، والخطوط الجوية التركية تسير رحلات إلى 64 وجهة في 42 دولة إفريقية".
كما ذكر دوران أن السياسة التركية تجاه إفريقيا تقوم على أربعة مبادئ أساسية، أولها المساهمة في التنمية الاقتصادية للدول الإفريقية وتطوير قدراتها.
وقال: "ومن الأهداف الأخرى دعم أمن واستقرار الدول الإفريقية، ويتحقق ذلك من خلال تعاوننا في قطاع الصناعات الدفاعية".
وأردف: "المبدأ الثالث هو قيام تركيا بدور الوسيط والميسر في إطار الثقة بها، وبموافقة الأطراف وبما يتماشى مع مبدأ الحلول الإفريقية لمشاكل القارة".
وتابع: "أما المبدأ الرابع، فهو ألا تبقي تركيا هذا التعاون على المستوى الثنائي بل أن تتعاون أيضًا مع المنظمات الإقليمية الإفريقية، وفي إطار هذه المبادئ الأربعة، أستطيع القول إن تركيا قد ارتقت بسياسة مختلفة إلى مستوى يحتذى به للدول الإفريقية الأخرى، ويحدث نقلة نوعية في نهجها تجاه إفريقيا، وأود أن أضيف عاملًا خامسًا هنا هو قيادة الرئيس رجب طيب أردوغان".
وأكد أن تركيا في مواجهة كل هذه الأزمات تبنت دورا رائدا في إيجاد حل للصراعات في إفريقيا ودعم التنمية وإرساء السلام.
- "الوضع في السودان تحول إلى مأساة إنسانية واسعة النطاق"
وذكر دوران أن الوضع في السودان تحول إلى مأساة إنسانية واسعة النطاق، قائلا إن "الصراع الذي نشب عام 2023، بات اليوم بحاجة إلى حل عاجل".
وأضاف أن العالم ربما لا يراقب جيدا ما يدور في السودان، لكن تقع هناك مأساة إنسانية كبيرة، حيث الكثير من الناس هناك بحاجة ماسة وعاجلة للمساعدات الإنسانية مع تهجير الكثيرين من ديارهم.
وأوضح أنه نتيجة الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أبريل/ نيسان 2023، فإن 31 مليون سوداني بحاجة للمساعدات الإنسانية.
وأشار أن الصراع أسفر أيضا عن تهجير نحو 10 ملايين سوداني داخل بلادهم، وقرابة 3 ملايين إلى دول الجوار، قائلا إنه يمكن وصف عملية التهجير هذه بأنها الأوسع نطاقا في العالم.
وشدد على أن السودان بامتلاكه نسيجا تاريخيا وثقافيا غنيا، وبموقعه الجغرافي الاستراتيجي في إفريقيا، لا يستحق ما هو عليه اليوم أبدا.
وأكد في هذا السياق على ضرورة انتهاء الحرب في السودان وخروجه من هذه الأزمة، وإرساء سلام بالشكل الذي يريده السودانيون.
وأوضح أن تركيا تسعى من خلال عقد هذا الندوة، إلى نقل ملف السودان إلى الاجندة الدولية مجددا، ولفت أنظار الرأي العام إلى ضرورة التحرك الفوري لوقف المأساة في السودان.
وقال دوران: "لأن الصراعات التي تخوضها قوات الدعم السريع، والأخبار التي تصلنا من هناك تعكس مستوى مروعا من الوحشية".
وأضاف: "يجب القيام بشيء ما بشكل عاجل في السودان، حيث تقع مذابح واغتصابات وهجمات، فضلاً عن الأوبئة".
ولفت أن منظمة الصحة العالمية أعلنت تفشي الكوليرا في السودان امتد إلى 13 ولاية، مع خطر امتداده إلى مخيمات اللاجئين في تشاد.
وأكد أن الوضع في السودان لا يخص هذا البلد فحسب، بل يضع أيضا الدول المجاورة أمام مخاطر متعددة.
وأردف أن كل هذه المعطيات تظهر أن الصراع الذي يخلف دمارا واسعا داخل السودان وتكلفة اقتصادية وإنسانية باهظة يجب أن ينتهي.
