"دعم إسرائيل" في أمريكا لم يعد يجلب المكاسب بل الخسائر

07:0529/07/2025, الثلاثاء
تحديث: 30/07/2025, الأربعاء
عبدالله مراد أوغلو

التحوّل اللافت في الرأي العام الأمريكي بشأن الدعم غير المشروط لإسرائيل يقلق الصهاينة وشركاءهم داخل الولايات المتحدة. وتشير استطلاعات الرأي إلى تراجع التعاطف مع إسرائيل في جميع شرائح الناخبين. وبات نفوذ "اللوبي الإسرائيلي"، الذي اضطر إلى التحرك بشكل علني، أكثر انكشافًا وإثارة للانتباه في أروقة البيت الأبيض والكونغرس الأمريكي يومًا بعد يوم. الدعم غير المشروط لإسرائيل يُلحق الضرر الأكبر بالحزب الديمقراطي. فالهوة تتسع باستمرار بين نخب الحزب الديمقراطي التقليدية وبين الديمقراطيين الشباب. وقد لعب هذا

التحوّل اللافت في الرأي العام الأمريكي بشأن الدعم غير المشروط لإسرائيل يقلق الصهاينة وشركاءهم داخل الولايات المتحدة. وتشير استطلاعات الرأي إلى تراجع التعاطف مع إسرائيل في جميع شرائح الناخبين. وبات نفوذ "اللوبي الإسرائيلي"، الذي اضطر إلى التحرك بشكل علني، أكثر انكشافًا وإثارة للانتباه في أروقة البيت الأبيض والكونغرس الأمريكي يومًا بعد يوم.


الدعم غير المشروط لإسرائيل يُلحق الضرر الأكبر بالحزب الديمقراطي. فالهوة تتسع باستمرار بين نخب الحزب الديمقراطي التقليدية وبين الديمقراطيين الشباب. وقد لعب هذا التباعد دورًا بالغ الأهمية في خسارة كامالا هاريس في انتخابات عام 2024. فهاريس، التي كانت تشغل منصب نائبة الرئيس في عهد بايدن، لم تأخذ التحذيرات القادمة من القاعدة الشبابية على محمل الجد، ورفضت بإصرار الالتزام بأي وعد يربط الدعم العسكري لإسرائيل بشروط معيّنة.


سعى الحزب الديمقراطي والمؤسسات الإعلامية الرئيسية إلى التغطية على حقيقة أن الدعم غير المشروط لإسرائيل هو ما تسبب في خسارة هاريس للسباق الرئاسي. ففي التحليلات الصادرة عن هذه الأوساط، كان هناك لهجة متغطرسة تستخف بالأصوات المتعالية من الديمقراطيين الشباب ضد إسرائيل.

في الانتخابات التمهيدية لرئاسة بلدية مدينة نيويورك، التي تُعد معقلًا تقليديًا للديمقراطيين، تسبب فوز زهران ممداني، المعروف بانتقاده لإسرائيل، في زلزال داخل أوساط الحزب الديمقراطي والسبب في هذا الزلزال هو هزيمة أندرو كومو، الحاكم السابق المعروف بتأييده الشديد لإسرائيل، أمام ممداني. وقد جاء فوز ممداني، المولود في أوغندا والمنحدر من عائلة ذات أصول هندية، بمثابة مفاجأة غير متوقعة لكل من "اللوبي الإسرائيلي" والمؤسسة الديمقراطية. والآن، بات الحزب الديمقراطي في حيرة من أمره تجاه كيفية التعامل مع ممداني.


