بعد تنظيم بي كي كي.. جاء الدور على إسرائيل! العمل الحقيقي يبدأ الآن! البعث العربي انتهى، ومع تنظيم بي كي كي طُويت صفحة البعث الكردي، وقريبًا سينتهي البعث التركي مع حزب الشعب الجمهوري. إسرائيل تلوّح بالتهديد اليوم، لكنها أمام خيارين: إما أن تركع أمام تركيا أو تكتب نهايتها بيدها

08:0410/07/2025, الخميس
تحديث: 10/07/2025, الخميس
إبراهيم قراغول

لقد تسببت الحرب التي اندلعت عقب هجوم إسرائيل على إيران، والتي استمرت اثني عشر يومًا، في هزات إقليمية تتجاوز الحرب نفسها. فالحقيقة المدمرة احتجزت كامل الجغرافيا رهينة، لتتجاوز آثارها حدود البلدين. اليوم باتت كل دولة تعلم أنه حتى إن لم يكن هناك أي احتمال، فقد تُقصف العواصم في ليلة واحدة، وقد تُضرب المدن بالصواريخ، وأصبح هذا المشهد طبيعيًا ومعتادًا. وبات الجميع يدرك أن أكثر القرارات جنونًا يمكن أن تُتخذ في لحظة، وأن بإمكان أي دولة أن تجد نفسها وسط حرب في غضون ساعات، وأن أي هدف يُنظر إليه كـ"تهديد قريب"

لقد تسببت الحرب التي اندلعت عقب هجوم إسرائيل على إيران، والتي استمرت اثني عشر يومًا، في هزات إقليمية تتجاوز الحرب نفسها. فالحقيقة المدمرة احتجزت كامل الجغرافيا رهينة، لتتجاوز آثارها حدود البلدين. اليوم باتت كل دولة تعلم أنه حتى إن لم يكن هناك أي احتمال، فقد تُقصف العواصم في ليلة واحدة، وقد تُضرب المدن بالصواريخ، وأصبح هذا المشهد طبيعيًا ومعتادًا.

وبات الجميع يدرك أن أكثر القرارات جنونًا يمكن أن تُتخذ في لحظة، وأن بإمكان أي دولة أن تجد نفسها وسط حرب في غضون ساعات، وأن أي هدف يُنظر إليه كـ"تهديد قريب" قد يُستهدف بلا تردّد ولا مساءلة. وكما صار واضحًا أن طاولات الدبلوماسية فقدت معناها، وأن الدول باتت ترى في القوة الحل الوحيد وستواصل اللعبة وفق هذه القاعدة.


حرب بين إسرائيل وتركيا قد تندلع! مواجهة كبرى تقترب

نعلم الآن أن تكرار حرب إسرائيل-إيران أمر وارد، وأنه من الممكن أن نشهد اعتداءات وحروبًا مشابهة بين إسرائيل ومصر، وحتى بين إسرائيل وتركيا. وطالما بقيت إسرائيل في قلب هذه الجغرافيا، فلن يكون أيٌّ من هذه الحروب أمرًا مستبعدًا.

لذلك، علينا أن نُدرك أننا دخلنا مرحلة استثنائية استعدادًا للمستقبل القريب، وأن مواجهة كبرى تقترب خطوة خطوة، وأن الكابوس الإنساني في غزة يُعد مؤشرًا على مدى اقتراب الجنون من حدود المنطق.

كذلك يجب أن نُدرك أن فرضية نشوب حرب بين تركيا وإسرائيل ليست مجرد فكرة غائبة عن ذهن الإدارة الإسرائيلية أو أجهزة الأمن التركية. فالسلوك العدواني الإسرائيلي بات التهديد الأول لمستقبل تركيا الإقليمي.


هل يمكن لتركيا وإسرائيل أن تجلسا معًا لتصميم الجغرافيا؟


رغم أن هناك من يرى أن "تركيا وإسرائيل قد تجلسان إلى طاولة واحدة لإعادة تشكيل المنطقة"، إلا أن التغيرات العميقة في معادلات القوى الإقليمية والعالمية لن تسمح بذلك. ومن الواضح أن إسرائيل ستظل عائقًا أمام حسابات تركيا المستقبلية بكامل أبعادها.

