
الرئيس أحمد الشرع في قمة كونكورديا في نيويورك: - سياسة سوريا أن تكون لديها علاقات هادئة مع جميع الدول وألا تكون مصدر تهديد لأحد - على إسرائيل للانسحاب من الأراضي السورية، والمخاوف الأمنية يمكن معالجتها بالمباحثات - هل لدى إسرائيل مخاوف أمنية أم أطماع توسعية؟ هذا ما ستبينه المحادثات
قال الرئيس السوري أحمد الشرع، الاثنين، إن نجاح تهدئة مع إسرائيل والتزامها بها ربما يفتح الباب أمام تطور المفاوضات، مؤكدا أن سياسة بلاده تقوم على بناء علاقات هادئة مع الجميع وألا تكون مصدر تهديد.
جاء ذلك خلال حوار الشرع مع مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية الأسبق ديفيد بترايوس، ضمن فعاليات قمة كونكورديا المنعقدة على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وقال الشرع: "إذا نجحت التهدئة والتزمت إسرائيل بما يتم الاتفاق عليه فربما تتطور المفاوضات".
وأضاف: "سياسة سوريا أن تكون لديها علاقات هادئة مع جميع الدول وألا تكون مصدر تهديد لأحد".
وأشار إلى أن "إسرائيل ما زالت تحتل (هضبة) الجولان، وتتوغل في الأراضي السورية، لكننا نسعى لتجنب الحرب لأن البلاد بمرحلة بناء".
ودعا الرئيس الشرع إسرائيل للانسحاب من الأراضي السورية، مؤكدا أن "المخاوف الأمنية يمكن معالجتها بالمباحثات".
واستدرك متسائلا: "هل لدى إسرائيل مخاوف أمنية أم أطماع توسعية؟"، وأردف مجيبا: "هذا ما ستبينه المحادثات".
وتنتهك إسرائيل منذ سقوط نظام الأسد سيادة سوريا عبر القصف وتوسيع رقعها احتلالها لأراضيها، رغم أن الإدارة السورية لم تبد أي توجه عدواني إزائها.
ومنذ عام 1967، تحتل إسرائيل معظم مساحة هضبة الجولان السورية، واستغلت الوضع الجديد بعد إسقاط الأسد، واحتلت المنطقة السورية العازلة، وأعلنت انهيار اتفاقية فض الاشتباك بين الجانبين عام 1974.
** مرحلة جديدة
وأكد الرئيس السوري أن "سقوط النظام فتح مرحلة تاريخية جديدة للمنطقة"، مشيرا إلى "وجود مصالح متطابقة اليوم بين سوريا والغرب والولايات المتحدة الأمريكية".
وشدد على أن "سوريا قادرة على حل مشاكلها، وأن تكون جزءاً من النظام العالمي الكبير، مضيفا" "الشعب السوري جبار وقوي، واستمد قوتي من الله ثم من هذا الشعب".
وقال الشرع إن "سوريا تحتاج إلى فرصة جديدة للحياة، والرئيس دونالد ترامب أزال العقوبات عنها، لكن على الكونغرس أن يعمل أكثر لرفعها بشكل نهائي."
ومطلع يوليو/ تموز الماضي، وقع ترامب أمرا تنفيذيا بإنهاء العقوبات الأمريكية التي تم فرضها على سوريا ردا على قمع نظام الأسد للثورة ضد حكمه التي اندلعت في 2011، وتبع ذلك إعلان عدة دول أوروبية رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا.
وأضاف: "سوريا ورثت اضطرابات كثيرة خلال 60 عاما الماضية، ولا نستطيع حل المشاكل دفعة واحدة، إنما بالتدريج"، مؤكدا أن الأولوية الآن تحقيق الأمن والاستقرار من خلال توحيد الشعب السوري والأرض السورية وتعزيز التنمية الاقتصادية.
وبيّن الرئيس السوري أن التركيز منصب على التنمية الاقتصادية، موضحاً أن "أمامنا مهمة كبيرة لبناء الاقتصاد، ولدينا الكوادر القادرة على القيام بذلك، لكننا بحاجة فقط إلى رفع العقوبات".
وفي 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، بسطت فصائل سورية سيطرتها على البلاد، منهية 61 عاما من حكم حزب البعث الدموي، و53 سنة من سيطرة عائلة الأسد.
** القضية السورية
وأكد الشرع أن "قضية الشعب السوري كانت قضية حق ونبيلة في مواجهة نظام مجرم ارتكب جرائم الحرب والمجازر الجماعية"، لافتا إلى أن "معركة تحرير سوريا جرت بأقل الخسائر بفضل الخبرة التي اكتسبناها خلال وجودنا في إدلب (شمال غرب)".
وأشار الرئيس السوري إلى أن حصر السلاح بيد الدولة هو الضمان لحماية البلاد من النزاعات والاضطرابات، مضيفاً أن "الحكومة الحالية تشكلت على أساس التشاركية لا المحاصصة، وحرصنا على أن تكون حكومة كفاءات".
كما شدد على ضرورة الوصول إلى حلول سلمية وسريعة التطبيق، و"خاصة الاتفاق مع قسد (تنظيم "واي بي جي/ بي كي كي" الإرهابي) في 10 مارس/ آذار الماضي".
وفي 10 مارس، وقّع الرئيس السوري أحمد الشرع، وقائد ما تعرف بـ"قسد" فرهاد عبدي شاهين، اتفاقا لدمج المؤسسات المدنية والعسكرية شمال شرقي سوريا ضمن إدارة الدولة، بما فيها المعابر والمطار وحقول النفط والغاز، وتأكيد وحدة أراضي البلاد، ورفض التقسيم، لكن التنظيم الإرهابي نقض الاتفاق أكثر من مرة.
وأضاف الشرع: "عرضنا على قسد الاندماج في الجيش السوري، وأكدنا لهم أن حقوق الأكراد مصانة، لكن كان هناك تباطؤ في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه".
وأوضح أنه تم تشكيل لجان لتقصي الحقائق في أحداث الساحل والسويداء، والسماح بدخول لجان تحقيق دولية، مؤكداً التزام سوريا "بمحاسبة أي معتد على المدنيين لأنها دولة قانون".
وفي يوليو الماضي، شهدت السويداء جنوب سوريا اشتباكات مسلحة دامت أسبوعا بين مجموعات درزية وعشائر بدوية، خلفت مئات القتلى، أعقبها اتفاق لوقفا إطلاق النار بدأ سريانه في 19 من الشهر ذاته.
وتبذل الحكومة السورية جهودا مكثفة لضبط الأمن في البلاد، منذ الإطاحة في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024 بنظام بشار الأسد، بعد 24 سنة أمضاها في الحكم.