لن يرفع أحد إصبعه عن الزناد! وتركيا أيضًا.. ماذا سيناقش أردوغان وترامب؟.. "أوقفوا إسرائيل"، وإلا.. إسرائيل قد تُقدِم على هجمات إرهابية كبرى.. اليوم الذي يسبق الحرب العالمية الثالثة.. قد تُقال أعظم كلمات التاريخ.

08:4923/09/2025, الثلاثاء
تحديث: 27/09/2025, السبت
إبراهيم قراغول

بدأ أسبوع كالعاصفة. من تركيا إلى أمريكا، ومن أوروبا إلى فلسطين، ومن غزة إلى سوريا، بدأت حالة استثنائية تُعرض فيها تقريبًا كل الأوراق على الطاولة.أعلنت بريطانيا وأستراليا وكندا والبرتغال قرار اعترافها بدولة فلسطين. وستعلن فرنسا وبلجيكا والعديد من الدول الأوروبية الأخرى قرارات على هذا النحو. محور أمريكا-إسرائيل الذي يقود الإبادة مُدان بالفعل في أنحاء العالم كافة. والآن يُدان أيضاً من قبل شركائها التقليديين في أوروبا. هل يمكن أن يؤدي ميل دول أوروبا —باستثناء ألمانيا— للابتعاد عن سياسة الإبادة إلى حدوث

بدأ أسبوع كالعاصفة. من تركيا إلى أمريكا، ومن أوروبا إلى فلسطين، ومن غزة إلى سوريا، بدأت حالة استثنائية تُعرض فيها تقريبًا كل الأوراق على الطاولة.أعلنت بريطانيا وأستراليا وكندا والبرتغال قرار اعترافها بدولة فلسطين. وستعلن فرنسا وبلجيكا والعديد من الدول الأوروبية الأخرى قرارات على هذا النحو.

محور أمريكا-إسرائيل الذي يقود الإبادة مُدان بالفعل في أنحاء العالم كافة. والآن يُدان أيضاً من قبل شركائها التقليديين في أوروبا. هل يمكن أن يؤدي ميل دول أوروبا —باستثناء ألمانيا— للابتعاد عن سياسة الإبادة إلى حدوث شرخ في خريطة القوى؟


"ورقة الحصانة" الإسرائيلية أصبحت محور النقاش

لا نعرف بعد. لأن قرارات الاعتراف بدولة فلسطين لا تشمل مقاومة غزة. إنها تُجبر حماس مرة أخرى في خانة «الإرهاب». وتستبعد قطاع المقاومة في فلسطين. وتشير إلى دولة مشلولة السلاح في الضفة الغربية، رهينة تحت سيطرة إسرائيل/أمريكا.

ومع ذلك، فإن هذه القرارات الأوروبية فتحت باب النقاش حول ورقة الحصانة الإسرائيلية. ورغم أن القادة والحكومات لا يزالون تحت سيطرة الوضع الراهن المحوري-أمريكي-إسرائيلي، فإن حالة الغضب المتنامية في الجماهير قد تُحدث تحولات في موازين القوى داخل أوروبا نفسها. وربما تُحسب لهذه الإمكانية حسابات مسبقة.


إسرائيل ستعزل تمامًا. «وحدة قاتلة من العزلة» تنتظرها


سيتم عزوُل إسرائيل عن العالم بأسره. تنتظرها وحدات قاتلة من العزلة. سنرى أن جدران الحماية المحيطة بها ستتحول إلى رمالٍ تتلاشى. وستُقصى من خريطة الجغرافيا السياسية ومن الساحة السياسية العالمية. وستُعلن كمجرّد تهديد للبشرية جمعاء.

معها سيُعزل أيضًا أمريكا. فليس لديها الآن أي سمعة أو رصيد يذكر. تعمل فقط بالقوة الخام والتهديد. والجميع يعلم أن هذا سيزيد من عزلة أمريكا أكثر فأكثر.

