لماذا استدعى ترامب الحرس الوطني إلى واشنطن قبيل لقائه بوتين؟

08:0614/08/2025, Perşembe
تحديث: 14/08/2025, Perşembe
نيدرت إيرسانال

ثمة تناقضٌ واضح بين موقف كلٍّ من بريطانيا وفرنسا، وإلى حد ما ألمانيا إزاء مسألة "السلام" بين إسرائيل وفلسطين، وبين المساعي الأمريكية لنفس الهدف. والأمر ذاته ينطبق على حرب روسيا وأوكرانيا حيث يتجلى التناقض ذاته. فمثلث القارة العجوز يريد إيقاف إسرائيل، لا بدافع التعاطف مع فلسطين، بل لسبب آخر يمكن تلخيصه في خلافهم مع "صفقة ترامب للسلام". دعونا ننظر إلى الأمر كاختلافات بين الخطة الجيوسياسية والإقليمية للسفير باراك ومقارباتهم الخاصة، ولنقل أيضًا إنه محاولة منهم لموازنة كفة الموقف في أوكرانيا. (راجع مقال:

ثمة تناقضٌ واضح بين موقف كلٍّ من بريطانيا وفرنسا، وإلى حد ما ألمانيا إزاء مسألة "السلام" بين إسرائيل وفلسطين، وبين المساعي الأمريكية لنفس الهدف. والأمر ذاته ينطبق على حرب روسيا وأوكرانيا حيث يتجلى التناقض ذاته. فمثلث القارة العجوز يريد إيقاف إسرائيل، لا بدافع التعاطف مع فلسطين، بل لسبب آخر يمكن تلخيصه في خلافهم مع "صفقة ترامب للسلام".

دعونا ننظر إلى الأمر كاختلافات بين الخطة الجيوسياسية والإقليمية للسفير باراك ومقارباتهم الخاصة، ولنقل أيضًا إنه محاولة منهم لموازنة كفة الموقف في أوكرانيا. (راجع مقال: "السفير باراك يرسم خارطة طريق ترامب للمنطقة" 3 أغسطس).

ومع ذلك، يمكننا الجزم بأن لندن هي محور القضية، إذ تجرُّ خلفها مستعمراتها مثل كندا وأستراليا وحتى نيوزيلندا. وتصريحات هذه الدول حول "الاعتراف بدولة فلسطين" دائمًا ما تكون منسجمة مع التوجه البريطاني.

وهذا هو سبب غضب وزير الخارجية الأمريكي، حيث صرح: "انهارت المفاوضات مع حماس في اليوم الذي أعلن فيه ماكرون عن خطوة أحادية الجانب بالاعتراف بالدولة الفلسطينية. وبعد ذلك، خرجت دول أخرى (في إشارة إلى بريطانيا) وقالت: 'إذا لم يكن هناك وقف لإطلاق النار بحلول سبتمبر، فسوف نعترف نحن أيضًا'. لو كنت مكان حماس، سأفكر: 'دعونا لا نوقف إطلاق النار. يمكننا تحقيق انتصار من هنا'. إن الخطوات الرمزية نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية تجعل التوصل إلى اتفاق مع حماس ووقف إطلاق النار في المنطقة أكثر صعوبة."

أليس الأمر غريباً؟ فالولايات المتحدة تتهم فرنسا وبريطانيا صراحةً بتخريب "سلام ترامب" وبقراءة أوسع، إنها تتهمهما بتقويض "خطة الشرق الأوسط" التي تحدث عنها السفير باراك.

ولا يُعرف إن كان هذا يزيد من تعقيد مشاعر أنقرة أم لا، لكن بطبيعة الحال فإن اعتراف لندن وباريس وبعض الدول الأوروبية بفلسطين أمر مقبول، لكن يجب ألا ننسى أن هذه الدول نفسها كانت حتى وقت قريب تقدم كافة أشكال الدعم المادي والمعنوي لإسرائيل، وبالتالي فهي متورطة بالدرجة الأولى في قتل الأبرياء الفلسطينيين. لذا يمكنكم قبول دعمهم السياسي بوصفه ضغطًا على إسرائيل، ولكن لا يمكن تبرئتهم.

الأمر ذاته ينطبق على قضية أوكرانيا، لكن بتوزيع مختلف للأدوار، فالداعون إلى "السلام مع إسرائيل" في الشرق الأوسط، هم أنفسهم الراغبون في استمرار الحرب ضد روسيا. وقد شكل اللقاء المقرر بين ترامب وبوتين صدمة لهم. فاجتماع قادة القوتين العظميين في ألاسكا، سيؤدي بشكل أو بآخر إلى تقارب بينهما، ولا سيما بشأن أوكرانيا.

