حقوقي هولندي: معاداة السامية لم تعد سلاحا يردع مناصري فلسطين

14:164/09/2025, الخميس
الأناضول
حقوقي هولندي: معاداة السامية لم تعد سلاحا يردع مناصري فلسطين
حقوقي هولندي: معاداة السامية لم تعد سلاحا يردع مناصري فلسطين

إدون فانت باد، مدير الحملات في "منتدى الحقوق" المستقل بهولندا: - جميع الدول الأوروبية تتجه نحو سياسة أكثر صرامة تجاه إسرائيل ولكن بطرق مختلفة - اللوبيات الإسرائيلية تشهد تراجعا في هولندا ولم تعد تؤخذ على محمل الجد - تهمة معاداة السامية المستخدمة ضد أي شخص يدافع عن حقوق الفلسطينيين لم تعد تجدي نفعا - المزاج الشعبي بهولندا يميل لفرض قيود على إسرائيل، والحكومة لم تعد قادرة على تجاهل ذلك


قال إدون فانت باد، مدير الحملات في "منتدى الحقوق" إن تهمة معاداة السامية المستخدمة ضد أي أوروبي يدافع عن حقوق الفلسطينيين لم تعد تجدي نفعا، مشيرا إلى تراجع نفوذ اللوبيات الإسرائيلية في بلده هولندا.

ولفت المدير في المنتدى الحقوقي (غير حكومي ومقره أمستردام) في مقابلة مع الأناضول عبر الفيديو، إلى إن استقالة وزير الخارجية الهولندي كاسبر فيلدكامب جاءت تحت ضغط شعبي.

وتشهد مواقف الحكومات الأوروبية تحوّلا تجاه إسرائيل وتراجعا بدعمها ومطالب بفرض عقوبات عليها، إثر تفاقم الأوضاع الإنسانية بقطاع غزة جراء الإبادة الجماعية التي ترتكبها تل أبيب بحق الفلسطينيين.

فبعد أن أطلقت إسرائيل حرب الإبادة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، سارعت عدة حكومات أوروبية إلى إعلان دعمها "الكامل" لتل أبيب، لكن تفاقم الكارثة بقطاع غزة دفع بعض تلك الحكومات إلى تبني خطاب مختلف تجاه إسرائيل واتخاذ إجراءات ضدها.


استقالة وزير الخارجية الهولندي فيلدكامب في 22 أغسطس/ آب الماضي، فتحت الباب أمام نقاش سياسي واسع انعكس صداه في دول أوروبية أخرى.

وفي بلجيكا، حذر وزير الخارجية ماكسيم بريفو في 27 أغسطس من احتمال انهيار الائتلاف الحاكم إذا لم يتخذ موقفا صارما تجاه إسرائيل.

أما في بريطانيا وإسبانيا وإيرلندا، استقال نواب ودبلوماسيون من مناصبهم احتجاجا على عجز حكوماتهم عن وقف المأساة بغزة، وهو ما اعتُبر مؤشرا على عمق الانقسامات داخل المشهد السياسي الأوروبي تجاه إسرائيل.

وترافق ذلك مع تزايد الانتقادات لخرق إسرائيل حدود "الدفاع المشروع عن النفس"، وارتفاع الأصوات المطالبة بالاعتراف بدولة فلسطين وتوسيع العقوبات على تل أبيب.

ويوم استقالته، قال فيلدكامب في تصريحات صحفية: "شعرت بالتعرض لضغط من بقية أفراد الحكومة بخصوص ما يحدث في غزة والضفة الغربية".

وأعرب عن اعتقاده بأن هذا الضغط من بقية وزراء الأحزاب الأخرى لا يسمح له بمواصلة مهامه وزيرا للخارجية، موضحا أن الوضع "لن يتغير في الأشهر أو السنوات القادمة" تجاه إسرائيل، وأردف قائلا: "الآن أعود إلى منزلي لأكتب رسالة استقالتي".


إدون فانت باد، أوضح أن الأزمة الأخيرة في أوروبا تتعلق بوجود وزير خارجية أراد اتخاذ إجراءات ملموسة ضد إسرائيل بسبب الإبادة الجماعية، غير أنه لم يتمكن من إقناع الأحزاب الأخرى في الائتلاف الحاكم في هولندا بإعطائه المساحة اللازمة لتنفيذ ذلك.

وذكر فانت باد أنه بعد نحو عامين من استمرار الإبادة، أراد وزير الخارجية الهولندي اتخاذ "إجراءات أكثر صرامة ضد إسرائيل لتخفيف الضغوط الشعبية عليه".

وأكد أن الضغط على الوزير المستقيل "جاء في الغالب من الشعب الهولندي، من خلال تنظيم مظاهرات حاشدة غير مسبوقة في تاريخ البلاد، والدعاوى القضائية المرفوعة ضد الحكومة في هذا الإطار".

