في الذكرى العاشرة لمحاولة الانقلاب الفاشلة في 15 تموز

08:3714/07/2025, понедельник
تحديث: 14/07/2025, понедельник
سلجوك توركيلماز

عندما نرغب في تحديد الوقت أو الحدث الذي بدأ فيه تنظيم "غولن" الإرهابي يُعتبر إحدى المشاكل الأساسية في تركيا، يتفق معظم الناس على خطاب "وان مينت" في دافوس عام 2009. ولكن قبل عام 2009 بكثير، كانت علاقات أفراد التنظيم الإرهابي بإسرائيل وثيقة جدًا وذلك بتوجيه من زعيم التنظيم، ولم يكن هذا الأمر ليخفى على أحد. فمنذ تسعينيات القرن الماضي، بدأ هذا التنظيم بالتمدد وتعزيز مواقعه وزيادة نفوذه داخل تركيا وفي محيطها الإقليمي تحت مظلة الإمبريالية الليبرالية. وستظهر الأبحاث المتعمقة أن اللغة الدينية في منشورات


عندما نرغب في تحديد الوقت أو الحدث الذي بدأ فيه تنظيم "غولن" الإرهابي يُعتبر إحدى المشاكل الأساسية في تركيا، يتفق معظم الناس على خطاب "وان مينت" في دافوس عام 2009. ولكن قبل عام 2009 بكثير، كانت علاقات أفراد التنظيم الإرهابي بإسرائيل وثيقة جدًا وذلك بتوجيه من زعيم التنظيم، ولم يكن هذا الأمر ليخفى على أحد. فمنذ تسعينيات القرن الماضي، بدأ هذا التنظيم بالتمدد وتعزيز مواقعه وزيادة نفوذه داخل تركيا وفي محيطها الإقليمي تحت مظلة الإمبريالية الليبرالية. وستظهر الأبحاث المتعمقة أن اللغة الدينية في منشورات التنظيم كانت تتراجع بشكل واضح. ولكن هذا الوضع لم يكن ملحوظًا نظراً لتحول التنظيم إلى قوة هائلة. ورغم أنني شخصيًا اكتشفت في النصف الثاني من التسعينيات أن هذا التنظيم الإرهابي قد انحرف تمامًا عن العقلية الدينية التقليدية، إلا أنه استمر في اكتساب النفوذ في المجال الديني خلال انقلاب 28 فبراير (الانقلاب العسكري). ويعزى ذلك إلى دورهم في حمل لواء التوسع الليبرالي. ومن هنا اتخذ التنظيم منذ نشأته موقعًا معارضًا للفكر الإسلامي. ولكن عندما صدح الرئيس أردوغان بـ "وان مينت" في دافوس، انتهت حرية تنظيم غولن الإرهابي تحت رعاية الإمبرياليين الليبراليين. ولهذا يُعتبر عام 2009 نقطة تحول بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

هل كانت "وان مينت" تعبيرًا عن غضب الرئيس أردوغان، الذي كان يشغل منصب رئيس الوزراء آنذاك، ضد الهجمات الإسرائيلية على غزة بين 27 ديسمبر 2008 و18 يناير 2009، أم كانت نتيجة إيمانه بضرورة اتخاذ موقف عملي؟ بغض النظر عن الزاوية التي ننظر منها، فقد كان موقف الرئيس أردوغان في دافوس بالغ الأهمية. أما أولئك الذين سعوا لتصويره على أنه انفعال عابر، فقد فعلوا ذلك انطلاقًا من خشيتهم على موقع تركيا ضمن النظام الغربي. وكان السؤال الذي يخيّم في الأفق حينها: "وماذا لو تطور الأمر أكثر؟" وبالفعل تطوّر، ففي عام 2012، بدأ أردوغان باتخاذ خطوات فعلية لإنهاء التنظيم. وقد أظهر زعيم التنظيم الإرهابي بوضوح وقوفه إلى جانب إسرائيل في حادثة دافوس وحادثة "مافي مرمرة" عام 2010. وقد كشفت كلتا الحادثتين عن التناقض العميق بين الإسلاميين وأتباع تنظيم "غولن" الإرهابي. ولكن الأهم من ذلك كان موقف تركيا من النظام الغربي. فقد كانت البلاد أمام مفترق طرق حاسم: إما أن تشرع في اتخاذ خطوات ثابتة وبطيئة نحو الاستقلال، أو تدخل في مرحلة جديدة من التبعية والانقياد. وقد اختارت تركيا المواجهة مع القوى الإمبريالية. وكان ذلك خيارًا واعيًا ومدروسًا.

