
** المحكمة العليا البريطانية قررت رفض دعوى مرفوعة لوقف صادرات السلاح إلى إسرائيل بسبب استخدامها في استهداف المدنيين والبنى التحتية والمرافق الإنسانية بغزة **النائب البريطاني ريتشارد بورغون للأناضول: - لم يعد بالإمكان الاختباء خلف القضاء، وعلى الحكومة أن تحسم الأمر - غالبية البريطانيين يعارضون تصدير الأسلحة لإسرائيل، وحان الوقت لكي تستمع الحكومة لصوت الشارع - من منطلق إنساني، يتوجب علينا أن نتحمل مسؤوليتنا تجاه سكان غزّة
بعد قرار المحكمة العليا البريطانية رفض دعوى مرفوعة من أجل وقف صادرات السلاح لإسرائيل، دعا النائب ريتشارد بورغون حكومة البلاد إلى إعلان "موقف واضح" واتخاذ "قرار أخلاقي وسياسي" بوقف تلك الصادرات.
وجاءت دعوة بورغون في أعقاب إعلان المحكمة العليا البريطانية، الاثنين الماضي، قرارها برفض الدعوى المرفوعة لوقف صادرات السلاح إلى إسرائيل واعتبار أن قضية تصدير المعدات العسكرية، بما فيها تلك المتعلقة بمقاتلات "إف-35"، ليست من اختصاص القضاء بل يعود إلى السلطة التشريعية والتنفيذية.
وحذر بورغون من أنه في حال لم تقم الحكومة بحسم الأمر، فإنه سيُطالب بإجراء تصويت داخل البرلمان حول الموضوع.
وعقب صدور الحكم، شارك بورغون في مؤتمر صحفي أمام مبنى المحكمة، تحدث خلاله إلى الأناضول وأكد أن الحكم يجب ألا يُفسَّر على أنه "مبرر للتهرب من المسؤولية".
وقال: "قد يكون هناك من يشعر بالراحة داخل الحكومة بعد هذا القرار، لكن ذلك سيكون خطأً فادحًا".
"فالمحكمة قالت بوضوح إن مسألة استمرار تصدير قطع الغيار الخاصة بطائرات إف-35 ليست من شأن القضاء"، واصل النائب.
وشدد على أن الحكم أوضح أن القرار المتعلق بصادرات المعدات العسكرية يجب أن يتم البت فيه من قبل الحكومة والبرلمان.
وأضاف: "لا يمكن للحكومة أن تلقي بالمسؤولية على الآخرين بعد اليوم. لم يعد من المقبول انتظار ما سيقوله القضاء، لأنه قال كلمته".
"الآن على الحكومة أن تحسم الأمر، إما أن تستمر في تصدير الأسلحة التي تُستخدم في ارتكاب إبادة جماعية بحق سكان غزة، أو أن تتخذ قرارًا أخلاقيًا وسياسيًا بوقف تلك الصادرات"، أردف بورغون.
وزاد: "وإذا لم تفعل، فسأدعو لإجراء تصويت فوري في البرلمان بشأن قضية استمرار تصدير المعدات العسكرية وقطع الغيار الخاصة بالمقاتلات اف-35".
وأوضح بورغون أن الرأي العام البريطاني بات "واضحًا" حيال تصدير التجهيزات العسكرية لإسرائيل.
"فغالبية البريطانيين يعارضون تصدير أي نوع من الأسلحة لإسرائيل. لقد حان الوقت لكي تستمع الحكومة لصوت الشارع، وتتوقف عن الاحتماء وراء المسارات القانونية، وتتحمل مسؤولياتها الديمقراطية وتتخذ موقفًا أخلاقيًا عبر وقف تلك الصادرات"، وفق النائب.
- المسؤولية الأخلاقية
وفي سياق متصل، أشار بورغون إلى الرسالة التي وُجهت مؤخرا إلى رئيس الوزراء كير ستارمر ووزيرة الداخلية إيفيت كوبر، والتي وقّع عليها عدد من النواب وأعضاء مجلس اللوردات.
وكانت الرسالة طالبت بإطلاق برنامج تأشيرات مشابه للنموذج الأوكراني، يسمح للفلسطينيين في غزة بالالتحاق بأسرهم المقيمة في بريطانيا.
وشدد النائب على أن الحكومة "مطالبة بإثبات أنها تعتبر جميع البشر سواسية".
وذكر بترحيبه بالمساعدة التي قدمها الشعب والحكومة في بريطانيا للاجئين الأوكرانيين عقب اندلاع الحرب مع روسيا.
وقال: "علينا أن نُعامل سكان غزة بالمثل، لأن جميع البشر متساوون. من منطلق إنساني، من واجبنا أن نتحمل مسؤوليتنا تجاه سكان غزّة".
وفي رده على تلك الرسالة، تحدث المتحدثٌ باسم مكتب رئاسة الوزراء في بريطانيا جيريمي هنت، عن "وجود مسارات متعددة" متاحة أمام الفلسطينيين الذين يرغبون في الالتحاق بأقاربهم المقيمين في المملكة المتحدة.
وأضاف المتحدث: "بشكل عام، نحن نطالب بوقف إطلاق نار فوري، والإفراج عن جميع الرهائن (الأسرى) (..)، وحماية المدنيين، وزيادة حجم المساعدات الإنسانية الواصلة إلى غزة".
وكانت منظمتا "الحق" الفلسطينية و"شبكة العمل القانوني العالمي" (GLAN) البريطانية قد تقدمتا العام الماضي، بدعوى قضائية ضد الحكومة البريطانية، متهمتين إياها بتجاهل مطالب متكررة بوقف صادرات الأسلحة إلى إسرائيل، بما فيها قطع غيار الطائرات الحربية من طراز "إف-35".
وشملت الدعوى أدلة على استهداف المدنيين، والبنى التحتية، والمرافق الإنسانية مثل المستشفيات والمخابز والمدارس، إضافة إلى مخازن الأغذية ومصادر المياه، مشيرة إلى سياسات التهجير القسري والتجويع التي تنتهجها إسرائيل في قطاع غزة.
وأتت الدعوى بعد أن علقت بريطانيا في سبتمبر/ أيلول الماضي، 30 من أصل 350 ترخيصا لتصدير الأسلحة رغم أنها أعفت التصدير غير المباشر لقطع غيار مقاتلات إف-35، وأرجعت ذلك إلى التأثير الذي قد يلحق بالبرنامج العالمي لهذه الطائرات.
وتقول مؤسسة الحق إن قرار بريطانيا "غير قانوني لأن هناك خطرا واضحا من احتمال استخدام مقاتلات إف-35 في انتهاك للقانون الإنساني الدولي".
وعُقدت جلسات الاستماع في هذه القضية يومي 18 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 و13 مايو/ أيار 2025.
كما قدمت منظمات دولية مثل أوكسفام، والعفو الدولية، و"هيومن رايتس ووتش"، وثائق تدين استمرار بريطانيا في تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، معتبرة ذلك "انتهاكًا" لالتزاماتها بموجب القانون الدولي.
بدورها، خلصت المحكمة العليا البريطانية في قرارها النهائي، بأن البت في قرار تصدير الأسلحة لإسرائيل ليس من صلاحيات القضاء، ولا يندرج ضمن صلاحيات المحاكم، بل هو من اختصاص البرلمان والحكومة.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية في غزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت هذه الحرب أكثر من 193 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم عشرات الأطفال.