الفخ الذي نُصب في شرم الشيخ… كيف أحبطه أردوغان؟.. إسرائيل ستقوم بتحركات من قبرص ضد تركيا.. الهدنة لا تبيّض الإبادة

07:0716/10/2025, الخميس
تحديث: 26/10/2025, الأحد
إبراهيم قراغول

هل طهّر وقف إطلاق النار أيدي من ارتكبوا إبادة في غزة؟ هل يبرئ قبول القتلة الذين قتلوا عشرات الآلاف من الأطفال بشكل منهجي أنفسهم بالموافقة على الهدنة؟ هل سيظل هؤلاء هم الحاضرون على طاولات السلام والمساومات؟فيما تُعرض جرائم نتنياهو ورفقائه ضد الإنسانية على الملأ، فإن تقييدهم بالأغلال ومحوهم من عائلة البشر ومن صفحات التاريخ واجب يفرضه الضمير الإنساني — ولن نصمت عن ذلك. كما حوكم النازيون وإن وُجدوا في قُرى الأرجنتين أو غابات البرازيل وحُاكموا بعد عقود، حتى من بلغَ مئة عامًا أُدان؛ هكذا سيكون مصير نتنياهو

هل طهّر وقف إطلاق النار أيدي من ارتكبوا إبادة في غزة؟ هل يبرئ قبول القتلة الذين قتلوا عشرات الآلاف من الأطفال بشكل منهجي أنفسهم بالموافقة على الهدنة؟ هل سيظل هؤلاء هم الحاضرون على طاولات السلام والمساومات؟فيما تُعرض جرائم نتنياهو ورفقائه ضد الإنسانية على الملأ، فإن تقييدهم بالأغلال ومحوهم من عائلة البشر ومن صفحات التاريخ واجب يفرضه الضمير الإنساني — ولن نصمت عن ذلك.

كما حوكم النازيون وإن وُجدوا في قُرى الأرجنتين أو غابات البرازيل وحُاكموا بعد عقود، حتى من بلغَ مئة عامًا أُدان؛ هكذا سيكون مصير نتنياهو ورفقائه.


سيدخلون إلى معاقلهم. سيُفعل معهم ما فُعل بالنازيين.


سيُضرب بيدٍ من حديد إلى أعماق أوكارهم. لن يجدوا متنفسًا حتى في أبعد أركان الأرض. لا بد أن يتحرك كل من يحترم الإنسانية بما يستطيع من ضغوط عالمية تجعل من غير الممكن لأي دولة أن تمنحهم ملاذًا. إن تركناهم يرتاحون، فسيفعلون في العالم شرًا يعادل عشرة أمثال أو مئة مثل ما فعلوا في غزة.

لا يمكننا السماح لأولئك الذين لا تعرف مفرداتهم معنى «السلام» أو «الخير»، ملعوني البشرية، أن يتجوّلوا في مدننا وشوارعنا ويشعروا بالحرية. كما قاومنا الإبادة، يجب أن نقف بحزم لنجعل مرتكبيها يدفعون الثمن.


لا سلام مع الإسرائيليين إلا بالقوة. ولا يمكن منح الشعب الإسرائيلي دولة مستقلة كاملة الأهلية.


أولئك الذين حوّلوا غزة إلى خراب تراجعوا الآن مؤقتًا، لكنهم سيخرقون هذا الاتفاق. السلام معهم لا يتحقق إلا بفرضه قهرًا وبالقوة.

يجب أن يُفرض السلام عليهم ويُجبروا عليه. وعلى كل من شارك في الإبادة أن يدفع ثمنًا لا يجعل أي إسرائيلي يفكّر في تكرار ذلك.

لذلك لا يمكن أن تُقام دولة «إسرائيلية» مستقلة بمعناها الأخلاقي والواجب؛ فقد أثبتوا عدم أهلّيتهم لذلك. لا يجوز ترك هذا الشعب لحاله؛ يجب تضييق مجال حركته ووضعه تحت ضغط ومصادرة إمكانيات الشر عنه.


لقد حوّلوا غزة إلى ركام خلال عامين. الآن يقولون: لتتولَ الدول العربية إعادة الإعمار. نعم، يجب أن تفعل، ويجب أن تمول. لكن على إسرائيل أن تتحمّل تعويض هذا الضرر.


المحاكم يجب أن تُشلّ! لكن هذا لا يُحلُّ إلا بالقوة.


يجب أن تُفتح ملفات قانونية تحطم النظام القضائي الدولي إن لزم: تُحضَّر قضايا كل مجرم على حدة وتُنشر في الإعلام حتى يعرف الناس وجوههم في كل مكان ويقذفونهم بالعار عندما يظهُرون.

لكننا نعلم أن هذا لن يُحلّ بالقانون وحده؛ الحل سيكون بالقوة والسلاح. لذا يجب التحضير لاستعمال القوة عند الحدود البرية لإسرائيل وفي البحر المتوسط الآن.


لا بد أن تُدرك الدنيا عاجلًا أم آجلًا أن هذا لن يُحلّ إلا بالقوة. حينها سيُدرك الجميع مدى الخطر الذي تمثّله خريطة كهذه للبشرية بأسرها.


دُبّرت مؤامرة في شرم الشيخ

أي صورة كان من المقرر أن تُعرض؟


أمّن الرئيس أردوغان موقفًا صارمًا ومنع مشاركة نتنياهو في قمة شرم الشيخ. لقد أثبت مرة أخرى أن اتخاذ موقف حازم يُثمر نتائج. ويجب تعميم هذا الموقف في كل الميادين.

