
- المحلل السياسي عثمان فضل الله، بحديث للأناضول: - عودة الحديث عن السلام بهذا التوقيت، يشير إلى أن تحقيقه هو الحل الأكثر اتزانا - محادثات جادة بوساطات إقليمية ودولية بدأت تثمر عن تفاهمات حول هدنة إنسانية
حراك سياسي كبير تشهده الساحة السودانية بغية إيجاد حل سلمي للحرب الدائرة في البلاد منذ أبريل/نيسان 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع.
يتزامن ذلك مع حراك إقليمي ودولي تقوده أطراف عدة على رأسها "الآلية الرباعية" الدولية بشأن السودان التي أعلن عن تشكيلها في سبتمبر/أيلول الماضي بقيادة الولايات المتحدة وتضم السعودية ومصر والإمارات.
ومن المقرر أن تعقد الآلية الرباعية اجتماعاتها في نيويورك خلال أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وتتمسك الحكومة السودانية بموقفها بأن السلام يحب أن يكون عبر خريطة الطريق التي طرحتها في فبراير/شباط الماضي.
والأحد، قال وزير الخارجية محي الدين سالم، إن الحكومة تضع على رأس أولوياتها تنفيذ خريطة الطريق التي أعلنها رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان.
وفي فبراير/شباط الماضي أعلن البرهان أن الحكومة طرحت خريطة طريق للانتقال المدني الديمقراطي في مرحلة ما بعد الحرب، تتضمن استئناف العملية السياسية والاتفاق على الثوابت الوطنية وتتوج بإجراء انتخابات.
وتنص خريطة الطريق على "تعيين حكومة كفاءات مدنية، وإطلاق حوار سوداني شامل لا يستثني أحدا، ويمهّد لقيام انتخابات".
وأضاف سالم أن خريطة الطريق تمثل المسار الوطني لتعزيز السلام، وإعادة تأهيل البنية التحتية، واستئناف تقديم الخدمات الحيوية بمختلف القطاعات.
** تفاوض مشروط
وتقول الحكومة إنها لا تمانع في التفاوض مع "قوات الدعم السريع" وفق خريطة الطريق التي تشترط انسحاب الأخيرة من جميع المدن التي تسيطر عليها وتجميعها في معسكرات بإقليم دارفور تمهيداً للتفاوض حول مستقبلها.
وفي لقاء مع نظيره السوداني الاثنين، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي "مواصلة مصر جهودها لتحقيق الاستقرار في السودان الشقيق".
وأشار إلى انخراط مصر بصورة فاعلة في الجهود الهادفة لوقف إطلاق النار وتحقيق هدنة إنسانية ووضع حد لمعاناة الشعب السوداني.
ولفت إلى أن مصر تشارك في "الآلية الرباعية" بهدف الوصول إلى تسوية للأزمة السودانية، ووقف الحرب، وتحقيق الاستقرار.
ويخوض الجيش السوداني و"الدعم السريع" منذ منتصف أبريل 2023 حربا أسفرت عن مقتل أكثر من 20 ألف شخص ونزوح ولجوء نحو 15 مليونا، بحسب الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدّرت دراسة أعدتها جامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفًا.
والسبت، نفى البرهان وجود مفاوضات "مع أي جهة حاليا"، مشيرا إلى استعداد المجلس "للتفاوض بما يصلح حال السودان وينهي الحرب بصورة تُعيد للبلاد كرامتها ووحدتها".
وقال البرهان الذي يتولى قيادة الجيش: "لا تفاوض مع أي جهة كانت، سواء كانت الرباعية أو غيرها".
وأضاف: "من يسعى للسلام ويضع مصلحة الشعب السوداني نصب عينيه نرحب به، أما فرض السلام أو الحكومة على الشعب، فلن نقبله".
وبحسب خبراء فإن خطاب البرهان، الذي يجمع بين الرفض السياسي والانفتاح المشروط، "يعكس توازنا دقيقا" بين حاجته إلى دعم داخلي يعزز شرعية الجيش، ورغبته في إبقاء قنوات التواصل مفتوحة مع المجتمع الدولي الذي يملك أدوات الضغط والمساعدة.
وفي 18 أكتوبر أعلنت قوي سياسية ومدنية، اتفاقها على رؤية وطنية موحدة للسلام والتحول الديمقراطي تمهيدا لانعقاد حوار وطني شامل داخل السودان بمشاركة القوى الوطنية دون استثناء أو إقصاء.
واتفقت القوى على تشكيل لجنة وطنية مستقلة لإدارة الحوار بعيدا عن التدخلات الخارجية.
وتضم هذه القوى كذلك أطراف السلام من الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام في جوبا (عاصمة جنوب السودان) في أكتوبر 2020، ومن وأبرزها "تنسيقية القوى الوطنية والكتلة الديمقراطية، والمؤتمر الشعبي"، بجانب حركتي العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم، وتحرير السودان بقيادة مني اركو مناوي.
** الحل الأكثر اتزانا
المحلل السياسي عثمان فضل الله، يرى أن "عودة الحديث عن السلام بهذا التوقيت العصيب يشير إلى أن السلام هو الحل الأكثر اتزانا القادر على إخراج البلاد من هذا الدوامة المميتة".
ويضيف فضل الله في حديث للأناضول: "أصبح الحديث عن السلام هو الصوت الأعلى داخليا وخارجيا، وتسللت لغة الهدنة والمصالحة إلى الجلسات الرسمية وغير الرسمية لتغدو موضوع الساعة".
ويتابع: "الأنباء تتوارد عن محادثات جادة بوساطات إقليمية ودولية بدأت تثمر عن تفاهمات حول هدنة إنسانية، قد لا توقف الحرب لكنها تفتح باب الأمل لوقف نهائي لإطلاق النار وتنقذ الوطن".
**تحالف "صمود" يدعم جهود الآلية الرباعية
في المقابل تدعم القوى المدنية المعارضة بقيادة التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة "صمود" بقيادة عبد الله حمدوك، جهود الرباعية الدولية لإحلال السلام في السودان.
وأفاد التحالف في بيان، الخميس، أن وفده عقد لقاءً تشاوريا مع فريق من مفوضية الاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية للتنمية "إيغاد" والأمم المتحدة والجامعة العربية، حول سبل إطلاق عملية سياسية ذات مصداقية تقود إلى إنهاء الحرب وإحلال السلام.
وأكد أن خريطة الطريق تلبي تطلعات قطاعات واسعة من الشعب السوداني، وعليه يجب البناء عليها وإنشاء آلية تنسيق واسعة تضمن توحيد كافة الجهود لإحلال السلام.
إلا أن محللين يرون أن تعدد أجندة الأطراف الأربعة داخل الآلية الرباعية يصعب التوصل إلى موقف موحد.
وفي الآونة الأخيرة عقد وزراء خارجية دول الآلية الرباعية اتصالات ولقاءات ثنائية بشأن حل الأزمة السودانية.
والخميس، التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط مسعد بولس، في القاهرة لبحث سبل إنهاء الحرب في السودان وتقوية المساعي الإقليمية لتحقيق السلام.
وفي 12 سبتمبر الماضي، دعت أطراف الآلية الرباعية إلى هدنة إنسانية لـ3 أشهر في السودان، لتمكين دخول المساعدات الإنسانية إلى جميع المناطق تمهيدا لوقف دائم لإطلاق النار.
يلي ذلك، إطلاق عملية انتقالية شاملة وشفافة تُستكمل خلال 9 أشهر، بما يلبّي تطلعات الشعب السوداني نحو إقامة حكومة مدنية مستقلة.
وتتصاعد الدعوات لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع ملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال.