
قصة طفل فلسطيني (4 أعوام) فقد والديه في قصف إسرائيلي وأصيب بحروق وشقيقته الكبرى (15 عاما) تتحمل مسؤولية إعالته ورعايته مع 6 آخرين من إخوتهما أصيبوا، وسط الجوع ونقص العلاج في القطاع المحاصر
في مستشفى ناصر جنوب غزة، يجلس الطفل أحمد أبو سحلول (4 أعوام) صامتا، تحيط به آثار الحروق التي غطت وجهه ويديه، فيما يثقل قلبه فقدان والديه اللذين قتلا بصاروخ من مسيرة إسرائيلية استهدف خيمتهم.
أحمد، نجا من الموت مع 6 أشقاء، جميعهم أصيبوا، لكن شقيقته الكبرى شهد (15 عاما) باتت الأم والأب لهم، تحاول رعايتهم وسط انعدام الغذاء والدواء، بينما ينتظر أخوها الصغير فرصة للعلاج.
فقد وألم
وتروي شهد، للأناضول، كيف نزل صاروخ من مسيرة إسرائيلية على خيمتهم في منطقة المواصي بخان يونس، فقتل أباها وأمها وأصاب جميع أشقائها، لكن أحمد كانت إصابته الأقسى. الحروق تغطي رأسه ووجهه وكلتا يديه.
يجلس أحمد صامتا، شارد الذهن، كأنه يحاول استيعاب ما جرى، بينما تتابع الطبيبة حالته بعناية، تتحسس حروقه وتتفقد الضمادات القليلة المتوفرة.
لا يخرج من فمه سوى أنين متقطع من شدة الألم، ويحاول بين الحين والآخر إغلاق عينيه لعل النوم يخفف من معاناته، لكن وجعه يوقظه سريعا.
ومنذ 7 أكتوبر 2023 ترتكب إسرائيل - بدعم أمريكي - إبادة جماعية في غزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
ومنذ ذلك التاريخ، قتلت إسرائيل 61 ألف و776 فلسطينيا من بينهم 18 ألفا و430 طفلاً و9 آلاف و300 سيدة بينهن 8 آلاف و505 من الأمهات، وفق مدير عام وزارة الصحة بغزة منير البرش.
إلى جانب ذلك، أبادت إسرائيل 2613 عائلة بالكامل، فيما فقدت أكثر من 5 آلاف و943 عائلة أكثر من فرد.
المجاعة وسوء التغذية
ووسط هذه المأساة، تجد الطفلة شهد، نفسها تتحمل مسؤولية إعالة ورعاية إخوتها بعد مقتل والديها.
وتقول شهد، بصوت يختلط فيه التعب مع الأمل للأناضول: "جل تفكيري الأن كيف سأطعم أخوتي وأعالجهم في ظل النقص الحاد بالغذاء والدواء".
وتشير إلى أنها باتت لا تفكر في مستقبلها، فقط كل ما تسعى له هو توفير الطعام والعلاج لأحمد و6 من إخوتها تركوا بلا معيل أو سند.
وتضيف شهد وهي تنظر بحزن إلى شقيقها الصغير: "أتمنى أن يجد أحمد من يساعده ويوفر له العلاج والغذاء، ويتكفل برعايته حتى يتمكن من المشي والتحدث معنا من جديد".
ويعيش قطاع غزة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه، حيث يتداخل التجويع الممنهج مع إبادة جماعية ترتكبها إسرائيل منذ 22 شهرا.
وسجّلت وزارة الصحة منذ مطلع عام 2025 نحو 28 ألف حالة سوء تغذية في قطاع غزة، قتل منهم 239 بينهم 106 أطفال.
وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية، بدأت تل أبيب منذ 27 مايو/ أيار الماضي تنفيذ خطة توزيع مساعدات عبر ما يعرف بـ"مؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية" المرفوضة أمميا، حيث تستدرج المجوعين وتستهدفهم بالرصاص الكثيف.
ومنذ بدء هذه الآلية، وصل عدد القتلى إلى 1881 فلسطينيا و13 ألفا و863 مصابا، جراء إطلاق الجيش الإسرائيلي النار يوميا على منتظري المساعدات، بحسب معطيات وزارة الصحة بغزة الخميس.
قسوة الواقع
وتقف شهد، حائرة أمام قسوة الواقع، قائلة: "لا أعرف كيف سنعيش في هذا الحر داخل الخيمة، ونحن بلا طعام ولا ماء ولا دواء".
وتتابع: "حروق أحمد ستأخذ وقتا طويلا لتشفى، لكننا لا نملك أي مرهم أو أدوات للتغيير على جروحه. كل ما أريده هو أن تصل رسالتي للعالم.. ساعدونا".
ومؤخرا حذر البرنامج من أن "ثلث سكان غزة لم يأكلوا منذ عدة أيام"، واصفا الوضع الإنساني بأنه "غير مسبوق في مستويات الجوع واليأس"، فيما أكدت الأمم المتحدة أن غزة بحاجة إلى مئات شاحنات المساعدات يوميا لإنهاء المجاعة التي تعانيها جراء الحصار والإبادة.
والأربعاء، قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" فيليب لازاريني، إن مليون طفل في قطاع غزة محرومون من التعليم ويعانون من صدمة نفسية عميقة.
وفي 2 أغسطس/أب الجاري، حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" من أن أطفال غزة يموتون بمعدلات "غير مسبوقة" جراء الجوع وتدهور الأوضاع جراء الإبادة الإسرائيلية.