باستثناء ألمانيا واليابان وبعض الدول الصغيرة، لم يعد هناك من يرغب في التحرك مع هذا المحور الإبادي.

ومن اللازم أيضًا تسجيل هزيمة العقل السياسي الذي يهين الأمة الألمانية القوية. لا أظن أن قيادةً سياسيةً تدفع شعبًا مُدانًا تاريخيًا بسبب محرقة اليهود إلى أن يُدان مرةً ثانيةً على خلفية ما يحدث في غزة ستكون طويـلة الأمد.

هجوم على الضفة الغربية

معاداة الإبادة ستتحول إلى معاداة لليهود


كانت ردّة فعل إسرائيل على قرارات الاعتراف بدولة فلسطين متوقعة. شرعت في تحضيرات احتلال الضفة الغربية؛ أي إنها تستعد لهجوم من نوع «لن أترك لكم دولةً يُعترف بها». وتردّد أن هناك إشارات تُظهر موافقة أمريكا على ذلك.

إذاً ستندلع عاصفة أكبر بكثير. فقد بدأت السعودية ومصر بالفعل في تقديم ردودٍ قاسية. وهم مدركون أن الوضع يتحول إلى بعد إقليمي. لكن الموقف الأوروبي سيكون محور الرصد. فإمكانية تحويل موقف أوروبا المناهض للإبادة إلى موقف معادٍ لليهود عالية جدًا.


إسرائيل تخطط لهجمات إرهابية كبرى — في قبرص، أو بالبحر المتوسط/إيجة، أو في أوروبا


بينما تجري كل هذه التطورات، تُعزّز مصر وجودها العسكري في شبه جزيرة سيناء. وتصر إسرائيل على أن هذا قد يُعد سببًا للحرب. سفينة حربية هندية تتجه إلى ميناء ليمسول. اليونان وإسرائيل والهند وجزء من قبرص اليونانية تُحرّك جبهةً معادية لتركيا. وفي الوقت نفسه تستعد تركيا ومصر لتدريبات في شرق المتوسط.

وفي منتصف هذا كله تصدر إسرائيل تحذيرات من هجوم إرهابي كبير في الجزء الرومي من قبرص. وما يعنيه ذلك هو أن المخابرات الإسرائيلية، بالتعاون مع المخابرات الأمريكية، قد تُنفّذ هجومًا إرهابيًا مغيرًا لقواعد اللعبة في الجزء الرومي أو في المتوسط أو في بحر إيجة. طبعًا سيُلقى باللوم على داعش أو منظمات مشابهة.

قد تُستهدف السفينة الهندية، أو تُهاجم قواعد بريطانية في قبرص. ولا يُستبعد أن تبدأ موجة هجمات إرهابية في العواصم الأوروبية. لقد عشنا أمثلة كثيرة من هذا النوع، وصار لكل إعلان عنوانه المعروف عن ظهر قلب.


قد تُقال أعظم كلمات التاريخ

للمرة الأولى تُبث إبادة مباشرةً


كل هذا يجري في أيوع اجتماع جمعية الأمم المتحدة العامة. وربما سنسمع في كلمات الجلسات العامة ما تُعد أعظم كلمات في التاريخ. سنشهد تحديات كبرى.

لأن البشرية لأول مرة تتابع إبادةً مباشرةً وفورية، ومع تشقق خرائط القوى في أماكن متعددة، ونفاد الوقت أمام الدول لاختيار مواقفها، ومع مواجهة الإنسانية لمشكلة «إسرائيل» بصورتها الحقيقية كقضية تُهدد الجنس البشري، ومع اتساع الهوة بين الأنظمة والجماهير، فمن الطبيعي أن تدقّ الدول ناقوس الطوارئ.

تتسع الهوة بين أمريكا وروسيا والصين. ويبدو أن من الواضح أن ترامب لن يتمكن من فعل شيء يحقق السلام العالمي. وبعد هجوم إسرائيل على قطر، يعيش العالم العربي مرة أخرى صدمة مفادها أن «حماية أمريكا» لا تساوي شيئًا.

