خبراء لبنانيون ينتقدون إقرار الحكومة ترسيم الحدود مع قبرص الرومية

16:0231/10/2025, Cuma
تحديث: 31/10/2025, Cuma
الأناضول
خبراء لبنانيون ينتقدون إقرار الحكومة ترسيم الحدود مع قبرص الرومية
خبراء لبنانيون ينتقدون إقرار الحكومة ترسيم الحدود مع قبرص الرومية

- خبير الاقتصاد علي نور الدين: لبنان لديه مستندات تخوله بحصة أكبر، والخسارة تقدر بين 2500 و5000 كيلومتر مربع - المحلل السياسي منير الربيع: لبنان ذهب لترسيم الحدود بحرية دون تنسيق مع سوريا، والاتفاق كان مفاجئا للبنانيين خبيرة النفط والغاز بالشرق الأوسط لوري هايتايان: طالبت الحكومة بشرح التفاصيل الفنية والقانونية للاتفاقية للرأي العام

انتقد خبراء لبنانيون إقرار حكومة بلادهم اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع إدارة جنوب قبرص الرومية، معتبرين أنها تصرفت "بعجلة" وأن الاتفاقية تسببت في "خسارة لبنان مساحات بحرية ومنح الجانب الآخر حصة أكبر".

وفي 23 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري أقرّت الحكومة خلال جلسة عقدتها في بيروت، اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإدارة جنوب قبرص الرومية رغم الانتقادات التي طالتها.

ولم تقدم الحكومة على الفور تفاصيل ودفاعات عن الاتفاقية التي صادقت عليها، كما لم تصدر تعليقاً على الانتقادات الموجهة إليها، وهو ما دفع خبراء للمطالبة بالشفافية في هذا الملف الذي يخص مقدرات اللبنانيين.

وعقب الجلسة الحكومية التي تم خلالها المصادقة على الاتفاقية، قال وزير الطاقة اللبناني جو صدي، للصحفيين، إن الخطوة التالية ستكون "الاهتمام بترسيم الحدود البحرية مع سوريا"، معتبراً أن هذا "ما يجب القيام به".

ومن المتوقع أن يُحال اتفاق ترسيم الحدود مع قبرص الرومية إلى البرلمان اللبناني للمصادقة عليه.

وينصّ الدستور اللبناني، على أن رئيس الجمهورية هو من يتولى التفاوض بشأن المعاهدات والاتفاقيات الدولية ويوقّعها بالاتفاق مع رئيس الحكومة، على أن تُعرض لاحقاً على مجلس الوزراء للموافقة عليها.

ولا تُعتبر أي اتفاقية مصدَّقة إلا بعد هذه الموافقة، فيما تُحال الاتفاقيات ذات الطابع المالي أو التجاري أو التي تتجاوز مدتها سنة إلى مجلس النواب، لنيل موافقته أيضاً. ولم يحدد بعد تاريخ لاجتماع البرلمان للمصادقة على الاتفاقية.

وبعد استكمال إجراءات التوقيع والمصادقة من الحكومة والبرلمان والرئيس، تدخل حيّز التنفيذ، فتُصبح جزءاً من المنظومة القانونية للدولة.

وعليه، فإن إقرار الحكومة اللبنانية للاتفاقية لا يعني دخولها حيز التنفيذ بعد، بل ستُعرض على البرلمان للمناقشة والمصادقة، ثم تُوقّع من رئيس الجمهورية وتُودع لدى الأمم المتحدة لتُصبح نافذة.

** محطات قبل الاتفاق

وهذا الاتفاق ليس الأول بين لبنان وإدارة جنوب قبرص الرومية، فقد عقد الجانبان اتفاقا مبدئيا بشأن ترسيم الحدود البحرية بالعام 2007، لكن مجلس النواب اللبناني رفض التصديق عليه آنذاك.

وذلك قبل أن يسلك الملف مسارات عدة، منها في 28 أكتوبر 2022، يوم أعلن الرئيس ميشال عون (2016–2022) توصّل المحادثات مع قبرص الرومية إلى صيغة جديدة لترسيم الحدود البحرية.

وآنذاك أطلق عون من قصر الرئاسة مسار التفاوض مع إدارة جنوب قبرص الرومية، وذلك بعد توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع إسرائيل.

وبحسب موقع الجيش اللبناني، حينها، استندت الاتفاقية إلى القوانين المرعية في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، وتم تحديد المنطقة الخالصة بين لبنان وقبرص على أساس خط الوسط.

وفي محطة أخرى للقضية في العام 2023، قدّم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى نظيره القبرصي طلبا لإعادة التفاوض على اتفاق تحديد المناطق الاقتصادية الخالصة الموقع بالعام 2007.

وكانت تعديلات ميقاتي استناداً إلى تقرير اللجنة التي كلّفها بتحضير وإعداد مشاريع تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة من الجهتين الغربية والشمالية وترأسها آنذاك وزير الأشغال السابق علي حمية، وضمت ممثّلين عن قيادة الجيش، وزارة الخارجية، وإدارة قطاع البترول.

وخلص تقرير اللجنة حينها، إلى وجود ثغرات في صيغة الاتفاقية نتج عنها خسارة لبنان ما بين 1600 كلم مربع و2643 كلم مربع من مياهه.

ولم يتم التوصل إلى اتفاق بعد التعديلات التي طلبها ميقاتي، قبل أن يدخل الملف محطة جديدة مع الزيارة التي أجراها الرئيس جوزاف عون إلى قبرص الرومية في 9 يوليو/تموز الماضي، وتناول خلالها عدة ملفات، أبرزها الحدود البحرية.

