
- الشرع بدأ جولة خليجية هي الثانية له استهلها بالإمارات بهدف جلب الاستثمارات ودفع عجلة الاقتصاد - الخبير جلال بكار، للأناضول: سوريا يمكن أن تكون ممرا برّيا آمنا لاقتصاد الخليج - الخبير فراس شعبو للأناضول: دول الخليج يمكن أن تشجع دولا أوروبية على دعم الاقتصاد السوري
بمستهل جولته الخليجية الثانية، بدأ الرئيس السوري أحمد الشرع، الاثنين، زيارة إلى الإمارات، بهدف جذب الاستثمارات، وتحسين الأوضاع الاقتصادية، وذلك في أعقاب رفع العقوبات الأمريكية عن البلد الذي أنهكه النظام البائد.
وتكتسب الجولة أهميتها كونها تأتي بعد أن وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نهاية يونيو/ حزيران الماضي، أمرا تنفيذيا بإنهاء العقوبات المفروضة على سوريا، وفق بيان للبيت الأبيض.
في حين تم الإبقاء العقوبات المفروضة على رئيس النظام المخلوع بشار الأسد وداعميه، ومنتهكي حقوق الإنسان، وتجار المخدرات، والأشخاص المرتبطين بأنشطة الأسلحة الكيميائية، وتنظيم "داعش" والمنظمات التابعة له، ووكلاء إيران، وفق بيان البيت الأبيض.
القرار الأمريكي جاء وسط ترقب دولي لتداعيات هذا التحول في اقتصاد خسر 800 مليار دولار على مدى عقد ونصف، بحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
وتأتي جولة الشرع الخليجية في وقت بدأت فيه سوريا أولى مراحل التعافي الاقتصادي، من خلال خطوات ملموسة اتخذتها الحكومة، بينها زيادة رواتب العاملين في الدولة والمتقاعدين بنسبة 200 بالمئة، والتي دخلت حيز التنفيذ مطلع يوليو/ تموز الجاري.
** ممر آمن للمستثمرين
تعليقا على المستجدات، رجّح الخبير السوري بالشأن الاقتصادي جلال بكار أن تتكثف زيارات الشرع للدول الخليجية، "إذ لا يمكن للاقتصاد السوري النهوض دون مساهمة خليجية".
واعتبر بكار في حديث للأناضول أن "سوريا المستقرة يمكن أن تكون ممرا آمنا للاقتصاد الخليجي خاصة بريا، لأن نصف الاستقرار مبني على الأمن".
وأكد أن زيارة الشرع "لها رسائل عديدة، أهمها أن سوريا تتجهز لأن تكون منصة استثمار مهمة، بعد عودتها للحاضنة العربية ابتداء من دول الخليج".
وتابع: "سوريا تمثل بوابة اقتصادية تربط الشرق مع الغرب بسبب موقعها المحاذي للأردن جنوبا وتركيا شمالا".
ووصف بكار بلاده بأنها "مرفأ آمن لعبور المستثمرين".
* اتفاقيات محتملة
من جانبه، رأى الخبير الاقتصادي فراس شعبو، أن "الزيارة تأتي لكسر العزلة الدولية عن سوريا إبّان عهد النظام البائد، ولتعزيز الثقة بين دمشق وأبو ظبي".
وأوضح للأناضول، أن الإمارات تعتبر رأس حربة في دول الخليج وتمتلك صناديق سيادية قوية جدا، وهذا يتقاطع أيضا مع الدور السعودي والقطري، وهذه نقلة نوعية بالحراك السوري".
وأشار شعبو إلى أن "مشاريع مثل الطاقة والنقل والزراعة والصناعة يمكن أن تكون على جدول أعمال الزيارة التي ربما تشهد توقيع اتفاقيات مهمة".
ورجح أن يكون هناك "دعم احتياطي للمصرف المركزي السوري لتثبيت سعر صرف الليرة السورية".
كما بيّن شعبو أن "دول الخليج يمكن أن تشجع دولا أوروبية لاتخاذ خطوات مماثلة لدعم سوريا من خلال مؤتمرات دعم متلاحقة".