نعيش «قبل يوم واحد» من الحرب العالمية الثالثة

يجب نقل مقر الأمم المتحدة خارج أمريكا!


يتعمق الخلاف بين مصر وإسرائيل وبين تركيا وإسرائيل. تُقال تصريحات حرب واضحة وصريحة. نعيش «قبل يوم واحد» من حرب عالمية ثالثة. لا أحد يستطيع التكهّن أي دولة ستُقضى عليها الغيوم العاتية التي تُجمع. الدول تُعدّ العدة لجميع الحالات الاستثنائية.

وهنا ربما يكون من الأخير أن يتحول منبر الأمم المتحدة، الذي أُفرغت قوته ونفوذه على يد أمريكا وإسرائيل، إلى آخر مرة تُدلي فيها «نداءات الأمم». بهذا الشكل لم يعد لهذا الصرح صفة كونه منصة مشتركة للأمم. وإذا استمرّ، فسيصبح نقل مقر الأمم المتحدة خارج أمريكا ضرورة ملحّة.


خطاب الرئيس أردوغان في الأمم قد يكون نداءً مشتركًا للإنسانية!


قد يشكل خطاب الرئيس أردوغان في الجمعية العامة نداءً عظيمًا للإنسانية. قد يحوّل إلى تعبئة عالمية ضد إسرائيل. قد يتحول إلى صرخة مشتركة لإنقاذ البشرية من الإبادة. أعتقد أننا ولسنا وحدنا من يترقّب هذا الخطاب بلهفة؛ أمريكا وإسرائيل أيضًا تنتظرانه بفضول.

في خضم كل هذه الفوضى، يحمل قرار دعوة ترامب للرئيس أردوغان إلى واشنطن، إلى البيت الأبيض، أبعادًا وتأثيرات عالمية تتجاوز العلاقات الثنائية التركية-الأمريكية. ستكون مسائل غزة، ومستقبل سوريا، واحتمال نشوب حرب بين تركيا وإسرائيل في صلب مباحثات أردوغان-ترامب.


قد يطلب ترامب من أردوغان «خفض الضغوط على إسرائيل»


بعيدًا عن صفقات الطائرات والمساومات حول التكنولوجيا العسكرية والأهداف الاقتصادية، قد تمثل هذه الزيارة طرحًا شاملًا لمستقبل الشرق الأوسط. وقد تفضي إلى مفاوضات تتجاوز مجرد السؤال «هل ستقدّم تركيا تنازلات لأمريكا أم ستقدّم أمريكا تنازلات لتركيا؟» لتصل إلى مستويات أعظم. هناك سيناريوهات واحتمالات خطيرة قد تدفع حتى إلى أن يُطلق دولت بهجلي نداءً لتشكيل «محور تركيا–روسيا–الصين» في مواجهة محور أمريكا–إسرائيل، وهذا بحد ذاته دليل على خطورة الضغوط والاحتمالات المطروحة.

أظن أن طلب ترامب الأوّل سيكون أن يخفف أردوغان الضغط على إسرائيل. فهم يدركون تمامًا أن أزمة تركيا-إسرائيل قد تفجّر كل ديناميكيات المنطقة وتلغي كل الحسابات. وأنا متيقّن تمامًا من أن إسرائيل قد طلبت من ترامب مثل هذا الطلب.


نتنياهو وترامب ينسجان نفس الفخ لتركيا أيضًا


تتحكم إسرائيل في ترامب كما تشاء. حتى أننا لم نعد نعتقد أن لديه إرادة «سلامٍ» أو «حربٍ» ذاتية. المفاوضات التي قادها مع روسيا وأوروبا حول «سلام أوكرانيا» لم تسفر عن نتائج تُذكَر. مع نتنياهو نسجا فخًّا لحماس:

أرسلوا عروضًا للحوار، ثم اجتمعت قيادات حماس في قطر لمناقشتها، ثم قصفوها. من مرحلة العروض إلى مرحلة القصف، كانت كل المراحل حكاية مشتركة بين نتنياهو وترامب.