وأضاف أن عدم الاستقرار في السودان المطل على البحر الأحمر، يشكل تهديدا كبيرا للممر البحري الحيوي للتجارة العالمية، ولأمن الملاحة الدولية.
وقال: "ومن هذا المنظور، نرى أن هناك صراعا يدور في هذه الساحة سواء بالنسبة للعالم العربي أو للدول الغربية أو للفاعلين الآخرين في العالم، وقد وصل هذا الصراع إلى مرحلة تلحق الضرر بالشعب السوداني".
- "الدول المنخرطة في هذا الملف يجب أن تجلس إلى طاولة الحوار"
وأكد أنه يتعين على الدول المنخرطة في هذا الملف أن تجلس إلى طاولة الحوار وتتخذ موقفا يرسي الاستقرار، ويساهم في تحقيق السلام، وتابع: "المطلوب هو الإسهام في إنهاء الصراع، لا توسيعه".
وأوضح دوران أن استمرار الحرب في السودان يجعل التنظيمات الإرهابية في منطقة الساحل ترى في هذا الفراغ الأمني أرضا خصبة للتمدد، مؤكدا أن هذا ليس تهديدا رمزيا بل خطر حقيقي.
وأشار إلى أن أحداث السودان خلال العامين الأخيرين كشفت مجددا عجز النظام الدولي عن حلّ الصراعات والأزمات.
ولفت أن النزاعات ما زالت مستمرة في مناطق مختلفة من العالم، وأن الكثير من الدول الأفريقية تعاني، والسودان في قلب تلك الأزمات.
وقال إن "تركيا بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، ترفع صوتها بشدة فيما يتعلق بقضية السودان. وكما تلاحظون، لا يوجد زعيم آخر يطرح هذه القضية على الأجندة العالمية أكثر من رئيسنا، وهذا مرتبط بدوره الفعال في أزمات العالم وجهوده لحلها. وقد رأينا مثالا على ذلك من خلال جهود الوساطة بين إثيوبيا والصومال والتي توجت باتفاق".
وأضاف: "ندرك أن الوضع في السودان شديد التعقيد، وأن الوصول إلى حل ليس سهلا، لكن من الضروري أن تتوافر إرادة حقيقية، وأن تجتمع الدول المعنية والدول القادرة على الإسهام لإحلال السلام".
وشدد على أن تركيا تقوم بدورها في هذه العملية وتبذل ما بوسعها، لافتا أن الكارثة الإنسانية في السودان بلغت مستوى لا يطاق، وينبغي لفت نظر المجتمع الدولي إليها بشكل أكبر.
وأشار إلى أن الحرب الروسية الأوكرانية، وحرب غزة يشغلان حيزا كبيرا من الاهتمام العالمي، بينما يعيش السودان مأساة إنسانية ليست أقل خطورة، وهناك الكثير من الأمور لفعلها هناك.
وأكد دوران أن تركيا تواصل اتصالاتها مع جميع الأطراف في السودان، وفي مقدمتهم مجلس السيادة الانتقالي، للمساهمة في إحلال السلام.
ولفت في هذا الإطار أن الرئيس أردوغان التقى رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان خلال منتدى أنطاليا الدبلوماسي في أبريل/ نيسان الماضي، حيث شدد على أهمية وحدة السودان وسلامة أراضيه بالنسبة لتركيا.
وأوضح أن الوجود الدبلوماسي التركي في السودان والمساعي التي تبذلها تركيا تعكس وقوفها إلى جانب الشعب السوداني.
كما شدد على أن السودان بحاجة إلى مزيد من المساعدات، لافتا إلى أن تركيا تعد من أكثر الدول تقديما للمساعدات لهذا البلد.
وشارك في الندوة شخصيات كثيرة من بينها، سفير السودان في أنقرة نادر يوسف الطيب، ونائب المدير العام ورئيس التحرير العام لوكالة الأناضول يوسف أوزهان.
وتتفاقم المعاناة الإنسانية في السودان جراء استمرار قوات الدعم السريع في محاربة الجيش منذ أبريل 2023 بسبب خلاف بشأن توحيد المؤسسة العسكرية، ما أدى إلى مقتل عشرات الآلاف وتشريد نحو 13 مليون شخص.