* الإمارات أولى المحطات
عن الجولة الرئاسية السورية، قالت وكالة الأنباء الرسمية "سانا": "بدأ الرئيس أحمد الشرع جولته الثانية إلى دول مجلس التعاون الخليجي، والتي تأتي بعد رفع معظم العقوبات الدولية عن سوريا".
وتهدف هذه الجولة، وفق الوكالة، "إلى تعزيز التعاون الاقتصادي، وجذب الاستثمارات الخليجية إلى الداخل السوري، في إطار خطة إعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية الشاملة".
وكانت العاصمة الإماراتية أبو ظبي أولى محطات الزيارة، حيث بحث الشرع مع نظيره الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان سبل تعزيز التعاون الاقتصادي والتنموي، وسبل دعم جهود سوريا في مرحلة ما بعد الحرب، وفق المصدر نفسه.
وخلال اللقاء، أكد الشرع أن سوريا "طوت صفحة الحرب والانقسام، وتتجه إلى بناء شراكات إستراتيجية مع الأشقاء في الخليج".
وأشاد "بدور الإمارات الريادي في دعم الاستقرار الإقليمي"، معربا عن "تطلع سوريا إلى الاستفادة من التجربة الإماراتية في مجالات التنمية المستدامة والتحول الرقمي والطاقة النظيفة"، وفق الوكالة.
من جهته، رحّب ابن زايد بزيارة الرئيس الشرع، مؤكدا دعم الإمارات الكامل لجهود الاستقرار والإعمار في سوريا.
وأعرب عن حرص الإمارات "على تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات، وخاصة الاستثمار والبنية التحتية والتكنولوجيا".
ولم تذكر الوكالة تسلسل الزيارات الخليجية المرتقبة للشرع، إلا أن الأنظار تتجه إلى عواصم مهمة مثل الدوحة والرياض والكويت.
* زيارات خليجية سابقة
بعد أيام من توليه منصبه، كانت السعودية أولى المحطات الخارجية للرئيس الشرع، حيث زارها مطلع فبراير/ شباط الماضي، والتقى حينها ولي العهد محمد بن سلمان وبحث معه سبل تعزيز التعاون الثنائي.
وفي 13 أبريل/ نيسان الماضي، زار الشرع أبو ظبي للمرة الأولى، والتقى حينها نظيره الإماراتي، وبحثا سبل تعزيز التعاون الثنائي، وفق وكالة "سانا".
وفي منتصف الشهر نفسه، زار الشرع قطر، وبحث مع أمير البلاد تميم بن حمد آل ثاني آليات تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في عدة مجالات، لا سيما الجانب الاقتصادي.
بعد ذلك، وفي 10 مايو/ أيار الماضي، وصل الشرع إلى البحرين، والتقى الملك حمد بن عيسى في المنامة، وبحثا سبل تعزيز الشراكة بين البلدين.
كما زار الشرع السعودية مرة أخرى، واجتمع مع ترامب منتصف مايو/ أيار الماضي، في لقاء هو الأول من نوعه بين الجانبين، تكلل يومها بإعلان الرئيس الأمريكي قرار رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، بحضور وترحيب ولي عهد المملكة.
أما مطلع يونيو/ حزيران الماضي، بحث الشرع مع أمير الكويت مشعل الأحمد الجابر الصباح خلال زيارته الأولى للدولة الخليجية، آفاق الشراكة وسبل تعزيز الصداقة بين البلدين.
وكانت السعودية وقطر دعمتا سوريا في سداد متأخرات لدى مجموعة البنك الدولي بلغت حوالي 15 مليون دولار.
وتأتي هذه التطورات السياسية والاقتصادية، بعدما بسطت فصائل سورية في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، سيطرتها على العاصمة دمشق بعد مدن أخرى، منهية 61 عاما من حكم حزب البعث الدموي و53 سنة من سيطرة أسرة الأسد.
وأعلنت الإدارة السورية الجديدة، في 29 يناير/ كانون الثاني 2025، الشرع رئيسا للبلاد لفترة انتقالية تستمر 5 سنوات.
وعلى خلفية انتهاكات نظام بشار الأسد المخلوع ومجازره في قمع الثورة منذ 2011، فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى عقوبات على سوريا، شملت تجميد أصول، ووقف التحويلات المالية، والحرمان من التكنولوجيا، وحظر التعامل مع النظام.