تعرّض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لهجوم واسع بعد أن استخدم، خلال خطاب ألقاه يوم الخميس في أحد التجمعات، عبارة "شايلوك" Shylock للإشارة إلى المقرضين الذين يمنحون قروضًا بشروط قاسية، وذلك أثناء حديثه عن قانون الضرائب والإنفاق الذي أقره الكونغرس الأمريكي. المنظمات اليهودية سارعت إلى التنديد بتصريحاته، مؤكدة أن مصطلح "شايلوك" يُعدّ تعبيرًا معاديًا لليهود.
ترامب بدوره أوضح للصحفيين أنه لم يكن يعلم أن الكلمة تُستخدم كوصف معادٍ لليهود، قائلًا: "لم أسمع بذلك من قبل. بالنسبة لي، شايلوك هو الشخص الذي يُقرض بفوائد عالية. أنتم ترونه بشكل مختلف".
وفي سابقة مماثلة، كان جو بايدن، حين كان نائبًا للرئيس عام 2014، قد استخدم أيضًا مصطلح "شايلوك" خلال حديثه عن شكاوى جنود أمريكيين في العراق حول مصادرة منازلهم بسبب الديون البنكية، قائلًا: "أقصد أولئك الذين استغلوا هؤلاء الرجال والنساء أثناء وجودهم في الخارج – أقصد شايلوكات تلك الفترة". وقد تعرّض بايدن حينها لنفس الانتقادات من المنظمات اليهودية، التي رأت أن المصطلح يُجسّد تصورات نمطية سلبية عمرها قرون عن اليهود في الذهنية المسيحية. بايدن اعتذر لاحقًا، معترفًا بأن "شايلوك" كان اختيارًا سيئًا للكلمات.
من شاهد فيلم "تاجر البندقية" المستوحى من مسرحية شكسبير الشهيرة، والذي لعب بطولته الممثل الإيطالي الأصل آل باتشينو، سيتذكر شخصية شايلوك فورًا. فقد جسّد آل باتشينو في الفيلم شخصية المُرابي اليهودي القاسي القلب "شايلوك". وتدور القصة حول تاجر مسيحي في البندقية يستدين من شايلوك، ويشترط الأخير في عقد الدين أنه إن لم يُسدّد الدين في الوقت المحدد، يحق له أن يقتطع كيلوغرامًا من لحم التاجر من صدره.
وبعد أن تفشل سفن التاجر ويعجز عن السداد، يصر شايلوك على تنفيذ الشرط بحذافيره، رافضًا أية تسوية. وبينما يستعد لاقتطاع اللحم أمام المحكمة، يتدخل محامٍ بارع، ويقول له: "العقد يتيح لك كيلوغرامًا من اللحم، لا أكثر ولا أقل. ولكن إن سالت قطرة دم واحدة من دم التاجر المسيحي، فستُصادر كل ممتلكاتك لصالح دولة البندقية". تتغيّر الموازين فجأة، ويتحوّل شايلوك من جزار إلى ضحية.
عام 1962، كان عرض "تاجر البندقية" أول مسرحية يقدمها مهرجان شكسبير في نيويورك تحت إدارة المخرج جوزيف باب، وبُثّت أيضًا عبر قناة WCBS-TV. لكن مجلس الحاخامات في نيويورك احتجّ على ذلك، مطالبًا بعرض مسرحية أخرى لشكسبير بدلًا منها. وصرّح الحاخام إسرائيل موشوفيتز، رئيس المجلس، قائلًا: "أبلغنا السيد باب بقلقنا الشديد من أن إحياء كليشيه شايلوك المعادي لليهود على شاشات التلفزة قد يُلحق ضررًا بالغًا بروح التفاهم والصداقة بين مكونات المدينة". وقد وعد المخرج بعدم عرض المسرحية خارج حدود مدينة نيويورك.
ووُجدت أيضًا مواقف استخدمت فيها صورة "العم سام" – الرمز الأمريكي الشهير – على أنها "العم شايلوك". خلال الحرب العالمية الأولى، كانت الولايات المتحدة قد أقرضت عددًا من الدول الأوروبية، على رأسها بريطانيا وفرنسا، مبالغ ضخمة؛ وبلغت ديون بريطانيا وحدها قرابة 5 مليارات دولار. وبعد انتهاء الحرب، طالبت واشنطن باسترداد هذه الأموال، رغم أن الأوروبيين رأوا أن تسديدها مع الفوائد أمرٌ شبه مستحيل، وطالبوا بإسقاط الديون أو على الأقل إلغاء فوائدها. لكن الرئيس الأمريكي حينها، كالفين كوليدج، رفض ذلك قائلًا: "لقد استعاروا المال، أليس كذلك؟".
ردّت الصحف الأوروبية على هذا الموقف المتشدد بوصف أمريكا بـ"العم شايلوك"، واعتبرت أن الولايات المتحدة تتصرف بأنانية ولا تكترث لمعاناة الأوروبيين، ما يجعلها تستحق هذا اللقب. كما لعبت هذه الديون دورًا مهمًا في سقوط حكومة ديفيد لويد جورج الليبرالية في بريطانيا عام 1922، وتجدد الانتخابات. وظلّت المفاوضات حول تلك الديون مستمرة حتى ثلاثينيات القرن الماضي.
وفي الولايات المتحدة، تدور اليوم أيضًا نقاشات حول ما إذا كان الدعم الأمريكي اللامشروط لـ"إسرائيل" يأتي مقابل التبرعات الضخمة التي يقدمها ما يُعرف بـ"اللوبي الإسرائيلي" وبعض المليارديرات الصهاينة للمرشحين في الانتخابات. والثمن الحقيقي لهذه التبرعات، كما بات واضحًا، يُدفع من دماء وأجساد الفلسطينيين.
اسم BIST محمي مع الشعار وفق شهادة ماركة محمية، لا يجوز الاستخدام دون إذن، ولا يجوز الاقتباس ولا التحوير، كل المعلومات الواردة تحت شعارBIST محفوظة باسم BIST ، لا يجو إعادة النشر. بيانات السوق توفرها شركة iDealdata Finans Teknolojiler A.Ş. بيانات أسهم BİST تتأخر 15 دقيقة