إضافة إلى ذلك، فإن صراع القوى والمصالح لم يبدأ اليوم، ولا حتى مع غزة. فقد بدأ مع انقلاب 28 شباط، ومنذ ذلك الحين نشهد تصاعدًا لصراع القوى الذي نتج عن تباعد البلدين على مستوى المنطقة.


انتبهوا إلى أن الإدارة الإسرائيلية بدأت بعد انتهاء الحرب مع إيران مباشرة في إعلان تركيا كتهديد، وشرعت وسائل إعلامها في تسليط الضوء على أهداف يُفترض استهدافها داخل تركيا. بل إن عبارات من نوع "تركيا تهديد أكبر من إيران" تُتداول يوميًا في الأخبار والتقارير.


سنستهدف محطة أكّويو.. رسائل إعلامية تكشف رعبًا عميقًا


خلال الأسبوع الماضي، جرى ترويج أخبار تدّعي ضرورة ضرب محطة «أكّويو» النووية، وأخرى تزعم أن تركيا ستنتج أسلحة نووية. ولا ينبغي النظر إلى محطة أكّويو بمفردها؛ بل يجب فهم ذلك كإشارة إلى قائمة أهداف محتملة تشمل البحر المتوسط وإيجه وسوريا والعراق وحدودنا وحتى الداخل التركي.

تخيّلوا ما الذي يمكن أن يُفكر فيه نظام يتحرّك بهذه الدرجة من التهور. تخيّلوا أن حدثًا قد يقع فجأة في ليلة واحدة فيُسقط كل الحسابات. تأملوا في الطريقة التي يعمل بها عقل القادة الإسرائيليين الذين يديرون عمليات الإبادة الجماعية!

ولا تنسوا أن الخوف والبارانويا لديهم لها جذورٌ جينية تقريبًا، وأن الخوف من تركيا تحوّل لديهم إلى رعب وجودي حقيقي، وأنهم مقتنعون بأن تركيا ستقضي عليهم وعلى إسرائيل.


تركيا لن تبقى دولة تدافع فقط

من المؤكد أن تركيا تدرك هذا الواقع وتُعدّ العدة لمواجهته. وكما نقول دائمًا: "البقاء في وضعية الدفاع انتحار"، وقد رأينا نتائجه في إيران وكيف جرى استهدافها من الداخل. لذلك، من الآن فصاعدًا لن تبقى تركيا دولةً ذات أولوية دفاعية فقط.

هل نظن حقًا أنه لا توجد خطة جاهزة لذلك؟ ألا نعرف أن التحشيد الأمريكي-الإسرائيلي في قبرص الرومية، وفي اليونان والجزر ليس موجّهًا ضد إيران أو روسيا؟

إذا أدركنا أن التحالفات والصداقة بين الدول لا تقدّم أي ضمانة، فسنفهم أن التهديد يحاول التسلل حتى داخل حدودنا، وأن الرد عليه سيكون قاسيًا وجاهزًا.


عقل جيوسياسي يُنسَج بخيوط دقيقة.. تركيا ستكون حاضرة في كل مكان


تركيا، التي تدرك كل هذه الحقائق، تستعدّ بخطوات عظيمة ومدروسة. فهي لا تتحرّك فقط ضد التهديدات القادمة من إسرائيل، بل تنفّذ خطوات كبيرة وصامتة من إيجه إلى المتوسط، ومن باكستان إلى البحر الأحمر.

قد نرى ذلك في التحضيرات الدفاعية الهائلة، لكن في الحقيقة هناك عقلٌ جيوسياسي يُنسَج بعناية، وتركيا تسير في طريقها بخطوات واثقة وحازمة وقوية.

ربما تُقدِم إسرائيل على حماقة تبطئ من زخم تركيا، لكنها لن تستطيع أبدًا إيقافها. وسيكون ثمن هذا الإبطاء واضحًا على الخريطة الإسرائيلية ذاتها، وسيُعد انتحارًا بالنسبة لإسرائيل.


