
- الجيش الإسرائيلي صعد هجماته على بلدات في جنوب لبنان وسط تحذيرات رسمية من تداعيات التصعيد على استقرار البلاد، وتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار - في موازاة التصعيد الميداني، كثفت الولايات المتحدة ضغوطها على "حزب الله"، مُعلنة عقوبات جديدة طالت أفرادًا وكيانات تتهمهم بدعم الحزب وشبكاته التمويلية - لم يصدر تعقيب فوري من "حزب الله" بخصوص الاتهامات الإسرائيلية، وما جاء في بيان الخزانة الأمريكية
صعد الجيش الإسرائيلي هجماته على بلدات في جنوب لبنان، الخميس، وسط تحذيرات رسمية من تداعيات ذلك على استقرار البلاد، وتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار.
وجاء التصعيد بعد سلسلة إنذارات وجّهتها إسرائيل للسكان في بعض المناطق الجنوبية، فيما اعتبر الجيش اللبناني أن التصعيد يندرج ضمن نهج تدميري يهدف إلى توسيع رقعة التوتر.
وفي موازاة التصعيد الميداني، كثفت الولايات المتحدة ضغوطها على "حزب الله"، مُعلنة عقوبات جديدة طالت أفرادًا وكيانات تتهمهم بدعم الحزب وشبكاته التمويلية.
وترى واشنطن أن هذه الإجراءات تأتي في إطار الحد من نفوذ الحزب داخل لبنان وخارجه، بينما تتصاعد دعوات دولية لاحتواء الموقف ومنع انزلاقه إلى مواجهة أوسع، فيما لم يصدر تعقيب فوري من "حزب الله" بشأن تلك العقوبات.
* قصف 6 بلدات لبنانية
شن الجيش الإسرائيلي، مساء الخميس، سلسلة غارات عنيفة على 5 بلدات جنوبي لبنان عقب تبليغ أهلها بإخلائها في أوسع إنذار منذ وقف إطلاق النار في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، فيما شن قصفا على بلدة سادسة دون إنذار.
وأفادت وكالة الأنباء اللبنانية بأن مقاتلات إسرائيلية استهدفت مبنى في بلدة طير دبا بقضاء صور، وآخر في بلدة الطيبة بقضاء مرجعيون، وثالثا ببلدة عيتا الجبل بقضاء بنت جبيل، ورابعا ببلدة كفر دونين بالقضاء ذاته، وخامسا ببلدة زوطر الشرقية بقضاء النبطية، وهي البلدات الخمس التي أنذر الجيش سكانها بالإخلاء.
فيما شن الجيش الإسرائيلي قصفا على بلدة عيترون دون إنذار، وذلك استمرارا للتصعيد الذي تنتهجه تل أبيب ضد الجنوب اللبناني والخروقات المتكررة لوقف إطلاق النار بالآونة الأخيرة.
وبحسب مراسل الأناضول ومقاطع مصورة للقصف الإسرائيلي متداولة على مواقع التواصل، تسببت الغارات على البلدات في دوي انفجارات شديدة تصاعدت على إثرها ألسنة اللهب وسحب دخانية كثيفة، ما يشير إلى عنف القصف وكثافته.
ونقلت الوكالة عن وزارة الصحة أن "غارة العدو الإسرائيلي على بلدة طير دبا، أدت إلى إصابة مواطن"، فيما لم تتحدث الوكالة أو أي مصادر لبنانية أخرى عن وقوع جرحى أو قتلى في الغارات على البلدات الأخرى.
وأضافت الوكالة أن طيرانا إسرائيليا مسيرا يحلق على علو منخفض جدا فوق العاصمة بيروت وضاحيتها الجنوبية.
في المقابل، أعلن الجيش الإسرائيلي في بيان، بدء سلسلة غارات على جنوبي لبنان بزعم استهداف "مواقع عسكرية لحزب الله".
وزعم أن الهجمات تأتي "للتعامل مع المحاولات المحظورة التي يقوم بها حزب الله لإعادة إعمار أنشطته في المنطقة".
ولم يصدر تعقيب فوري من "حزب الله" على المزاعم الإسرائيلية، غير أنه يتحدث عن التزامه باتفاق وقف إطلاق النار.
وصعّدت إسرائيل منذ أسابيع هجماتها على لبنان، واغتالت أشخاصا تدعي أنهم عناصر من "حزب الله"، وشنت غارات شرق وجنوب البلاد.
وصباح الخميس، قتل شخص بغارة إسرائيلية على منطقة تقع بين بلدتي طورا والعباسية في قضاء صور جنوبي لبنان، مستهدفة منطقة مفتوحة في حي الوادي.
ووفق إعلام عبري نقلا عن مصادر عسكرية، فإن الهدف من التصعيد هو "تمكين تل أبيب من تحقيق غايتها تجريد حزب الله من سلاحه".
وقبل أيام، اتهم الأمين العام لـ"حزب الله" نعيم قاسم، الولايات المتحدة بالسعي إلى توسعة العدوان الإسرائيلي على لبنان، معتبرا إياها "وسيطا غير نزيه".
