بالأرقام.. هكذا يعمق الاحتلال أزمة الغذاء والطاقة باليمن

12:5225/07/2025, Cuma
الأناضول
بالأرقام.. هكذا تعمق إسرائيل أزمة الغذاء والطاقة باليمن
بالأرقام.. هكذا تعمق إسرائيل أزمة الغذاء والطاقة باليمن

- الخبير السياسي حسن مغلس: 90 بالمئة من غذاء اليمنيين يأتي من الخارج واستهداف ميناء الحديدة فاقم أزمة الغذاء بمناطق الحوثيين وإغلاقه يضاعف أسعار الغذاء والدواء والوقود ويعمق الجوع - الأكاديمي محمد صالح الكسادي: قصف ميناء الحديدة ومطار صنعاء يهدد الأمن الغذائي والطاقة لـ70 بالمئة من سكان اليمن وتهريب السلع من مناطق الحكومة بات المصدر الرئيس للغذاء في مناطق الحوثيين - الباحث السياسي علي العبسي: تعطيل مطار صنعاء يعرقل دخول الأدوية والمساعدات. الحوثيون يفرضون على التجار إدخال البضائع عبر الحديدة حصرا. مخزونات الغذاء والنفط لا تكفي سوى لشهور

بشكل متكرر، تشن إسرائيل غارات جوية على بنى تحتية حيوية في اليمن، لا سيما مطار صنعاء وميناء الحديدة غربي البلد العربي، الذي يعاني بالأساس أزمة إنسانية كبيرة.

ويجد ملايين اليمنيين أنفسهم في مهب أزمة إنسانية جديدة تهدد احتياجاتهم الأساسية من غذاء وطاقة ودواء، وسط اعتماد شبه كامل على الاستيراد والمساعدات.

ويعد ميناء الحديدة على البحر الأحمر الشريان الرئيس الذي يغذي نحو 70 بالمئة من السكان في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي.

وتفيد تقديرات بأن الميناء يستقبل 75 بالمئة من إجمالي واردات اليمن من الغذاء والوقود، ما يفسر حجم الكارثة المحتملة في حال تعطله.

ووفق برنامج الأغذية العالمي، تبلغ الطاقة الاستيعابية الشهرية لخزانات الوقود بالميناء نحو 93 مليون طن متري، بينما يستهلك اليمن حوالي 2.7 مليار طن متري سنويا، ما يعكس مركزية الميناء في تلبية احتياجات البلاد.

** ارتفاع الأسعار

الخبير السياسي حسن مغلس قال للأناضول، إن اليمنيين في مختلف مناطق البلاد يعانون من انعدام الأمن الغذائي.

وأضاف أنهم "يعتمدون بشكل شبه كامل على المساعدات والواردات التجارية، "فـ 90 بالمئة من احتياجاتهم الغذائية تأتي من الخارج".

وأوضح أن "طرق توفير الغذاء والطاقة تختلف من منطقة لأخرى، وهي تنحصر في أربع آليات رئيسية".

وتتمثل هذه الآليات في "المساعدات الدولية عبر المنظمات الأممية، والشراء من الأسواق المحلية رغم الغلاء، وتحويلات المغتربين وهي مصدر مهم للدخل، والوقود الذي يباع في السوق السوداء أو يهرب من المناطق الأخرى"، وفق مغلس.

وتابع أن "استهداف ميناء الحديدة يفاقم هذه الأزمات، خصوصا في مناطق سيطرة الحوثيين، الذين يعتمدون على الميناء مصدرا أساسيا للغذاء والوقود".

وزاد أنه على الرغم من محاولات تغطية النقص، عبر إدخال بعض الاحتياجات من الموانئ الشرعية بواسطة طرق برية إنسانية، "فإن الكلفة اللوجستية والتعقيدات السياسية تجعل هذا الخيار غير كاف".

مغلس حذر من أن المخزون الاستراتيجي لدى الحكومة أو الحوثيين أو حتى المنظمات الإنسانية لا يكفي سوى لفترة وجيزة.

ومنذ أبريل/ نيسان 2022، يشهد اليمن تهدئة نسبية ضمن حرب مستمرة منذ سنوات بين القوات الحكومية المعترف بها دوليا وجماعة الحوثي المسيطرة على العاصمة صنعاء ومناطق واسعة شمال البلاد.

واستطرد مغلس: "لا تملك البلاد مخازن غذائية أو نفطية تغطي أكثر من بضعة أسابيع، فيما يعتمد برنامج الغذاء العالمي على مخزون طارئ محدود".

وحذر من أن "إغلاق ميناء الحديدة أو مطار صنعاء ستكون له تبعات مباشرة على الأسعار، إذ سترتفع أسعار الغذاء والدواء والوقود، وتتضاعف تكلفة النقل، وتتعطل المساعدات".

وشدد على أن هذا الوضع "يعمق الفقر والجوع، ويهدد ملايين اليمنيين، خاصة في ظل القيود المفروضة من جماعة الحوثي على حركة التجار والبضائع القادمة من موانئ الحكومة".

** بدائل مكلفة

استهداف ميناء الحديدة أحدث خللا كبيرا في تدفق المواد الغذائية إلى مناطق الحوثيين، هكذا بدأ رئيس قسم العلوم المالية والمصرفية بجامعة حضرموت محمد صالح الكسادي حديثه للأناضول.

