"فاتحة خير".. بئر تفاجئ السوريين بالغاز بدلا من الماء

11:3710/08/2025, الأحد
الأناضول
"فاتحة خير".. بئر تفاجئ السوريين بالغاز بدلا من الماء
"فاتحة خير".. بئر تفاجئ السوريين بالغاز بدلا من الماء

الأناضول استطلعت آراء مسؤولين وبعض أهالي بلدة عكوبر الذين تفاجئوا قبل نحو شهر بخروج الغاز الطبيعي من بئر بدلا من الماء مواطن سوري: حفر البئر ومحاولة استخراج مياه الشرب كانت مبادرة خيرية تهدف لخدمة سكان البلدة. رئيس بلدية عكوبز: وزارة الطاقة أرسلت فريقا مختصا أوصى بمراقبة تدفق الغاز مدة شهر ولم نكن نجرؤ على الحديث عن اكتشاف كهذا في عهد النظام المخلوع

لم يكن أهالي بلدة عكوبر في محافظة ريف دمشق جنوبي سوريا، يتوقعون أن أشغالهم في إحدى الآبار ستفضي إلى الحصول على الغاز الطبيعي بدلا من مياه الشرب.

السوريون هناك فوجئوا بخروج الغاز الطبيعي من بئر حُفرت بدعم من أحد المتبرعين بغرض تأمين مياه الشرب، في تطور غير متوقع أعاد الأمل لسكان المنطقة بمستقبل اقتصادي واعد قائم على استثمار الموارد الطبيعية.

وتقع بلدة عكوبر، التي يقطنها نحو 4 آلاف نسمة على بُعد 30 كيلومترًا شرقي العاصمة السورية دمشق، ويعتمد معظم سكانها على الزراعة كمصدر أساسي للرزق.

وجرى حفر البئر بهدف تأمين المياه، إلا أن استمرار خروج الغاز منها منذ أكثر من شهر أثار تساؤلات حول احتمالية وجود احتياطي يمكن أن يسهم في دعم الاقتصاد المحلي والوطني.

وتعاني البلاد من أزمة اقتصادية غير مسبوقة، جراء الحرب المدمرة التي شنها نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد على السوريين لـ14 عاما، والعقوبات التي كانت مفروضة إثر قمع قوات الأمن والجيش في العهد البائد للثائرين على نظام البعث.

لكن الحكومة السورية الجديدة تبذل جهودا حثيثة من أجل التعافي الاقتصادي، وتسعى إلى جذب المستثمرين ورجال الأعمال إلى البلاد، بهدف النهوض بالواقع المعيشي للمواطن الذي دفع فاتورة باهظة الثمن خلال سنوات الثورة على نظام الأسد (2011- 2024).

والجمعة، أعلنت وزارة الطاقة السورية، أن وصول الغاز الأذربيجاني (بدأ مطلع أغسطس/ آب الجاري) سيساهم في رفع التغذية الكهربائية في البلاد بمعدل 5 ساعات إضافية اعتبارا من مطلع الأسبوع المقبل.

** "فاتحة خير"

وبهدف تسليط الضوء على الاكتشاف، استطلعت الأناضول آراء مسؤولين وبعض أهالي بلدة عكوبر الذين تفاجئوا قبل نحو شهر بخروج الغاز الطبيعي من بئر بدلا من الماء.

بدوره، قال أحد القائمين على حفر البئر، المواطن السوري عدنان غدّام إن حفر البئر ومحاولة استخراج مياه الشرب كانت مبادرة خيرية تهدف لخدمة سكان البلدة.

وأضاف غدام أن "خروج الغاز بدلا من المياه شكّل مفاجأة كبيرة لجميع سكان البلدة، لأن ذلك لم يكن في دائرة التوقعات أبدا".

وأضاف: "بدأنا الحفر بهدف العثور على مياه جوفية في ريف دمشق، لكننا صُدمنا بخروج الغاز".

وأعرب عن أمله في "أن يكون هذا المورد الجديد فاتحة خير لعكوبر ولسوريا كلها".

وأكد غدّام أن "موارد سوريا الطبيعية تكفي الجميع"، مضيفًا: "في عهد نظام بشار الأسد لم يكن من الممكن حتى الحديث عن حفر آبار، أما اليوم، فنحن نأمل أن تسهم الحكومة الجديدة في إيصال هذه الموارد إلى الشعب".

