بوادر هجوم جديد على إيران

08:422/09/2025, Salı
تحديث: 2/09/2025, Salı
يحيى بستان

في يونيو الماضي، كانت التساؤلات تتزايد حول ما إذا كانت إسرائيل ستشن هجومًا على إيران أم لا. واستنادًا إلى تجارب سابقة، كان الاعتقاد السائد هو أن هذا الصراع لن يتحقق. وفي 12 يونيو، كتبت أن "ميزان التصعيد قد يتجه من الحرب النفسية إلى صراع ساخن" (راجع مقال: "هل أحكم نتنياهو قبضته على ترامب؟")، وعند نشر المقال في اليوم التالي، كانت الطائرات الإسرائيلية قد بدأت بالفعل في استهداف طهران. كانت الولايات المتحدة تقدم الدعم لإسرائيل في الدفاع عن نفسها، إلا أن التساؤل الأكبر كان يتمثل فيما إذا كانت واشنطن ستشارك

في يونيو الماضي، كانت التساؤلات تتزايد حول ما إذا كانت إسرائيل ستشن هجومًا على إيران أم لا. واستنادًا إلى تجارب سابقة، كان الاعتقاد السائد هو أن هذا الصراع لن يتحقق. وفي 12 يونيو، كتبت أن "ميزان التصعيد قد يتجه من الحرب النفسية إلى صراع ساخن" (راجع مقال: "هل أحكم نتنياهو قبضته على ترامب؟")، وعند نشر المقال في اليوم التالي، كانت الطائرات الإسرائيلية قد بدأت بالفعل في استهداف طهران.

كانت الولايات المتحدة تقدم الدعم لإسرائيل في الدفاع عن نفسها، إلا أن التساؤل الأكبر كان يتمثل فيما إذا كانت واشنطن ستشارك مباشرة في الهجوم الإسرائيلي. فقد كانت رسائل الرئيس الأمريكي ترامب متناقضة، حيث لم يتطابق تصريح مع آخر. وفي 20 يونيو، ذكرتُ أن الولايات المتحدة قد تنضم إلى الصراع في نهاية الأسبوع. (راجع مقال: سيناريو كارثي.. هجوم أميركي مباغت). وقد تحقق هذا السيناريو بالفعل، إذ شنت القوات الأمريكية هجومًا في منتصف الليل على المنشآت النووية الإيرانية في نهاية ذلك الأسبوع.

والآن، تلوح في الأفق بوادر هجوم جديد على إيران. وتشير تحليلاتي إلى أن هذا الهجوم قد يكون وشيكًا. وقبل مناقشة توقيت هذا الهجوم المحتمل، يجب أولاً تحليل تداعياته الإقليمية.


نعم نتنياهو يحكم قبضته على ترامب

عند تولي ترامب الرئاسة، كانت سياسات الولايات المتحدة وإسرائيل متوافقة تمامًا فيما يتعلق بفلسطين، وما زالت كذلك حتى اليوم، فواشنطن تدعم الإبادة الجماعية في غزة. ويثير احتمال اعتراف بعض الدول بالدولة الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة حالة من الذعر في واشنطن وتل أبيب، الأمر الذي دفع إسرائيل إلى تفعيل خطط ضم قطاع غزة، وتنفيذ مخطط E1 الاستيطاني لضم الضفة الغربية. وفي الوقت نفسه، ألغت الولايات المتحدة تأشيرة محمود عباس، وعقد ترامب على عجل اجتماعًا خاصًا حول غزة. وعقب هذا الاجتماع، تسربت إلى الإعلام تفاصيل "خطة ريفييرا".

ورغم أن ترامب ونتنياهو يتفقان في نظرتهما للقضية الفلسطينية، إلا أنهما كانا يختلفان كلما اتجهنا شمالًا. فكان خلافهما واضحًا بشأن سوريا وإيران. وتذكرون تحذير ترامب لنتنياهو بأن يكون "متعقلا". إلا أن اللوبي الإسرائيلي يتمتع بنفوذ كبير في واشنطن. ولدى نتنياهو استراتيجية محددة: يُطيل أمد الخلافات مع ترامب ثم يتدخل اللوبي من الداخل ليصوغ السياسات الخارجية الأمريكية.