وبهذا الإطار لفت إلى أن "منتدى الحقوق" ربح دعوى قضائية رفعها مع منظمات مدنية ضد الحكومة الهولندية (لم يذكر وقتها) على خلفية صادرات السلاح الهولندية إلى إسرائيل.

وأضاف: "كان الضغط على الوزير هائلا، وأعتقد أنه لم يكن أمامه في النهاية سوى خيار اقتراح فرض عقوبات (على إسرائيل)".


وأشار فانت باد إلى أن المزاج الشعبي في هولندا بات يميل أكثر لفرض قيود على إسرائيل، مبينا أن الحكومة لم تعد قادرة على تجاهل الرأي العام.

وأوضح أن نفوذ اللوبي الإسرائيلي في هولندا تراجع بشكل واضح، وأن اتهامات "معاداة السامية" لم تعد سلاحا فعالا ضد الأصوات المؤيدة لفلسطين.

وأضاف: "أعتقد أننا وصلنا إلى هذه النقطة، وبدأنا نشهد بالفعل انقساما بين الرأي العام وتصرفات الحكومة، ولطالما كان هناك انقسام كبير ولكن الشرخ بات يتسع، رغم أن بعض الأحزاب متمسكة بمواقفها المؤيدة لإسرائيل ولا ترغب في اتخاذ أي إجراء ضدها".

ولفت إلى أن هولندا ستشهد انتخابات برلمانية مبكرة في 29 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، مبينا أن السياسة الخارجية عادة لا تعد جوهرية في الانتخابات الهولندية، ولكن هذه المرة قد يكون الأمر مختلفا "لأن غزة قضية بالغة الأهمية في المجتمع الهولندي".


فانت باد، قال إن قضية غزة بدأت تطرح على طاولة نقاشات الحكومة الأوروبية، مضيفا: "حتى الأطراف التي تعارض فرض عقوبات (ضد إسرائيل) وصلت إلى نفس النقطة التي وصلت إليها الأطراف الأخرى فيما يتعلق بحظر التجارة مع مناطق المستوطنات غير الشرعية".

واعتبر المسؤول بـ"منتدى الحقوق" أن عدم اعتياد أوروبا على سياسة خارجية مشتركة لعب دورا في هذه المسألة، وليس التأثير المباشر للوبي الإسرائيلي.

وقال إنه "مع قيام (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب بتعطيل هذا النظام الطبيعي للسياسة الخارجية الأوروبية، أصبحت الدول أكثر استقلالية وبدأت بمراجعة دورها مع إسرائيل".

وأشار إلى أن سياسة "ادعم إسرائيل مهما فعلت" مستمرة في أوروبا منذ عقود، وقال: "هذه أحزاب محافظة تتمسك بمعتقدات قديمة عفا عليها الزمن، ولهذا السبب لا تريد التحرك بعد".

ولفت إلى تراجع نفوذ جماعات الضغط (اللوبيات) الإسرائيلية في هولندا، قائلا: "لم تعد تُؤخذ على محمل الجد كما كانت في السابق. ولم تعد تهمة معاداة السامية المستخدمة ضد أي شخص يدافع عن حقوق الفلسطينيين تجدي نفعا".


فانت باد قال إن الأزمة الحكومية في هولندا قد تؤدي إلى تطورات مماثلة في دول أوروبية أخرى، كما هو الحال في بلجيكا، موضحا أن مناقشات الاعتراف بدولة فلسطين جارية في العديد من الدول الأوروبية.

وأفاد بأن أيرلندا اتخذت بالفعل تدابير ضد التجارة مع المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية، وأن هذا كان أحد العقوبات الفاشلة في هولندا.

وتابع: "كل دولة من الدول الأوروبية تتجه نحو سياسة أكثر صرامة تجاه إسرائيل، ولكن بطرق مختلفة".

وسبق أن أعلنت العديد من الدول الغربية بينها فرنسا وبريطانيا ومالطا والنرويج عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول.

كما يُرتقب أن تدفع دول بينها أستراليا وكندا ونيوزيلندا وفنلندا ولوكسمبورغ والبرتغال وسان مارينو نحو الاعتراف بدولة فلسطين.

ومنذ عقود تحتل إسرائيل فلسطين، وترفض الانسحاب منها وقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود ما قبل حرب 1967.

وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.

وخلّفت الإبادة الإسرائيلية 63 ألفا و746 قتيلا، و161 ألفا و245 جريحا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وأكثر من 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة قتلت 370 فلسطينيا بينهم 131 طفلا.

#إسرائيل
#أوروبا
#الحرب على غزة
#غزة
#معاداة السامية
#منتدى الحقوق
#هولندا