هل يتحول أسطول غزة إلى سيل بشري؟.. بتعاليمهم الضالة سيدعون القيامة.. علينا إيقافهم بالسلاح وإخضاعهم بالخوف.

09:329/09/2025, الثلاثاء
تحديث: 28/09/2025, الأحد
إبراهيم قراغول

هل تسقط صرخة طفل سماء القبة؟ هل تمطر ذروة الألم والهمجية فوق رؤوسنا حجارة؟ هل يلعن العالم بأسره نواح أم تلتقط من التراب أشلاء طفلها وتبكيها؟ هل تتحول مسيرة مجموعة من الضمائر الحية إلى نهر من الإنسانية؟ كما تنطلق نملة صغيرة لإطفاء نار، فهل تستطيع مجموعات متواضعة تعبر البحار وتهرع إلى النجدة أن تغير النظام العالمي القاسي الضال والمتوحش؟ لنركن جانبًا عبادة العبارات الباردة وتقديس "الحقائق الإيكوبوليتية" مؤقتًا إذا انفصلنا عن واقع تلك الجمل القاسية وعن أوهام "العقلانية" المصنوعة، وإن عدنا إلى عالم أرواحنا

هل تسقط صرخة طفل سماء القبة؟ هل تمطر ذروة الألم والهمجية فوق رؤوسنا حجارة؟ هل يلعن العالم بأسره نواح أم تلتقط من التراب أشلاء طفلها وتبكيها؟

هل تتحول مسيرة مجموعة من الضمائر الحية إلى نهر من الإنسانية؟ كما تنطلق نملة صغيرة لإطفاء نار، فهل تستطيع مجموعات متواضعة تعبر البحار وتهرع إلى النجدة أن تغير النظام العالمي القاسي الضال والمتوحش؟


لنركن جانبًا عبادة العبارات الباردة وتقديس "الحقائق الإيكوبوليتية" مؤقتًا

إذا انفصلنا عن واقع تلك الجمل القاسية وعن أوهام "العقلانية" المصنوعة، وإن عدنا إلى عالم أرواحنا وقيمنا الإنسانية الأولى منذ فجر الإنسان، فماذا نرى؟ ما الذي مطلوب منا أن نفعله؟ أين نقف؟ ماذا نقول؟ كيف نتحرك؟ أي مخاطر نستعد لتحملها؟ على أي شيء نثور؟


لا نرى في غزة مسألة فلسطينية فحسب، ولا نراها قضية عربية ــ إسرائيلية فقط، ولا نزعم أنها مجرد حرب أو نزاع عادي. ما نشهده هناك أقصى صور الشيطنة وأقسى حكايات الإذلال والمظلومية التي عرفها البشر.


بتعاليمها الضالة ستدعو إلى "القيامة" — فكن متيقناً. ما نرصده في غزة شر يستهدف الجنس البشري بأسره: كراهية مصممة لإبادة النوع، انحراف تام لعقيدة أو فكر عنصري إرهابي فقد كل الضوابط. فكر بما قد يفعلونه اليوم في غزة غداً في كل بقاع الجغرافيا. إن نجحوا اليوم فسيرتكبون غدًا شرورًا أعظم؛ سيوجّهون قوتهم وسلاحهم مباشرة نحو البشرية جمعاء. سيجرون الأرض إلى كارثة كبرى، وسيطلقون بتعاليمهم المنحرفة دعوة للدمار والقيامة.


يا إنسان، عليك أن تفك قيدهم. علينا أن نوقف هذا الشر. يجب نزع قوتهم، فك قيودهم، تجريدهم من سلاحهم، إلغاء أهلية الدولة عنهم، وإزالة الخريطة التي منحوا لأنفسهم حق الوجود بها.


ينبغي إخضاع كيانات لا تملك أهلية أمة أو دولة أو شعب، وإحكام مراقبتها. لا بد من تقييد حرياتهم، تضييق شرايين قوتهم، تفكيك النظام الذي نصبوه في الأرض، وعزلهم عن الناس ومقاصد الحياة.