ففي البداية، نجحوا في سد الفجوة بين تل أبيب وواشنطن بخصوص إيران، وأقنعوا ترامب بضربها. والآن يسعون إلى سحب الولايات المتحدة، التي تبني سياستها على الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، نحو سياساتهم الخاصة. وما حدث مع السفير توماس باراك، الذي بدأ يقترب من الخط الإسرائيلي في مواقفه من "واي بي جي"والفيدرالية، بعد أن كان يتحدث سابقًا بلهجة مختلفة، هو خير مثال على ذلك.


التحرك نحو الضغط على تركيا

شرعت إسرائيل في تغيير صورة تركيا لدى واشنطن، مستهدفةً الحوار بين ترامب وأردوغان. وسبق أن نبهت إلى أنهم سيطلقون حملة ضد تركيا (انظر:" الكشف عن عملاء إسرائيل المتخفين" 26 أغسطس). ولم يمض وقت طويل حتى جاءت الضربة الأولى من عناصر تنظيم "غولن" الإرهابي الهاربين خارج البلاد، فقد بدأت نصوص مفبركة، تحمل بصمات جماعة غولن، في الانتشار عبر وسائل الإعلام الإسرائيلية، محاولة ربط تركيا بإيران وداعش وحماس.

وبعد ذلك وردت أنباء جديدة من واشنطن، حيث طالب النائبان الديمقراطيان دان غولدمان وجوش غوتهايمر، بإجراء تعديلات على قانون تفويض الدفاع الوطني السنوي، مطالبين بالتحقيق في علاقات تركيا مع حماس، وتحمل هذه الخطوة أيضًا سمات الشراكة الإسرائيلية اليونانية.


تقديرات الموساد بشأن الملف النووي

لنعد إلى صلب الموضوع. عندما انتهت حرب الـ12 يومًا بوقف إطلاق النار، قام ترامب بإعادة الطائرات الإسرائيلية التي كانت تستعد لمهاجمة إيران، معتقدا أنه تم القضاء على القدرات النووية الإيرانية إلى الأبد. لكن إسرائيل كان لها رأي آخر. فبعد فترة وجيزة من تصريح ترامب، انتشر في وسائل الإعلام الأمريكية خبر يُرجَّح أن مصدره الموساد، يفيد بأن الجيش الأمريكي يرى أن الضرر الذي لحق بالبرنامج النووي الإيراني لن يؤخر العمل فيه سوى ثلاثة أشهر، في حين تقدّر الاستخبارات الإسرائيلية أن الضرر الذي لحق بإيران أدى إلى تأجيل التنفيذ لنحو سنة تقريبًا، أي أن هناك عملًا غير مكتمل تريد إسرائيل إتمامه. وقد سبق أن رأينا قدرتها على اللعب بعامل الزمن لتغيير موقف ترامب.


ترقبوا نهاية سبتمبر

شهد الأسبوع الماضي تطورات مهمة في هذا الصدد. فقد أبلغت الدول الثلاث (المملكة المتحدة، وفرنسا، وألمانيا) التي تجري مفاوضات نووية مع إيران، الأمم المتحدة في 28 أغسطس أن إيران انتهكت التزاماتها بموجب الاتفاق النووي. وإذا لم تستجب إيران خلال 30 يومًا للمطالب المتعلقة بمراقبة المنشآت النووية والإفصاح عن مخزون اليورانيوم وغيرها، فسيتم استئناف عقوبات الأمم المتحدة المُعلقة منذ عام 2016 تلقائيًا.

هذه التطورات أدت إلى رفع مستوى التوتر. فدعت ألمانيا مواطنيها إلى مغادرة إيران، بينما قامت إسرائيل باغتيال رئيس وزراء الحوثيين في اليمن. كما صرح وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، غالانت، قائلًا: "سنخوض قريبًا صراعا جديدا وحاسما مع إيران."

وتشير هذه التطورات إلى أنه عند انتهاء المهلة البالغة 30 يومًا في 27 سبتمبر، قد تستهدف إسرائيل طهران مجددًا. ولكن قد يتجاوز الصراع هذه المرة مجرد التوتر النووي ليصل إلى مرحلة أوسع تشمل تنفيذ إسرائيل «أفكارا مجنونة» كما نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" في 18 يونيو، مثل تغيير النظام الإيراني وتقسيم البلاد ومنح الأقليات ضمانات أمنية. وهذا يشبه كثيرًا ما يحدث في سوريا، ما يجعل جميع الفاعلين الإقليميين مطالبين بالاستعداد لأسوأ السيناريوهات.

#هجوم جديد
#إيران
#الاحتلال الإسرائيلي
#واشنطن
#الموساد
#النووي الإيراني
#تركيا
#نتنياهو
#ترامب