من حرب الهند-باكستان إلى حرب إسرائيل-إيران، ومن قضية غزة/فلسطين إلى حزام سوريا-المتوسط، ومن أمن أوروبا إلى حزام آسيا الوسطى-المحيط الهندي، سنرى تركيا حاضرة في كل مكان.


التحضيرات مستمرة منذ 15 تموز

تركيا مفاجأة القرن الحادي والعشرين


يتضح أن تاريخًا يُكتب منذ الآن، تُقدّم فيه الحكمة والاستعداد على التسرع والتهوّر. فتركيا، التي تُعطي الأولوية لتقوية الدولة والشعب وتعزيز المناعة الداخلية لمواجهة العواصف العالمية القادمة، تُواصل هذه الاستعدادات منذ محاولة الانقلاب في 15 تموز.


لقد قضت تركيا على الإرهاب في الداخل، وفرضت طوقًا على الإرهاب في شمال سوريا، وأنهته في شمال العراق، وضمنت عمقها الاستراتيجي بقره باغ، وتسعى الآن لإقامة جبهة مقاومة على خط سوريا-لبنان. كما فتحت أبواب آسيا الوسطى والشرق الأوسط على مصراعيها بعدما كانت مغلقة أمامها.

لطالما قلنا لسنوات: تركيا هي مفاجأة القرن الحادي والعشرين، وقد كنّا نشير بذلك إلى نتائج هذه التحضيرات الصامتة والمدروسة. واليوم، تسعى تركيا من خلال خطة "تركيا بلا إرهاب" إلى القضاء على آخر التهديدات داخل حدودها وفي محيطها.


تنظيم بي كي كي سلّم السلاح.. وانتهى البعث الكردي

إعلان بي كي كي التخلي عن السلاح، وتصريح عبدالله أوجلان بأن «بي كي كي تخلّى عن هدف الدولة القومية وبذلك أنهى استراتيجيته القتالية ووجوده، أنهى مشروع البعث الكردي.


وبعد انهيار البعث العربي في العراق وسوريا، سيكون لهذا القرار تأثيرات إقليمية واسعة. أما البعث التركي الذي ما يزال يحاول الصمود من خلال حزب الشعب الجمهوري، فسوف يُصفّى أيضًا.

فمثل هذه الأطر الأيديولوجية هي أدوات استُخدمت لإدارة جغرافيتنا طوال القرن العشرين من قبل بريطانيا وأوروبا. واليوم لم يعد لها مكان ولا أثر.


المرحلة الأخيرة من التحضيرات.. بعد تنظيم بي كي كي الدور على إسرائيل


ربما تكون المرحلة الأخيرة من التحضيرات الداخلية والإقليمية لتركيا هي "تركيا بلا إرهاب".

لقد اكتملت مرحلة تأسيس تركيا، ومن الآن فصاعدًا سنشهد بناء قوة على المستوى الإقليمي والعالمي.

وستُظهر تركيا للعالم أنها باتت قوة لا يمكن إيقافها. وبعد القضاء على الإرهاب، سيبدأ العمل الجاد لإنهاء التهديدات الإسرائيلية على المستوى الإقليمي.

تعلم إسرائيل هذا جيدًا، ولذلك حاولت اتخاذ خطوات استباقية عبر منع تركيا من الاقتراب من سوريا ولبنان، وأعلنت شراكات مع تنظيم واي بي جي/بي كي كي لكنها لم تنجح.


إما أن تركع إسرائيل أو تنتحر!

لنترك هذه الملاحظة هنا: بعد تنظيم بي كي كي، الدور على إسرائيل. هذا مصير لا مفرّ منه. ومهما زادت إسرائيل من تهديداتها، فإن الرعب سيظل يُطاردها في عقر دارها.

فإما أن تركع أمام تركيا، أو تنتحر! هكذا يُرسم مستقبل خريطة القوى المتوقع في منطقتنا.

#إسرائيل
#تركيا
#بي كي كي الإرهابي