
يشهد قطاع التعليم العالي في بريطانيا أزمة مالية غير مسبوقة، مع تحذيرات رسمية من احتمال إفلاس نحو 50 جامعة خلال العامين المقبلين، في ظل تراجع الإيرادات واعتماد مفرط على رسوم الطلاب الأجانب.
ووفق تقرير نشرته صحيفة تلغراف، قالت سوزان لابورث، الرئيسة التنفيذية لمكتب الطلاب (OfS)، أمام لجنة التعليم في مجلس العموم، إن 24 مؤسسة تعليمية وُضعت في "أعلى فئة للمخاطر"، ما يعني احتمال انهيارها خلال الأشهر الـ12 المقبلة، بينما تواجه 26 مؤسسة أخرى الخطر نفسه خلال السنوات التالية.
وأضاف التقرير أن بعض الجامعات الصغيرة هي الأكثر تأثرًا، غير أن نحو 20 جامعة كبرى—بينها سبع مصنفة ضمن أعلى مستويات المخاطر—تعاني أيضًا ضغوطًا مالية حقيقية، رغم عدم الكشف عن أسمائها.
وشددت لابورث على أن مكتب الطلاب لا يتوقع "انهيارات فوضوية"، مؤكدة أن تقييم المخاطر يعتمد نهجًا محافظًا يسمح بالتدخل المبكر عند الضرورة. لكن رئيسة لجنة التعليم، هيلين هايز، وصفت الوضع بأنه "خطير للغاية"، حتى وفق المعايير الحكومية.
أسباب الأزمة
ويربط التقرير الأزمة الراهنة بتجميد رسوم التعليم العالي لسنوات طويلة، إضافة إلى التراجع الكبير في أعداد الطلاب الأجانب الذين تعتمد عليهم الجامعات لتعويض نقص التمويل الحكومي. كما حذّر مكتب الطلاب الأسبوع الماضي من أن 45% من المؤسسات التعليمية ستسجل عجزًا هذا العام، ما دفع العديد من الجامعات إلى تنفيذ إجراءات تقشف، منها تسريح آلاف الموظفين ودمج مؤسسات لتجنّب الإفلاس.
إجراءات تقشف وإلغاء تخصصات
وألغت جامعات بارزة مثل نوتنغهام تخصصات كاملة، بينها اللغات الحديثة والموسيقى واللاهوت، فيما تراجعت جامعة كارديف عن إغلاق برنامج التمريض بسبب الحاجة إلى الكوادر الصحية. وقدّر اتحاد الجامعات والكليات أن أكثر من 15 ألف وظيفة أُلغيت خلال عام واحد.
رسوم جديدة وضريبة على الطلاب الأجانب
وتخطط الحكومة البريطانية لرفع تدريجي في رسوم الدراسة قد يصل بحدّه الأقصى إلى 12 ألف جنيه إسترليني لدرجة البكالوريوس بحلول نهاية العقد، مع فرض ضريبة جديدة بنسبة 6% على الطلاب الأجانب لتوجيهها نحو تمويل منح الصيانة للطلاب المحليين. وأكدت وزيرة الجامعات أن تأثير هذه الإجراءات على التدفقات الدولية سيكون "محدودًا".
دعوات للاندماج وتقاسم الموارد
وفي ظل الظروف المتفاقمة، دعا مكتب الطلاب الجامعات إلى اتباع نهج تعاوني وتقاسم الموارد لتقليل التكاليف، مشيرًا إلى اندماج جامعتي كنت وغرينتش باعتباره نموذجًا يمكن تكراره. من جانبها، قالت وزارة التعليم إنها تعمل على إعادة الاستقرار إلى القطاع عبر إصلاحات تشمل تعزيز دور مكتب الطلاب ورفع سقف الرسوم لضمان الاستدامة المالية.