** "الاتفاقية استندت إلى مفاوضات 2007"

وفي ضوء الانتقادات، قال الخبير الاقتصادي اللبناني علي نور الدين، إن اتفاقية ترسيم الحدود الذي وافق عليها مجلس الوزراء تستند إلى المفاوضات السابقة التي جرت بين الجانبين عامي 2006 و2007.

وأضاف أنه في ذلك الوقت لم يكن لدى لبنان الخبرة أو المعرفة التقنية الكافية في هذه القضايا، وكانت نتيجة المفاوضات "سيئة للغاية بالنسبة للبنان، ولذلك لم يصادق مجلس النواب على الاتفاقية عام 2007 وبقي معلقاً، لأنه كان يتضمن ظلماً كبيراً بحق لبنان".

وفي حديثه للأناضول، أوضح أن الحكومة تبنّت في الاتفاقية الجديدة تقنية "خط الوسط"، التي تمنح قبرص الرومية مساحة بحرية أكبر.

وأوضح أن "لبنان كان لديه مستندات قانونية تسمح له بالمطالبة بحصة أكبر، لكننا خسرنا مساحات بحرية، التقديرات تختلف حول حجم الخسارة بين 2500 و5000 كيلومتر مربع".

وتقدر حجم المنطقة البحرية التي يطالب بها لبنان في البحر المتوسط بحوالي 2600 كيلومتر مربع، بناءً على اتفاقيات الترسيم البحري، وتلك التي لا تزال عالقة مع بعض الدول المجاورة، وفق إعلام محلي.

وأكمل: "بهذه الموافقة قبلنا بأسوأ ما يمكن أن نحصل عليه، ولم ندافع عن حقوقنا كما يجب"، وفق ما قال نور الدين.

الخبير اللبناني انتقد أيضا حكومة بلاده لموافقتها على الاتفاقية دون التنسيق مع الجارة سوريا.

وأشار إلى أن "المصلحة الوطنية تقتضي أن نتفاوض أولاً مع السوريين بشأن حدودنا البحرية المشتركة، ثم نتوجه سويا إلى القبارصة (الروم) للتفاوض كطرف موحد".

ولفت إلى أنه "كان على لبنان أن ينتظر ويكمل ملفاتنا مع سوريا قبل التفاوض مع القبارصة.. كما أن تركيا وسوريا أيضا ما زالتا تواجهان خلافات مع قبرص الرومية".

وأضاف أن "الابتعاد عن شبكة العلاقات مع سوريا وتركيا ليس في مصلحتنا، كان يجب أن نأخذ في الاعتبار موقفهما قبل أن نبرم اتفاقاً أحادياً مع القبارصة".

وتابع: "لا أعلم لماذا تصرفت الحكومة بهذه العجلة، فالوقت كان في صالحنا وليس في صالحهم، كان يمكننا ممارسة مزيد من الضغط للحصول على شروط أفضل".

** "خطوة مفاجئة"

متفقا مع مواطنه نور الدين، انتقد المحلل السياسي منير الربيع، الحكومة اللبنانية، معتبراً أنها تصرفت "بعجلة" في إقرار الاتفاقية.

وقال: "لبنان ذهب لترسيم الحدود البحرية مع قبرص (الرومية) دون تنسيق مع دمشق، وفي وقت لم يتحقق أي تقدم في ترسيم الحدود مع سوريا، وكان إقدام الحكومة على هذه الخطوة مفاجئاً للبنانيين".

ورأى "الربيع" أن توقيع الاتفاقية دون التنسيق مع دمشق "قد يضع سوريا في موقف صعب خلال أي مفاوضات مستقبلية مع القبارصة (الروم)".

وأضاف أنه "ينبغي انتظار الموقف التركي ومتابعته، فتركيا كانت طلبت من الحكومة اللبنانية عام 2011 عدم ترسيم الحدود مع قبرص (إدارة جنوب قبرص الرومية) قبل الاتفاقية مع أنقرة"، وفق تعبيره.

بدورها، قالت خبيرة النفط والغاز بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لوري هايتايان، إن "البدء بمفاوضات ترسيم الحدود مع قبرص (الرومية) كان متوقعاً بعد توقيع الاتفاقية البحرية بين لبنان وإسرائيل عام 2022".

وفي حديثها للأناضول، طالبت هايتايان حكومة بلادها بشرح التفاصيل الفنية والقانونية للاتفاقية للرأي العام اللبناني، معتبرة أن "الشفافية ضرورية في مثل هذه القضايا الحساسة".

خبيرة النفط والغاز اللبنانية، أشارت إلى أن العلاقات بين لبنان وسوريا تشهد تحسناً، ومن الضروري أن تشمل المباحثات بين الطرفين ملف ترسيم الحدود البحرية أيضاً.

وأبانت أنها لا تعلم "ما إذا كانت الحكومة اللبنانية قد أجرت أي تواصل مع تركيا بخصوص الاتفاقية"، لكنها شددت على أن "أنقرة تحرص على حماية حقوق جمهورية شمال قبرص التركية".

جدير بالذكر أن جزيرة قبرص تعاني منذ العام 1974 انقساما بين شطرين تركي في الشمال ورومي في الجنوب، وفي 2004 رفض القبارصة الروم خطة قدمتها الأمم المتحدة لتوحيد شطري الجزيرة.

#الحدود البحرية
#قبرص
#لبنان