** يجب مراقبة البئر

من جانبه، قال رئيس بلدية عكوبر، حسن صالح إسماعيل إن السكان تفاجؤوا بخروج الغاز أثناء حفر بئر عمقها نحو 140 مترًا، في حين أن المياه عادة ما تُستخرج في المنطقة من عمق 70 مترًا فقط.

وفيما يتعلق بالإجراءات التي اتخذت بعد خروج الغاز، أضاف إسماعيل: "ما إن لاحظنا خروج اللهب من البئر، حتى بادرنا بإبلاغ وزارة الطاقة، التي أرسلت مهندسين لإجراء فحص ميداني".

وأوصى المهندسون، وفق رئيس البلدية "بترك البئر مفتوحة لمدة شهر لمراقبة التدفق، وهو ما زال مستمرًا حتى الآن".

ولفت إلى أن "هذا الاكتشاف قد يفتح آفاقًا جديدة لسكان البلدة، سواء من حيث فرص العمل أو التنمية الاقتصادية".

كما أعرب عن أمله في "أن تقوم وزارة الطاقة بإجراء دراسات شاملة في المنطقة، فقد يكون هناك المزيد من احتياطات الغاز".

وبشأن الحوادث السابقة المماثلة، أشار رئيس البلدية إلى أن "واقعة مشابهة حدثت في المنطقة قبل نحو 5 أعوام، حيث تم رصد خروج غاز من بئر أخرى تقع على بُعد 25 مترًا فقط من البئر الحالية، إلا أن السكان حينها لم يُبلغوا أحدًا خوفًا من بطش النظام السابق".

وقال: "في تلك الفترة، لم يكن بمقدورنا الحديث علنًا عن اكتشاف كهذا، إذ كنا نخشى التهجير ومصادرة ممتلكاتنا".

أما اليوم، وفق إسماعيل، فيشعر السكان بالأمان والاستقرار "مع وجود إدارة تسعى لخدمة الشعب، وقد أبلغنا السلطات فورًا".

وختم إسماعيل حديثه قائلا: "نتمنى أن يكون هذا الاكتشاف بداية لمرحلة جديدة تعود بالنفع على عكوبر وسوريا بأسرها، وأن يتم استثمار هذه الموارد بما يخدم الناس الذين صمدوا سنوات في وجه المعاناة".

** احتياطيات الغاز

وحسب إحصائيات عام 2015، سجلت احتياطيات الغاز المؤكدة في سوريا نحو 8.5 تريليونات قدم مكعب، بينما يبلغ متوسط الإنتاج اليومي من الغاز غير المصاحب للنفط حوالي 250 مليون متر مكعب، ما يمثل 58 بالمئة من إنتاج الغاز الكلي في البلاد.

أما الغاز المصاحب للنفط، فيشكل 28 بالمئة من الإنتاج، حيث يأتي أغلبه من شرق نهر الفرات (شرق).

وفي عام 2010، كان النفط يمثل 20 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لسوريا، ونصف صادراتها، وأكثر من 50 بالمئة من إيرادات الدولة، بينما كانت البلاد تنتج 390 ألف برميل نفط يوميا، إلا أن الإنتاج تراجع بشكل حاد ليصل في 2023 إلى 40 ألف برميل يوميا فقط.

وينتج النفط السوري من منطقتين رئيسيتين هما، الشمال الشرقي خاصة في الحسكة، والشرق الممتد على طول نهر الفرات حتى الحدود العراقية قرب دير الزور، مع وجود حقول صغيرة جنوب الرقة، بينما تتركز الموارد الغازية في المناطق الممتدة حتى تدمر وسط البلاد.

وفي 8 ديسمبر/ كانون الاول 2024، بسطت فصائل سورية سيطرتها على دمشق بعد مدن أخرى، منهية 61 عاما من نظام حزب البعث الدموي، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.

وفي 29 يناير/ كانون الثاني الماضي، أعلنت الإدارة السورية الجديدة تعيين أحمد الشرع رئيسا للبلاد بالمرحلة الانتقالية، بجانب قرارات أخرى منها حل الفصائل المسلحة والأجهزة الأمنية القائمة بالعهد السابق، ومجلس الشعب (البرلمان)، وحزب البعث الذي حكم البلاد على مدى عقود، وإلغاء العمل بالدستور.

#بلدة عكوبر
#ريف دمشق
#سوريا
#غاز طبيعي