هل يعود الروس إلى سوريا؟

08:2217/10/2025, الجمعة
تحديث: 17/10/2025, الجمعة
يحيى بستان

التقى الرئيس السوري أحمد الشرع في موسكو بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقد ركّزت معظم الأخبار المتعلقة بالاجتماع على مسألة تسليم الأسد إلى سوريا. إلا أنه من الصعب أن تُقدم موسكو على مثل هذه الخطوة؛ فقد أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بوضوح أن الأسد مُنح حقّ اللجوء في روسيا، مغلقًا بذلك الباب أمام أي احتمال آخر. ويبدو أنّ دمشق كانت تدرك مسبقًا هذا الموقف الروسي، ولذلك لم تكن لديها أي آمال بخصوص ملف الأسد. غير أنّ ما تنتظره دمشق من موسكو ـ وفقًا لمعلومات مؤكدة ـ هو المبالغ المالية الضخمة التي

التقى الرئيس السوري أحمد الشرع في موسكو بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقد ركّزت معظم الأخبار المتعلقة بالاجتماع على مسألة تسليم الأسد إلى سوريا. إلا أنه من الصعب أن تُقدم موسكو على مثل هذه الخطوة؛ فقد أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بوضوح أن الأسد مُنح حقّ اللجوء في روسيا، مغلقًا بذلك الباب أمام أي احتمال آخر. ويبدو أنّ دمشق كانت تدرك مسبقًا هذا الموقف الروسي، ولذلك لم تكن لديها أي آمال بخصوص ملف الأسد.

غير أنّ ما تنتظره دمشق من موسكو ـ وفقًا لمعلومات مؤكدة ـ هو المبالغ المالية الضخمة التي هرَّبها الأسد إلى روسيا. فقد تم الكشف عن تحويل نحو 250 مليون دولار نقدًا من دمشق إلى موسكو في عامي 2018 و2019 ، وهذا الجزء الموثق فقط من الأموال المنهوبة، فيما تبقى القيمة الإجمالية مجهولة. وسوريا اليوم بحاجة ماسّة لهذه الأموال. ويمكن القول إن روسيا، التي تخوض حرباً في أوكرانيا والمثقلة بالعقوبات الغربية ومنها تجميد أصولها المالية في أوروبا البالغة 300 مليار دولار، قد لا ترغب حاليا في مناقشة هذا الملف. ولكن هناك قضية أكثر أهمية وهي مستقبل القواعد الروسية في سوريا. فلننتقل إلى الحديث عنها.


دعوة إسرائيل لروسيا بشأن سوريا

دائماً ما نتحدث عن رغبة إسرائيل في رؤية سوريا ضعيفة ومقسمة. كما أنها تسعى إلى تقليص النفوذ التركي في سوريا أو موازنته، ومن الواضح أنها تشعر بالقلق من الوجود التركي قرب حدودها.

ولهذا، لم أتفاجأ عندما قرأت الخبر التالي في آذار/مارس الماضي: "إسرائيل تمارس ضغوطاً على الإدارة الأمريكية لضمان وجود قواعد روسية بدلاً من التركية في سوريا". وتضمنت بعض الأخبار تفاصيل إضافية منها: "تقترح إسرائيل تقسيم مناطق النفوذ في سوريا لإيقاف أردوغان. والتوزيع المقترح من إسرائيل على النحو الآتي: الولايات المتحدة في الشرق، وروسيا على الساحل الغربي، وتركيا في الشمال، وإسرائيل في الجنوب والشرق". ووفقًا لتلك الأخبار، فإنّ إسرائيل ترغب في عودة الدور الروسي في جنوب سوريا إلى ما كان عليه في عهد الأسد، عبر نشر قوات مراقبة روسية هناك.


خلفية الضغوط الإسرائيلية على دمشق

استغلّت إسرائيل أحداث السويداء التي اندلعت في تموز/يوليو الماضي. وبدأت تستهدف سوريا بشكل مباشر، فقصفت محيط القصر الجمهوري أثناء وجود الرئيس أحمد الشرع في مكتبه. وتبع ذلك سلسلة من التطورات سأوجزها لكم:

وجّه الممثل الأمريكي باراك، في 23 تموز/يوليو، رسالة إلى الحكومة السورية (بالتنسيق مع إسرائيل على الأرجح) قال فيها: "أنصحكم بطلب مساعدة أمنية إقليمية". وفي اليوم نفسه، طلبت سوريا رسميًا مساعدة عسكرية من تركيا. ثم أجرى نتنياهو مكالمة هاتفية مع الزعيم الروسي فلاديمير بوتين في 28 تموز/يوليو، أعقبها في 31 من الشهر ذاته توجه وزير الخارجية السوري الشيباني إلى موسكو. وبعد اللقاءات التي جرت خلال تموز، لوحظت تحركات في القاعدة الروسية بمدينة القامشلي. وقد نشرت صحيفة كوميرسانت أن دمشق طلبت من موسكو تسيير دوريات عسكرية روسية في محافظات الجنوب السوري، ولم يُنفَ هذا الخبر.