وأكد قاسم في أكثر من مناسبة رفض تسليم سلاح "حزب الله"، ورهن ذلك بانسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية، وإيقاف عدوانها، والإفراج عن الأسرى، وبدء إعادة الإعمار.
وفي 11 أكتوبر الماضي، حذر الرئيس اللبناني جوزاف عون من نقل تل أبيب نار غزة إلى لبنان، وذلك ردا على تنفيذ إسرائيل غارات مكثفة على جنوب لبنان، آنذاك.
وفي 30 أكتوبر الماضي أيضا، أمر عون للمرة الأولى الجيش بالتصدي لأي توغل عسكري إسرائيلي في الأراضي المحررة جنوبي البلاد. لكنه قال في اليوم التالي إن بلاده مستعدة للدخول في مفاوضات تهدف إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي واستعادة أراضيها.
وفي أكتوبر 2023، شنت إسرائيل عدوانا على لبنان حولته في سبتمبر/ أيلول 2024 إلى حرب شاملة قتلت خلالها أكثر من 4 آلاف شخص وأصابت نحو 17 ألفا آخرين.
كما خرقت أكثر من 4500 مرة اتفاق وقف إطلاق النار الساري مع "حزب الله" منذ نوفمبر 2024، ما أسفر عن مئات القتلى والجرحى.
وتتحدى إسرائيل الاتفاق بمواصلة احتلالها 5 تلال لبنانية في الجنوب سيطرت عليها في الحرب الأخيرة، إضافة إلى مناطق لبنانية أخرى تحتلها منذ عقود.
** يونيفيل: غارات إسرائيل تنتهك القرار 1701
عقب التصعيد الإسرائيلي الخميس، أعلنت قوات الأمم المتحدة المؤقتة "يونيفيل"، أن تلك "الغارات تشكل انتهاكات واضحة لقرار مجلس الأمن رقم 1701".
وحذرت اليونيفيل في بيان من أن "أي عمل عسكري، وخصوصا على هذا النطاق التدميري، يهدد سلامة المدنيين ويقوض التقدم المحرز نحو حل سياسي ودبلوماسي".
وفي 2006 اعتمد مجلس الأمن الدولي القرار بهدف وقف الأعمال العدائية بين "حزب الله" وإسرائيل، ودعا إلى وقف دائم لإطلاق النار على أساس إنشاء منطقة عازلة.
وبموجب القرار، سمح المجلس بزيادة قوة اليونيفيل إلى 15 ألف فرد، لمراقبة وقف الأعمال العدائية، ودعم الجيش اللبناني أثناء انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان، وضمان العودة الآمنة للنازحين.
** عون: إسرائيل ارتكبت جريمة مكتملة الأركان
من جانبه، اعتبر الرئيس عون، في بيان الخميس، أن "ما قامت به إسرائيل اليوم في جنوب لبنان يعد جريمة مكتملة الأركان وفقا لأحكام القانون الدولي الإنساني الذي يجرم استهداف المدنيين وترويعهم وإجبارهم على النزوح من ديارهم".
وأضاف: "كما يعد جريمة سياسية نكراء، فكلما عبر لبنان عن انفتاحه على نهج التفاوض السلمي لحل القضايا العالقة مع إسرائيل أمعنت في عدوانها على السيادة اللبنانية وتباهت باستهانتها بقرار مجلس الأمن رقم 1701 وتمادت في خرقها لالتزاماتها".
فيما قال الجيش اللبناني، إن الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة على لبنان تمنع استكمال انتشاره في جنوب البلاد، تنفيذا لاتفاق وقف إطلاق النار.
وأكد الجيش في بيان الخميس، أن "هذه الاعتداءات المدانة، هي استمرار لنهج العدو التدميري الذي يهدف إلى ضرب استقرار لبنان، وتوسيع الدمار في الجنوب، وإدامة الحرب وإبقاء التهديد قائمًا ضد اللبنانيين".
** عقوبات أمريكية متزامنة
بموازاة التصعيد الإسرائيلي في لبنان، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات على أفراد قالت إنهم سهلوا تحويل عشرات ملايين الدولارات من إيران إلى "حزب الله" عام 2025.
وقالت الخزانة الأمريكية في بيان الخميس، إن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها "قرر اتخاذ إجراء لدعم نزع سلاح حزب الله عبر فرض عقوبات على أفراد سهلوا تحويل عشرات ملايين الدولارات من حزب الله إلى إيران في 2025".
واعتبر البيان أن "استغلال حزب الله لشركات الصرافة والاقتصاد النقدي لغسل الأموال غير المشروعة يهدد نزاهة النظام المالي اللبناني من خلال مزج تمويل الإرهاب بالتجارة المشروعة".
ولم يصدر تعقيب فوري من "حزب الله" بخصوص الاتهامات الإسرائيلية، وما جاء في بيان الخزانة الأمريكية.