إن فوز ممداني في الانتخابات التمهيدية لرئاسة بلدية نيويورك، المدينة التي تمثل رمزًا عالميًا للولايات المتحدة، يُقلق جناح التيار الرئيسي المؤيد لإسرائيل داخل الحزب الديمقراطي. والسؤال المطروح حاليًا هو: هل ستعترف المؤسسة الديمقراطية بالحقيقة الجديدة، وهي أن الدعم غير المشروط لإسرائيل أصبح عامل خسارة لا ربح؟


الحزب الديمقراطي، الذي خسر البيت الأبيض، بات أيضًا أقلية في كل من مجلس النواب ومجلس الشيوخ. ففي انتخابات عام 2026، سيتم تجديد كامل أعضاء مجلس النواب وثلث أعضاء مجلس الشيوخ. أما "الإبادة الجماعية في فلسطين"، فقد أصبحت من القضايا الأساسية على جدول أعمال الرأي العام الأمريكي. والمشاعر المناهضة لإسرائيل التي تتصاعد في أوساط هذا الرأي العام بلغت درجة لا يمكن للحزب الديمقراطي تجاهلها.


وفي هذا السياق، حمل مقال بيتر بينارت المنشور في صحيفة "نيويورك تايمز" بتاريخ 6 يوليو عنوان: "على الديمقراطيين أن يدركوا أن وجهات نظرهم حول إسرائيل تتغير بسرعة". بينارت، وهو من أبرز الكُتّاب اليهود الليبراليين في الولايات المتحدة، أشار إلى أن الأوساط التي توقعت فشل ممداني في الانتخابات التمهيدية لم تدرك أن الرأي العام الأمريكي تجاه إسرائيل قد تغيّر بالفعل. وبحسب بينارت، فإن فوز زهران ممداني، المرشح الداعم لفلسطين، بهذا الشكل المفاجئ هو دليل على التغير المتسارع في المشهد السياسي الأمريكي.


وأوضح بينارت أن "فجوة إسرائيلية" كبيرة تشكّلت بين "الديمقراطيين الشباب" و"المؤسسة الديمقراطية"، محذرًا من أن تجاهل التغير الجذري في موقف قاعدة الناخبين الديمقراطيين تجاه قضيتي إسرائيل وفلسطين سيكون خطأ جسيمًا.


واستنادًا إلى استطلاعات الرأي، قال بينارت: "طالما استمرت النخب الديمقراطية في تقديم دعم شبه غير مشروط لإسرائيل رغم المعارضة الساحقة من الشعب، فإنها ستكون أكثر عرضة لتمرد سياسي من نوع ممداني في الانتخابات التمهيدية الرئاسية القادمة". كما شدد بينارت على أن الطريق مفتوح أمام مرشح ديمقراطي يتعهد بدعم حقوق الفلسطينيين لخوض الانتخابات الرئاسية في عام 2028.


وفي مقابلة مع برنامج "ديموكراسي ناو" بعد مقاله في صحيفة "تايمز"، قال بينارت إن الموقف من إسرائيل يتغير في جميع أنحاء البلاد، وأضاف:

"في عام 2013، كان الديمقراطيون يفضلون إسرائيل على الفلسطينيين بفارق 36 نقطة. أما اليوم، فهم يفضلون الفلسطينيين على إسرائيل بفارق 38 نقطة. حتى الجمهوريون الشباب، بل وحتى من هم دون الخمسين من الجمهوريين، باتوا يمتلكون نظرة سلبية تجاه إسرائيل."


الخلاصة، إن الدعم غير المشروط لإسرائيل بات مسألة شديدة الحساسية داخل الحزبين الرئيسيين اللذين يشكلان دعامة "المؤسسة الأمريكية". والصراع القائم بين أجنحة هذه الأحزاب التقليدية وقواعدها الشبابية يكشف عن ملامح مستقبل السياسة الأمريكية. وكلما أصبحت إسرائيل عبئًا أثقل على الأمريكيين، زادت حدة هذا الصراع. أما الولايات المتحدة، التي يُنظر إليها كامتداد لإسرائيل، فتزداد عزلة على الساحة الدولية.

#دعم إسرائيل
#أمريكا
#اللوبي الصهيوني
#الحزب الديمقراطي