
الباحث اليمني عبدالسلام قائد: - اغتيال رئيس حكومة الحوثيين وعدد من وزرائها لا يمثل خسارة نوعية مباشرة للجماعة التي لم تفقد أيا من القيادات العسكرية في هذه الضربة الإسرائيلية - الهجوم الإسرائيلي يمثل ضربة أمنية ومعنوية لكن لا يؤثر على البنية الصلبة للحوثيين الصحفي اليمني يعقوب العتواني: - الحوثيون كانوا قد صعّدوا عملياتهم العسكرية ضد تل أبيب قبل الهجوم الأخير على حكومتهم، ومن المرجح أن يواصلوا مسار التصعيد - إسرائيل لا تملك القدرة على ضرب الحوثيين بالطريقة نفسها التي استهدف بها حزب الله
يشهد الصراع بين جماعة الحوثي وإسرائيل تحولا لافتا عقب اغتيال رئيس حكومة الجماعة غير المعترف بها دوليا أحمد الرهوي و9 من وزرائه بضربة نفذتها تل أبيب، وسط وعيد حوثي بالثأر وتهديد إسرائيلي بـ"سياسة ممنهجة" لاغتيال مزيد من قادة الجماعة.
وكانت هذه المرة هي الأولى التي تنفذ فيها إسرائيل عملية اغتيال طالت قادة حوثيين بارزين، منذ بدء غاراتها على اليمن في يوليو/ تموز 2024، ما قد يشير إلى أن الصراع بين الجانبين يتجه إلى التصعيد، بحسب مراقبين.
جماعة الحوثي كانت أعلنت رسميا السبت، مقتل رئيس الحكومة (غير المعترف بها دوليا) أحمد الرهوي، مع عدد من الوزراء جراء القصف الإسرائيلي على العاصمة اليمنية صنعاء، الخميس.
وجرت الاثنين مراسم تشييع مسؤولي الحكومة في ميدان السبعين أكبر ميادين العاصمة صنعاء، وكان بينهم إلى جانب رئيس الحكومة وزراء الإعلام هاشم شرف الدين، والخارجية جمال عامر، والعدل وحقوق الإنسان مجاهد أحمد عبدالله علي.
وشملت قائمة القتلى أيضا "معين هاشم أحمد المحاقري وزير الاقتصاد والصناعة والاستثمار، ورضوان علي علي الرباعي وزير الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية، وعلي سيف محمد حسن وزير الكهرباء والطاقة والمياه، وكذلك علي قاسم حسين اليافعي وزير الثقافة والسياحة".
ومن بين القتلى الذين تم تشييعهم أيضا "سمير محمد أحمد باجعالة وزير الشؤون الاجتماعية والعمل، إضافة إلى علي أحمد المولد وزير الشباب والرياضة، ومحمد قاسم الكبسي مدير مكتب رئاسة الوزراء، وزاهد محمد العمدي سكرتير مجلس الوزراء".
- مزيد من الاغتيالات
وفي حديث مع الأناضول، اعتبر الباحث اليمني عبدالسلام قائد "اغتيال رئيس حكومة الحوثيين وعدد من وزرائها لا يمثل خسارة نوعية مباشرة للجماعة التي لم تفقد أيا من القيادات العسكرية في هذه الضربة الإسرائيلية".
وأضاف أن الهجوم الإسرائيلي "يمثل بالنسبة للحوثيين ضربة أمنية وإعلامية، ويكشف عن هشاشة في حماية قياداتهم، ومنح إسرائيل نصراً معنوياً أمام جمهورها وأمام الإقليم بعد أن تمكنت من استهداف حكومة كاملة تقريباً".
لكنه اعتبر في الوقت ذاته أن الحكومة غير المعترف بها "ليست سوى واجهة شكلية للجماعة، وليست جزءاً من بنيتها الصلبة أو العمق الفكري والطائفي الذي يدير فعلياً مراكز القرار خصوصا القرار العسكري، ما يجعل التداعيات غير كبيرة".
ويعتقد الباحث اليمني أن "قدرة الحوثيين على الرد المؤثر محدودة، ولن تتجاوز ما نفذوه سابقاً باتجاه إسرائيل أو الملاحة في البحر الأحمر".
ويعود ذلك وفق قائد "لعدم امتلاكهم مخزونا إضافياً من الصواريخ أو الطائرات المسيرة التي قد توجع إسرائيل".
