
وزير الدولة بوزارة المالية السودانية محمد نور عبد الدائم عبد الرحيم قال للأناضول: - كثير من المؤسسات الحكومية والشعبية على استعداد للتعاون مع تركيا والشركات التركية في مختلف مشاريع إعادة الإعمار - الهدف الرئيسي نقل المعرفة والخبرة إلى السودان ونتطلع للتعاون مع الشركات التركية في هذا الشأن - مصرف "إكسيم بنك" التركي كان دائما شريكا للسودان وداعما لمختلف المشاريع الوطنية في بلادنا - عملية إعادة الإعمار في الخرطوم لن تتأثر بالأوضاع بالفاشر
قال وزير الدولة بوزارة المالية السودانية محمد نور عبد الدائم عبد الرحيم، إن عملية إعادة الإعمار في بلاده قد بدأت بالفعل، لا سيما بالعاصمة الخرطوم، مشيرا إلى أن تركيا طرف فاعل مهم يمكن التعاون معه في هذا السياق.
وفي مقابلة مع الأناضول على هامش زيارته إلى تركيا ولقاء مسؤولين فيها، لفت عبد الرحيم إلى أن إعادة الإعمار بالخرطوم (وسط)، لا تتأثر بالأحداث الجارية في مدينة الفاشر (غرب) البعيدة عن العاصمة.
ولفت إلى أن بلاده تحكمها حكومة مدنية منذ مايو/ أيار الماضي، وأن "مجلس السيادة" عيّن كامل إدريس رئيسا للوزراء.
وأوضح أن الحكومة المدنية تعمل على توفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين وتعزيز جهود السلام في السودان خلال هذه الفترة الحرجة.
وتتفاقم المعاناة الإنسانية بالسودان جراء استمرار حرب دامية بين الجيش و"قوات الدعم السريع" منذ أبريل/ نيسان 2023، أدت إلى مقتل عشرات الآلاف وتشريد نحو 13 مليون شخص.
وشدد وزير الدولة بوزارة المالية السودانية على أن القضية الأهم هي الشروع في الإصلاح المؤسسي والاقتصادي، وأنهم يعملون حاليا على تحقيق هذا الهدف.
وأشار إلى أن الحكومة المدنية تحظى باعتراف العديد من المنظمات الدولية والإقليمية، ولديها شركاء تنمية متنوعون.
*إعادة الإعمار أولوية
الوزير السوداني لفت إلى أن الحكومة تعمل بجد في مختلف المجالات، قائلا: "أود أن أؤكد أن الحكومة تتقدم حاليا ليس فقط في مجال المساعدات الإنسانية، بل أيضا على طريق التعافي وإعادة الإعمار".
ولفت إلى أن الصراع أثر سلبا على البنية التحتية والمؤسسات العامة والجسور والطرق والاستثمارات الأجنبية والتجارة، وأن التضخم والبطالة ارتفعا بشكل ملحوظ.
وفي معرض حديثه عن الوضع في الخرطوم وعملية إعادة الإعمار، ذكر أن المدينة شهدت واحدة من أكبر أزمات النزوح في العالم، وأن العديد من السكان اضطروا لمغادرة المنطقة منذ عام 2023.
وتمكن الجيش في 21 مايو/أيار الماضي، من السيطرة على كامل الخرطوم، معلنا خلوها من قوات الدعم السريع، بعد انتصاره في معارك في منطقة صالحة جنوبي مدينة الخرطوم، مركز ولاية الخرطوم التي تضم عدة مدن وقرى أخرى.
وتحدث عبد الرحيم عن بذل جهود مكثفة لإعادة إعمار الخرطوم وتحسين الظروف المعيشية، وأن الناس بدأوا بالعودة إلى المدينة، وأن المدارس أُعيد فتحها.
وأشار إلى أن العمل في مطار الخرطوم شارف على الانتهاء وسيبدأ عملياته، مؤكدا أن المياه متوفرة بشكل شبه كامل في المنطقة.
وأوضح أن المؤسسات العامة بدأت عملها تدريجيا بالخرطوم وأنهم يتوقعون أن تكون جميع المؤسسات تعمل في المدينة بحلول نهاية العام الجاري.
*علاقات تاريخية بين تركيا والسودان
وبخصوص زيارته لتركيا ولقاءاته مع مسؤولين فيها، قال عبد الرحيم: "سعيد وفخور جدا بوجودي في بلدي الثاني تركيا. فهي والسودان تربطهما علاقات تاريخية، والدولتان ليستا غريبتَين أحدهما على الآخر".
ولفت إلى أن إحدى جهود إعادة الإعمار في السودان تركز على الشركات التركية والشعب التركي.
ووفق الوزير السوداني، فإن كثيرا من المؤسسات الحكومية والشعبية على استعداد للتعاون مع تركيا والشركات التركية في مختلف مشاريع التعاون وإعادة الإعمار.
وذكر أن هذه العملية بدأت بالفعل في الخرطوم، وأن أحد الأهداف الرئيسية هو إيجاد شركة تُقدم خدمات تنظيف البيئة وإدارة النفايات في السودان.