لم يكن انقلاب 28 فبراير مجرد أحداث وقعت في يوم واحد، وينطبق هذا الأمر على محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو 2016 أيضًا. ولفهم هذين الحدثين، لا بد من إجراء تحليلات شاملة للعمليات. كما أنني شخصيًا أرى أن مفهومي "المسرحية" و"اللعبة" قد سمما الفكر التركي. وما سمح بتلوّث عالمنا الذهني هو افتقارنا لثراء المفاهيم، وهذا ينطبق حتى على المفاهيم الدينية. فرغم أن زعيم تنظيم غولن الإرهابي شن حربًا على المفاهيم الأساسية للرؤية الإسلامية للعالم، إلا أن الكثيرين لم يتوقفوا عند تداعياتها الدينية. وبالمثل، فإن عناصر التنظيم، من الناحية السياسية كانوا يعملون تحت رعاية المخابرات البريطانية والألمانية والأمريكية والإسرائيلية، ولكن لم يُطرح هذا الأمر كتهديد مباشر لاستقلال تركيا. وحتى في 15 يوليو، تمكنت بعض الأحزاب السياسية ووسائل الإعلام من اختزال النقاشات حول التنظيم في مفاهيم "الحقوق والقانون والعدالة". وهو ما ساهم في حرف دلالات الحدث عن سياقه الحقيقي، ولم يتم إجراء تحليل دقيق للعملية كما ينبغي. وفي 15 يوليو 2016، تلقى عناصر التنظيم ضربة قوية جدًا، وكان لذلك تداعيات خطيرة جدًا على البلاد والمنطقة. يجب تقييم عملية تخلّي تنظيم "بي كي كي" عن السلاح التي نشهدها اليوم في سياق تداعيات 15 يوليو.

والآن لنطرح السؤال الجوهري: هل انتهت معركة تركيا مع تنظيم غولن الإرهابي؟ هذا سؤال مباشر وصريح، ويستحق الطرح. ويمكننا أن نصيغه أيضًا على النحو التالي: هل يعيد أتباع التنظيم الإرهابي تنظيم صفوفهم؟ وإذا كان هناك صراع قائم، ففي أي مرحلة نحن الآن؟ وخلافًا لجميع الآراء والمؤشرات أؤمن شخصيًا أن معركة تركيا مع التنظيم الإرهابي مستمرة بوتيرة بطيئة وحازمة. إن تحليل المسار يفرض علينا فهم السياقات، ذلك أن تنظيم "غولن" لم يكن تنظيمًا عاديًا، بل كان ولا يزال مفتاحًا لكشف الكثير من الحقائق عن بريطانيا وأميركا وألمانيا وإسرائيل. إذ إن التهديد الأكبر الذي تواجهه تركيا والمنطقة، ينبع من هذه الدول تحديدًا، ولذلك لا بد من النظر إلى المعركة مع تنظيم "غولن" الإرهابي ضمن هذا الإطار الأشمل. للأسف لا يمكننا اختزال الأمر في حدث عابر. وبالتالي حتى لو أراد البعض، لا يمكنهم إنهاء الصراع مع التنظيم الإرهابي. ومن هذه الناحية يمكننا أن نطمئن. ولكن للأسف هذا لا يريحنا تماما، لأن التهديد لا يزال قائمًا.


#محاولة الانقلاب الفاشلة
#15تموز
#تركيا
#تنظيم غولن
#إسرائيل
#الرئيس أردوغان