الروس يسعون لاستعادة قواعدهم

تجري سوريا وإسرائيل مفاوضات بوساطة أمريكية، حول قضية أمن الحدود. وتطالب دمشق بانسحاب إسرائيل من المناطق التي احتلتها بعد 8 كانون الأول/ديسمبر، في حين تبدي تل أبيب استعدادًا للانسحاب من معظم تلك المناطق باستثناء جبل الشيخ، مشترطةً في المقابل إنشاء منطقة منزوعة السلاح في الجنوب السوري. وتشير التقارير إلى أنّ المباحثات وصلت إلى طريق مسدود بسبب إصرار إسرائيل على إنشاء ممرّ يمتد من الجولان إلى السويداء.

ومؤخرًا، أعلنت كل من الولايات المتحدة والأردن وسوريا خريطة طريق تخصّ السويداء، مما أثار توقعات بتوقيع اتفاق سوري إسرائيلي في الأمم المتحدة. ولكن يتضح الآن أن إسرائيل تنتظر وصول القوات الروسية إلى حدودها قبل إبرام أي اتفاق مع دمشق. وفي المقابل، سيطالب الروس باستعادة قواعدهم في حميميم وطرطوس من الحكومة السورية. غير أن السؤال المطروح هو: ألن يتأثر قرار الولايات المتحدة برفع العقوبات بعودة الوجود العسكري الروسي؟ لا بد أن إسرائيل تعتقد أنها قادرة على إقناع واشنطن بهذا الشأن.


على دمشق إعادة النظر في ملف "قسد"

في مقالي الأخير، أشرت إلى أنه ثمة صيغة توافق مؤقتة يتم تداولها بشأن اندماج "قسد" في الجيش السوري. وقد نُشرت التفاصيل في وسائل الإعلام السورية. وتشير الأخبار المتداولة إلى أن عناصر "قسد" لن تُدمج كفيلق، بل على شكل ثلاث فرق تتبع دمشق. وينبغي على الحكومة السورية أن تكون حذرة للغاية بشأن هذا الاندماج. فالتفكير القائم على أنه “ عند بناء جيش قوي واقتصاد متماسك وقدرات سياسية مستقلة لن يكون لهذه النقاشات أهمية" قد يبدو منطقياً وجذابا اليوم، ولكن إدارة المخاطر تتطلب رؤية طويلة الأمد ومزيدا من التدقيق والتمحيص.


عملية إسرائيل الخفية

ونُشر مؤخراً تقرير في وسائل الإعلام الإسرائيلية حول رئيس جهاز المخابرات التركية إبراهيم قالن. لقد اضطلع بدور هام بتكليف من الرئيس أردوغان في قمة شرم الشيخ، لضمان وقف إطلاق النار والهجمات الإسرائيلية. لذلك، من الطبيعي أن يحظى بالاهتمام الإعلامي وتتحدث عنه الأخبار. لكن الغريب هو الادعاء بأن أنقرة "مارست ضغوطاً على حماس عبر قالن من أجل وقف إطلاق النار".

وتؤكد مصادري أن مثل هذه الادعاءات "هراء لا أساس له من الصحة". وبصفتي صحفياً يسعى لمتابعة التطورات خلف وراء الكواليس، أقول إن أنقرة دعمت حماس ووجهتها عبر تدخلات حاسمة أثناء المفاوضات. وتذكرون رد حماس على الخطة المكونة من 20 بندا، والتي أُعلنت بعد لقاء ترامب ونتنياهو، حيث قالت: "نحن نقبل، ولكن بعض البنود بحاجة للتفاوض". وأنقرة هي من كانت وراء هذا الرد. وقد أربك هذا الرد نتنياهو، وسمح بنقل الملف إلى قمة القادة، وأتاح المجال أمام ترامب للتفاوض رغم الضغوط الإسرائيلية، وضمن اعتراف ترامب بحماس كطرف مفاوض، وجعل تركيا دولة ضامنة على طاولة المفاوضات. إن مثل هذه الأخبار التي تظهر في وسائل الإعلام الإسرائيلية تهدف إلى زعزعة الصورة الإيجابية لتركيا دولة ضامنة.


#روسيا
#سوريا
#الاحتلال الإسرائيلي
#قسد
#تركيا
#أحمد الشرع
#بوتين