علينا أن نحشد موجة من الإنسانية ضد "الهمج". يجب منعهم من تجميد دول وقادة وأنظمة مالية وتحويلها إلى أدوات تُستخدم كسلاح ضد الإنسانية. عندما ينهار النظام الدولي وتتعطل قدرات الدول، يصبح لزامًا إطلاق حملة إنسانية منبثقة عن الشعوب نفسها لمواجهة هؤلاء الذين يهددون الجنس البشري.


هذا ممكن. البشر دائمًا وجدوا طريقهم في أحلك الأزمنة؛ سيجدونه مجددًا.


لم يعد لهذا الصراع دين أو وطن أو عرق حصريًا. لم يعد شأنه ديانة أو جنسية أو طائفة محددة. لم يعد حسابه سياسيًا بحتًا أو أمنيًا فقط. وراء ذلك تهديد مشترك للإنسانية وبحث مشترك عن خلاص خارج منطق الجمل الباردة.


أولئك الذين يدفنون الأطفال أحياء، ويستهزئون بالجثث المقطعة، ويقتلون الرضع للمتعة، ويرتادون كل صور الوحشية بشغف سادي لن يفهموا الكلام وحده. لا يجدي معهم الوعظ فحسب.


لا بد من إيقافهم بوسائل حاسمة. يجب اتخاذ إجراءات لردعهم: تقييد أنشطتهم داخل حدودهم، ملاحقتهم حيثما كانوا، قطع مواردهم، وتفكيك بنيتهم العسكرية والإعلامية والمالية. ينبغي حشد جماعات شعبية ومنظمات إنسانية بطرق مشروعة، والاستناد إلى تحركات مدنية واسعة تلزم الدول والهيئات الدولية بتحمل مسؤولياتها أو تعوّض الفعل الرسمي بحراك شعبي منظم وفعال.


يجب طرد الآثمين ممن صنعوا بحار الدم من أرضنا، وإزالتهم من مراكز النفوذ التي استخدموها، وإحالتهم إلى المحاكم الدولية حين تتاح السبل القانونية. ويجب محاسبة من زوّدوا أضعف الأمم بأقوى الأسلحة وأطلقوها على الإنسانية.


اليوم مئات، وغدًا عشرات الآلاف، وبعدها مئات الآلاف. حركة الضمائر الرحيمة من إسبانيا وإيطاليا وتونس وتركيا ودول عديدة التي تتجمع في المتوسط للتوجه إلى غزة بخبز ودواء وماء للناجين هي صرخة ضمير عالمي مشترك. أسطول "الصمود" تنظيم شعبي فطري حين تعجز الدول وتُحرم الأمم من الخيارات؛ ومع الوقت سيبرز تنظيمات أكبر وأقوى.


من يقلل من شأن هذه الحركة فليعلم أن خمسين سفينة اليوم قد تصبح مئة غدًا ثم ألفًا بعد ذلك، وأن مئات المتطوعين الآن سيصيرون عشرات الآلاف ثم مئات الآلاف. تغيرت قواعد اللعبة — لم تعد الدول وحدها الفاعل الحاسم كما كان سابقًا.


خلاصة: أمام هذه الجريمة الشاملة، أمام هذا الخطر الذي لا يعترف بحدود ولا يرحم إنسانًا، لم يعد مقبولًا أن نقف متفرجين. الوقوف عاجزًا أو الاكتفاء ببيانات استنكار لم يعد كافيًا. علينا السعي بكل الوسائل المشروعة — المدنية والدبلوماسية والإنسانية — لتحشيد الضمير العالمي وإنقاذ ما تبقى من إنسانية على هذه الأرض.

#غزة
#أسطول الصمود
#جرائم حرب
#إبادة جماعية
#تهجير قسري
#القانون الدولي الإنساني