وأضاف أن هذا الخلل "أدى إلى تهريب السلع من المناطق التابعة للحكومة الشرعية، فضلا عن سرقة الغاز إلى مناطق الحوثيين نتيجة توقف الإمدادات الإيرانية القادمة من ميناءي الصليف والحديدة، وهو ما أحدث أزمة غاز في المناطق المحررة".

وتابع أن "معظم السكان باتوا يعتمدون على الطاقة الشمسية مصدرا رئيسيا للكهرباء، بعد أن أصبحت مصادر الطاقة التقليدية شبه معدومة منذ اندلاع الحرب".

وزاد أن هذا الاعتماد الكبير على الطاقة البديلة يعكس حجم الانهيار في البنية التحتية للطاقة، ويبرز هشاشة الواقع المعيشي اليومي للمواطن اليمني.

الكسادي قال إن "أكثر من 70 بالمئة من اليمنيين يتركزون في مناطق الحوثيين، و"بالتالي مع تدمير البنية التحتية لميناء الحديدة، فإن تدفق البضائع بات يتم عبر طرق بدائية مكلفة".

وشدد على أن ذلك "ينعكس على أسعار السلع النهائية في الأسواق، التي تعتمد على استيراد أغلب احتياجاتها".

ولفت إلى أن خزان الوقود الرئيس بالميناء تم قصفه منذ بداية العام، ولا يوجد أي مخزون استراتيجي حاليا لتغطية الطلب، و"يجري الاعتماد على محطات خاصة تملك خزانات محدودة، لكنها لا تكفي سوى لفترة قصيرة".

وقال إن أحدث قصف إسرائيلي لميناء الحديدة، في 21 يوليو/ تموز الجاري، أسهم في ارتفاع سعر لتر الوقود إلى نحو دولار واحد (مقابل نحو 50 سنتا في مناطق الحكومة الشرعية)، في ظل غياب البدائل.

وإجمالا، شنت تل أبيب 12 هجوما على اليمن منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، فيما تؤكد جماعة الحوثي أنها ستواصل مهاجمة إسرائيل حتى تنهي حرب الإبادة الجماعية على الفلسطينيين بقطاع غزة.

وحذر الكسادي من أن إغلاق الميناء والمطار بشكل كامل، مع تعطل حركة الطيران والمساعدات، سيؤدي إلى ارتفاع إضافي في الأسعار.

وأضاف أن هذا الوضع قد يدفع بمزيد من اليمنيين إلى خط الفقر، خاصة مع انكماش سوق العمل والركود الاقتصادي الناتج عن دمار البنية التحتية.

وسبق أن حذرت الأمم المتحدة من أن الوضع الإنساني في اليمن يتجه نحو مزيد من التدهور.

وأطلقت المنظمة وشركاؤها، في يناير/ كانون الثاني الماضي، خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن لعام 2025، حيث يحتاج 19.5 مليون شخص لمساعدات، في زيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي.

وقالت جويس مسويا نائبة رئيس المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، آنذاك، إن أكثر من 17 مليون يمني لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية.

وأعربت مسويا عن قلقها إزاء الفئات الأضعف، لا سيما النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 ملايين.

** قيود الحوثيون

ووفق الباحث السياسي علي العبسي فإن جماعة الحوثي تفرض على التجار في المناطق التي تسيطر عليها إدخال المواد الغذائية عبر هذا الميناء حصرا، ما يعزز مركزية الحديدة في تأمين احتياجات البلاد.

وأضاف العبسي للأناضول أن المخزون الغذائي والنفطي لا يكفي سوى لشهور.

وأفاد بأن المواد الغذائية أو النفطية تخزن في أماكن غير مؤهلة، مثل الأحواش المفتوحة، وغيرها من المناطق غير المناسبة للتخزين.

وتابع: قد يتم تخفيف الأزمة إذا خفف الحوثيون القيود المفروضة على التجار بالسماح لهم باستيراد السلع عبر الموانئ التابعة للمناطق المحررة، مثل عدن (جنوب) أو المخا (جنوب غرب).

واستدرك: إلا أن الأسعار سترتفع على أي حال، بسبب الضرائب المتعددة وتكاليف النقل البري الطويل.

العبسي أشار إلى أن معظم المواطنين في مناطق الحوثيين لا يحصلون على رواتب منتظمة، ويعتمدون على بيع ممتلكاتهم أو تحويلات المغتربين.

وأردف: وهو ما يتزامن مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية في هذه المناطق مقارنة بمناطق الحكومة الشرعية، ما يضع ملايين الناس في حالة معيشية شبه معدومة.

ولفت إلى أن بعض المدن تعاني من انقطاع الكهرباء لأيام متتالية، وتعتمد أخرى على مولدات خاصة مرتفعة الكلفة، في حين تفتقر مدن مثل تعز (جنوب غرب) إلى المياه بشكل كامل، ما يفاقم تدهور الوضع الإنساني.

العبسي قال إن مطار صنعاء رغم كونه لا يعد بوابة رئيسية للمواد الغذائية، "لكنه كان يلعب دورا مهما في إدخال الأدوية والمساعدات الطبية".

وختم بالتشديد على أن "تعطيل المطار يعني تفاقم النقص في القطاع الصحي، في وقت تشتد فيه الحاجة للخدمات الطبية".

#أزمة الغذاء
#الوقود
#اليمن
#جماعة الحوثي
#خط الفقر
#مجاعة