أثر هذه الوقفة التي جرت فوق البحر الأحمر ستُكتب لاحقًا في صفحات التاريخ السياسي؛ وعندما نواجه غدًا أزمات أكبر مرتبطة بإسرائيل ستتضح أهميتها أكثر. تخيّل:


قبل هبوط طائرة أردوغان في القاهرة، وصل خبر أن نتنياهو سيحضر القمة بدعوة من ترامب و(السيسي). في الواقع كان ذلك مكيدة؛ معظم القادة المشاركين لا يرغبون في التواجد في صورة واحدة مع نتنياهو، لكن حاولوا المحاولة.


لو حضر نتنياهو لَما شارك أردوغان أبداً!


لو صدر قرار أردوغان بعدم الحضور لكان عاد إلى أنقرة؛ ورغم أن لاحقًا برّروا الأمر بأسباب فنية، فإن إقدام رئيس جمهورية على تجاوز مدرج الهبوط حتى لأسباب فنية يبقى حدثًا خطيرًا. أردوغان بلّغ السيسي: «إن شارك رئيس وزراء إسرائيل فلن أحضر، سأعود إلى أنقرة».

أنا مقتنع تمامًا أن أردوغان كان سيلغي حضوره أمام مثل هذه المكيدة. فصورة كهذه بعد الإبادة كانت لتكون كارثة كبرى؛ لذا منع أردوغان التقاطها.


يُقال إن طائرة نتنياهو كانت في الجو ولم تتمكن من الهبوط فاضطرت للعودة إلى إسرائيل.

تركت تركيا الفخ وكشفت موقفًا حاسمًا وأدخلت نتنياهو في موقفٍ مهين.


«عصر الدول الراعية والقادة الأقوياء» — هذا ما حدث!


أثناء القمة، أقدم أردوغان على خطوة بارزة: بينما وقف القادة خلف ترامب يستمعون لخطابه واقفِينَ، رفض أردوغان الوقوف واستمع جالسًا، معبرًا عن موقفه. عُلِمَت مرة أخرى قوة النموذج: القائد القوي والدولة الفاعلة.

إذا لم نتحرك هكذا فسيصعب علينا اتخاذ قرارات صحيحة لاحقًا؛ لأن الاحترام اليوم يُبنى هكذا، وتُشيّد القوة بهذا الشكل. كلمات ترامب المديحية لأردوغان تعكس رغبة في صورة القائد القوي.


نتنياهو سيسعى للانتقام من تركيا عبر قبرص.


سيبحث عن فرصة للانتقام بعد طرده من شرم الشيخ، وسيحاول إيذاء تركيا بطرق جديدة. بعد القمة دعا رئيس جمهورية قبرص ريكودوليديس إلى إسرائيل — وهذه لفتة لافتة للانتباه.

يربط البعض ذلك بملف فساد نتنياهو، لكنني أرى الأمر أكبر: إسرائيل استثمرت بكثافة في قبرص خلال سنتين؛ مساندات عسكرية، اتفاقيات، تدريبات مشتركة، وتحويل جزء من الإدارة الرومية إلى قاعدة عسكرية.


فعلت إسرائيل ذلك مسبقًا مع اليونان، وعقدت شراكات عسكرية عديدة وامتلأت إٍلى جزر والبحار بأسلحة وقوات، ودفعَت أثينا إلى مواجهة مع تركيا.


استهداف تركيا من قبرص — ماذا قد يعني ذلك؟ لقد كانت منطقة الدعم اللوجستي الرئيسية لإبادة غزة.


السلطة الرومية صارت قاعدة لوجستية مهمة لإسرائيل خلال عامَي إبادة غزة؛ انطلقت منها التوريدات، وبعض الدول الأوروبية شاركت عبر مسارات من هناك. عند قصف إيران لتل أبيب لجأ بعض الإسرائيليين إلى هناك. وحتى عمليات شراء عقارات لشركات إسرائيلية جرت على أراضٍ في شمال قبرص.

نتنياهو حوّل الغُصْن الرومي إلى قاعدة عسكرية ضد تركيا، وما سيُقدِم عليه لاحقًا غير واضح، لكن سيسعى حتماً إلى إلحاق أذى بتركيا عبر تلك القاعدة. لذا يجب الانتباه لانتخابات شمال قبرص واللعبات السياسية وإمكانية تقوية معارضةً مناوئة لتركيا في الإطار ذاته.


كانت «المائدة الأخيرة». لقد انتهى طريقهم. موت إسرائيل وارد.


لن يتوقفوا إلا إذا شعروا بظلال السلاح على حدودهم، أو صار الخوف يعم مدنهم. لذا فقد حان وقت فرض السلام بالقوة، وزرع خيار الحرب إن تطلب الأمر. هذا ما سيأتي.

على نتنياهو ورفقائه أن يعلموا: لقد انتهى طريقهم؛ لا قدرة لهم على مواجهة القوة التركية السائدة.


المائدة التي أُقِيمت في شرم الشيخ كانت «المائدة الأخيرة». إن أفشلوا ذلك فستتعرض وجودهم في هذه الجغرافيا لخطر حقيقي. وهم يعلمون ذلك، لذا قد يتصرفون بشكلٍ جنوني. لكن ذلك سيكون موتهما.

أعيد وأكرر: الهدنة لا تُبيّض الإبادة؛ لا تُبرئ نتنياهو ورفقاءه؛ لا تمنع تقيديهم بالأغلال أو محاسبتهم. سيُلاحقون إلى أعماق أوكارهم ويُحاسَبون. لن يُمحى ذلك. وهذه المرة لن تنجح تلك التكتيكات.

#شرم الشيخ
#هدنة غزة
#أردوغان