مثل هذا الرجل لم يعد أحد يصدّق عروضه السياسية أو العسكرية. ولا شك في أن بإمكانهم نسج نفس الفخاخ ضد تركيا.


مخاوف إسرائيل من تركيا ستزداد

وستستخدم سلاح أمريكا مرة أخرى

لكنها ستكتشف أن تركيا قوة مختلفة الآن


نعلم أن مخاوف تركيا في إسرائيل آخذة في التنامي بسرعة. ونعلم أن إسرائيل تحاول تهديد تركيا باستخدام «سلاح أمريكا». لكن تركيا لم تعد دولة تتخذ مواقفها تحت ضغوط التهديدات الإسرائيلية أو ضغوطات ترامب منذ زمن بعيد. هناك قوة باتت تفرض كفتها في النظام العالمي وفقًا لاختياراتها.

من المرجح أن يطلب ترامب من أردوغان أيضًا دعمًا لتهدئة دول المنطقة التي تصاعد غضبها بعد هجوم الدوحة، لأن أمريكا الآن تحترق في المنطقة بسبب إسرائيل.


أوقفوا إسرائيل، وإلا


يمتلك أردوغان تأثيرًا كبيرًا على ترامب، ويتمتع بقدرة عالية على الإقناع. ومن الممكن أن يخرج من طاولة المباحثات وهو أكثر قوة في مختلف الملفات. كما سيطلب من ترامب ممارسة ضغط حقيقي لإيقاف إسرائيل، في حين أن الخطوة التالية من معادلة «إما… أو» باتت واضحة تمامًا. نحن نتجه بسرعة نحو تلك اللحظة الحاسمة، ومهما كانت نتائج اللقاء، يبدو أن هذا المسار لم يعد قابلًا للتوقف. أما ثقة أردوغان بنتنياهو فهي معدومة تمامًا.

لأن هذا الجزار الإبادي لم يوفِ بوعوده ولم يلتزم بأي اتفاقٍ ولن يلتزم أيضًا بالوعود المقدّمة عبر ترامب. والرئيس يعلم ذلك جيدًا.

الآن لم تعد لأمريكا قدرة على طمأنة إسرائيل في المنطقة عبر لقاء واحد. بات مسار الكتيبة الإسرائيلية يتجه نحو نهايته، وإذا لم تتخذ أمريكا خطوات لوقفها فسوف يضيق مجال نفوذها الإقليمي أيضاً.


لا دولة سترخي إصبعها عن الزناد. وتركيا كذلك


تحدث زلازل في كل المنطقة، تتجمع عواصف كبرى، وتتوقع تغيّرات سريعة في موازين القوى. تركيا تتركز بوصفها فاعلًا كبيرًا؛ قوةً عسكرية وسياسية، ودولةً موازنة.

على أمريكا وإسرائيل أن يبنوا حساباتهما على هذه الحقيقة الآن. ودعوة ترامب لأردوغان إلى البيت الأبيض هي محاولة إنقاذ بالنسبة لأمريكا وإسرائيل على حد سواء.

لكن هذه المحاولة لن تنقذ إسرائيل؛ لأن بداية تاريخ زوالها قد انطلقت ولن تتوقف.

لا دولة ستنزع يدها عن الزناد بسبب محادثات ثنائية أو مداولات على طاولة المفاوضات. وتركيا كذلك — أبدًا.

منطقتنا بحاجة ماسة خلال مئة عام إلى هذا الموقف الحازم. ونحن سنغيّر التاريخ. وسنغيّر هذه الخريطة. وما دامت التاريخ يتجه إلى حوضه، فلا قوة تستطيع إيقاف هذا التدفق.

#الصراع التركي الإسرائلي
#إسرائيل وتركيا
#أردوغان
#لقاء ترامب أردوغان
#زوال إسرائيل