* فرص التعاون مع تركيا
عبد الرحيم، أشار إلى أنه قد تكون هناك فرص للتعاون مع الشركات التركية، وأن الهدف الرئيسي هو نقل المعرفة والخبرة إلى السودان، معربا عن تطلعهم للتعاون مع الشركات التركية في هذا الشأن.
وأوضح أن جسرَين استراتيجيين شيدتهما سابقا شركات تركية في الخرطوم دُمِّرَا خلال هجوم "قوات الدعم السريع"، مشددا على ضرورة إعادة إعمارهما بسرعة.
وذكَّر بأن مصرف "إكسيم بنك" التركي (مصرف التصدير والاستيراد) كان دائما شريكا للسودان، وداعما لمختلف المشاريع الوطنية في بلاده.
وأفاد الوزير بأنه سيتواصل مع شركات البنية التحتية خلال زيارته إلى تركيا لتمكين إعادة بناء الطرق السريعة وغيرها من البنى التحتية.
* الوضع في الفاشر
وعن الوضع في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب)، والتي سيطرت عليها "قوات الدعم السريع" أواخر الشهر الماضي، أشار عبد الرحيم إلى أنها تقع في منطقة بعيدة عن الخرطوم، وأن عملية إعادة الإعمار بالأخيرة لن تتأثر بها.
ومنذ 26 أكتوبر/تشرين الأول 2025 تستولي "قوات الدعم السريع" على مدينة الفاشر، وارتكبت مجازر بحق مدنيين، وفق مؤسسات محلية ودولية، وسط تحذيرات من تكريس تقسيم جغرافي للبلاد.
وفي 29 أكتوبر الماضي، أقر قائد "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو "حميدتي" بحدوث "تجاوزات" من قواته في الفاشر، مدعيا تشكيل لجان تحقيق.
وزير الدولة بوزارة المالية السودانية، كشف أن العديد من الدول، لا سيما الولايات المتحدة، "تسعى جاهدة لتسهيل عملية السلام بين الطرفين (الجيش والدعم السريع)".
وخلال الأسابيع الأخيرة بذلت واشنطن جهودا تصب في اتجاه إنهاء الحرب بالسودان.
والأربعاء، دعت واشنطن عبر بيان مستشار الرئيس الأمريكي للشؤون الإفريقية مسعد بولس، أطراف الصراع في السودان إلى وقف إطلاق النار و"تنفيذ الهدنة الإنسانية المقترحة"، التي تمهد لإطلاق عملية سياسية.
بيان بولس كان يشير على ما يبدو إلى دعوة الآلية الرباعية التي تضم مصر والسعودية والإمارات والولايات المتحدة، في 12 سبتمبر/أيلول الماضي، إلى هدنة إنسانية أولية لـ3 أشهر بالسودان، لتمكين دخول المساعدات الإنسانية العاجلة لجميع المناطق تمهيدا لوقف دائم لإطلاق النار.
يلي ذلك إطلاق عملية انتقالية شاملة وشفافة تُستكمل خلال 9 أشهر، بما يلبي تطلعات الشعب السوداني نحو إقامة حكومة مدنية مستقلة تحظى بقاعدة واسعة من الشرعية والمساءلة.
وفي سياق غير بعيد، لفت عبد الرحيم إلى أن مصادر دخل بلاده كانت متنوعة قبل الصراع، وأن حوالي 70 بالمئة من الشعب السوداني كانوا يعملون في الزراعة.
"السودان بلد غني بالموارد الطبيعية والمعادن، ورغم تنوع منتجات التصدير، إلا أن الذهب يحظى بأهمية بالغة حاليا"، هكذا أكمل حديثه.
وأشار الوزير إلى وجود كثير من الشركاء والدول المختلفة في قطاع التصدير، قائلا: "ندرس دولا مختلفة، ربما تركيا فهي من بين الجهات الفاعلة المحتملة التي يمكن أن تكون لها دور، هذا أحد أهداف زيارتنا".
وأعلن أنهم قد يتجهون إلى دول مثل مصر وعُمان، إضافة إلى تركيا، مشيرا إلى أن انقطاع التجارة مع الإمارات لم يؤثر عليهم، وأن عملهم مع مختلف الجهات الفاعلة والشركاء مستمر.
يذكر أنه بالإضافة إلى المعارك العسكرية التي دارت غربي السودان، تشهد ولايات إقليم كردفان الجنوبية الثلاث (شمال وغرب وجنوب)، منذ أيام، اشتباكات ضارية بين الجيش السوداني و"الدعم السريع" أدت إلى نزوح عشرات الآلاف في الآونة الأخيرة.
ومن أصل 18 ولاية بعموم البلاد، تسيطر "قوات الدعم السريع" حالياً على جميع ولايات إقليم دارفور الخمس غربا، عدا بعض الأجزاء الشمالية من ولاية شمال دارفور التي لا تزال في قبضة الجيش، الذي يسيطر على معظم مناطق الولايات الـ13 المتبقية في الجنوب والشمال والشرق والوسط، بينها العاصمة الخرطوم.