وفي المقابل، توقع قائد بأن "إسرائيل لن تتوقف عند هذا الحد، بل قد تشهد المرحلة المقبلة مزيداً من عمليات الاغتيال في ظل تصعيد أنشطتها الاستخباراتية عبر الأقمار الصناعية والطائرات المسيّرة ووسائل التجسس الأخرى".
- تصعيد حوثي
بدوره رأى الصحفي اليمني يعقوب العتواني أن "الضربة الأخيرة التي نفذتها إسرائيل على مسؤولين بارزين في حكومة الحوثيين، لا تؤثر على القدرات العسكرية للجماعة".
وتوقع في حديث للأناضول أن تصعد الجماعة من عملياتها ضد إسرائيل.
وأضاف: "الحوثيون كانوا قد صعّدوا عملياتهم العسكرية ضد تل أبيب قبل الهجوم الأخير على حكومتهم، ومن المرجح أن يواصلوا مسار التصعيد".
وأشار إلى أن "إسرائيل بدأت منذ العام الماضي التلويح باستهداف قادة الحوثيين، غير أن أول عملية من هذا النوع لم تحدث إلا قبل أيام".
ولفت إلى أنه "من غير المؤكد ما إذا كان هذا التأخير مرتبطاً بنقص في المعلومات المتوفرة لدى إسرائيل أم بحسابات خاصة بها".
واستدرك: "لكن الواضح أن الضربات الإسرائيلية ستتوسع خلال الفترة المقبلة بالنظر إلى التجربتين اللبنانية والإيرانية، مع فارق أن الاحتلال لا يملك القدرة على ضرب الحوثيين بالطريقة نفسها التي استهدف بها حزب الله".
في 27 سبتمبر/ أيلول 2024، قتل الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله بسلسلة غارات إسرائيلية عنيفة استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت، وبسلسلة غارات أخرى اغتالت تل أبيب خلفه هاشم صفي الدين في 3 أكتوبر/ تشرين الأول من العام نفسه.
- وعيد يقابله تهديد
بعد وقت قصير من إعلانها مقتل رئيس حكومتها ورفقائه، سارعت الجماعة مساء السبت في تكليف محمد مفتاح للقيام بأعمال رئيس الوزراء.
ويبدو هذا القرار السريع، وكأنه رسالة بأنها محافظة على توازنها، رغم إقرار رئيس المجلس السياسي الأعلى للجماعة مهدي المشاط في خطاب متلفز باليوم ذاته بأنهم تلقوا "ضربة مؤلمة" لكنه أشار إلى عدم تأثر القوة العسكرية للجماعة من عملية الاغتيال.
وتوعد المشاط بالثأر مطمئنا الشعب اليمني بأن "القوات المسلحة (للجماعة) في موقع الاقتدار، وما حصل عليه العدو ضربة حظ ليس أكثر من ذلك".
وفي المقابل، أعلن وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين في مقابلة مع إذاعة "كول باراما" المحلية الأحد، أن تل أبيب وضعت اليمن في "مرمى الاستهداف"، وتتبع "سياسة ممنهجة" لاغتيال قادة جماعة الحوثي.
وردا على ذلك وفي خطاب متلفز، أعلن زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي الأحد، أن قواته تتجه نحو مسار عسكري تصاعدي لاستهداف إسرائيل بالصواريخ والطائرات المسيرة أو بالحظر البحري.
وصباح الاثنين أعلن المتحدث العسكري لقوات الحوثيين يحيي سريع في بيان مصور أن قوات الجماعة "استهدفت سفينة (SCARLET RAY) النفطية الإسرائيليةَ شمالي البحر الأحمر، وذلك بصاروخ باليستي أصاب السفينة"، دون تعليق من قبل تل أبيب.
وأكد سريع الاستمرار في "منع الملاحة الإسرائيلية أو المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة في البحرين الأحمر والعربي".
ويشن الحوثيون هجمات على إسرائيل بصواريخ ومسيّرات، ويقولون إنها رد على حرب الإبادة الجماعية التي تشنها على قطاع غزة.
وبدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلّفت الإبادة الإسرائيلية 63 ألفا و557 قتيلا، و160 ألفا و660 مصابا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وأكثر من 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة قتلت 348 فلسطينيا بينهم 127 طفلا.