ويسعى البيت الأبيض إلى تهميش الدور الأوروبي دون استبعاده بالكامل، وهذا هو سبب الاجتماع مع الأوروبيين، وخاصة بريطانيا، قبل القمة. ومن المعروف أن المبعوث الخاص لترامب، ويتكوف، عرض على بوتين في موسكو عددًا من نماذج الحلول. وحتى الآن، لا يُعرف مدى اقتناع الأوروبيين بهذه المقترحات، لكن البيان المشترك الصادر عن بريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي حول أوكرانيا، رغم أنه يبدو ظاهريًا وكأنه يدعم دبلوماسية ترامب، لكنه في جوهره لا يتطابق مع ما ترغب به واشنطن. بل إنّ هذه الأطراف قدّمت للإدارة الأميركية مسودة مقترح يمكن اعتبارها "عرضا مضادا".

وكما اتهم وزير الخارجية "روبيو" فرنسا وبريطانيا بتعطيل عملية السلام الفلسطيني الإسرائيلي، فإن نائب الرئيس "فانس" يوجه اتهاماً مشابهًا فيما يخص أوكرانيا: "لم نعد نرغب بتمويل الدفاع الأوكراني ضد الغزو الروسي، لكننا لا نمانع بقيام الدول الأوروبية بشراء الأسلحة من الشركات الأمريكية لدعم كييف. نريد حلاً سلمياً، نريد وقف القتل، لكننا لن نمول الحرب".

وقد قرأتم هذه العبارات هنا بالحرف، قبل أيام من نطق "فانس" بها. (راجع مقال "هيدرا" 10 أغسطس).

خلاصة القول: هناك صراع بين الكتلتين الغربيتين في أوروبا والشرق الأوسط. ويمكن تفسير أسبابه السياسية في إطار سعي القوى النيوليبرالية العالمية المتراجعة، والتي يجسدها إعادة انتخاب ترامب، للتشبث بالنظام القائم. والأمثلة الواردة أعلاه توضح ذلك بجلاء، بل ويمكن رصد انعكاسات هذه المعادلة أيضًا في تطورات آسيا والمحيط الهادئ، وتحديدًا في الصين، وأخيراً في منطقة بحر قزوين وجنوب القوقاز.

ويشير وصف "ممرّ زنغزور" بـ "طريق ترامب" إلى تحوّل استراتيجي لافت، ويُتوقّع أن تنضم إليه جورجيا أيضاً. ويمكن النظر إلى هذا التطوّر في سياق تراجع النفوذ الإيراني والروسي، بعد الملف السوري، لكن هذه المرة في حدائقهما الأمامية والخلفية. ولكن كيف تنظر بريطانيا وفرنسا إلى هذا المسار؟ وهل الشركاء والمنافسون في هذه الساحة الجيوسياسية هم أنفسهم الشركاء والمنافسون في ملفي أوكرانيا والشرق الأوسط؟ ففي سوريا، على سبيل المثال، كانت بريطانيا في طليعة المشهد عند بداية مسار تغيير النظام في دمشق، أما اليوم فتتصدّر الولايات المتحدة المشهد.

أما أولئك الذين رسخوا مواقعهم بدعم من "المعارف والأصدقاء" أو الذين يكثرون الكلام عن الاستراتيجيات في البرامج المسائية، فقد أصبحوا الآن مبتهجين كالأطفال لأنهم "رأوا أخيراً" تمركز الولايات المتحدة في القوقاز. لكننا تجاوزنا تلك المرحلة، والأمور ليست كما تبدو.

من الواضح أن لقاء بوتين وترامب سيثير جدلاً واسعاً، لكن بما أن هذه السطور تكتب قبل انعقاده، فلا يمكننا مناقشة "نتائجه" بعد.

يمكننا بدل ذلك أن ننظر إلى توقيت اللقاء من زاوية "نظرية المؤامرة"، ونتساءل: هل هناك شبكة خفية تربط بين الأطراف المعنية؟

وبينما كان الرئيس ترامب يحزم حقائبه متوجهاً إلى ألاسكا للقاء بوتين، حدث أمر غريب في واشنطن..

أعلن البيت الأبيض، في جلسة حضرها وزير الدفاع، عن نشر "قوات فيدرالية" في العاصمة الأمريكية، مع التلويح بإمكانية استدعاء قوات الحرس الوطني والجيش إذا لزم الأمر. وترددت عبارات مثل "الحكومة الفيدرالية تسيطر على واشنطن" (وتجدر الإشارة إلى أن واشنطن تقع تحت إدارة بلدية ذات أغلبية ديمقراطية، وعلى عكس نظامنا، فإن قوات الشرطة هناك تتبع للبلدية أيضاً).

وتعلل إدارة ترامب هذا القرار بوجود تشكيلات إجرامية في المدينة، ولكن حتى لو كان هذا صحيحاً، فإن الخطوة تبقى غريبة. والأغرب أن ترامب صرح أثناء الإعلان عن القرار: "سألتقي بوتين غداً، لكنني منشغل بهذه القضية الآن".


#ترامب
#الحرس الوطني
#واشنطن
#أمريكا
#فلسطين
#إسرائيل
#أوروبا
#الشرق الأوسط